الانطلاق في توزيع المخزون التعديلي لمادة البطاطا بولاية نابل    قنصلية تونس بدبي تُعلّق خدماتها يوم الجمعة...التفاصيل    رئاسية 2024 : وزارة التربية تعلق الدروس هذا اليوم    رئيس الحكومة يؤكد: تسهيلات جديدة لدعم استثمارات أوريدو في قطاع الاتصالات بتونس    وضعية التزويد بالقهوة وتكوين مخزونات استراتيجية محور جلسة عمل وزارية    سفينة محمّلة ب13 ألف طنّ من سماد الأمونيتر في ميناء بنزرت    جريدة الزمن التونسي    ضربة إيران لدولة الاحتلال تجمد مباراة في دوري أبطال آسيا 2    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من الجولة الثانية    تونس في أقلّ من سنة: 14 ألف شخص مورّط في قضايا مخدّرات    الحماية المدنية: 470 تدخل خلال ال24 ساعة الفارطة    غرق مركب حرقة بجربة: القبض على المنظم الرئيسي وزوجته و10 وسطاء    محرز الغنوشي يُطمئن التونسيين: ''الغيث أوّله قطرة''    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    عاجل : ناقوس خطر يهدد ملايين البالغين    رئاسية 2024 : اليوم الأربعاء آخر أيام الحملة الانتخابية في الخارج قبل دخول "الصمت الانتخابي"    بسبب عقود مشبوهة.. هذا ما قرره القضاء في ملف فساد مالي شمل هؤلاء    عاجل/ حادثة غرق مركب هجرة بجربة: هذه آخر المستجدات وحصيلة الايقافات..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 2 اكتوبر    88 ألف طن انتاج الطماطم الفصلية بولاية القصرين خلال الموسم الحالي (فيديو)    شرطة الدانمارك تحقّق في انفجارين قرب سفارة إسرائيل..#خبر_عاجل    سوسة المدينة القبض على مروّج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    عاجل/ رئيس الأركان الإيراني يهدد بضرب كل البنى التحتية للمحتلّ..    انفجار في مطار ميازاكي باليابان يتسبب بإلغاء جميع الرحلات الجوية    الرئيس الإيراني: هذا جزء فحسب من قدراتنا...لا تدخلوا في مواجهة مع ايران"    عاجل/ جماعة الحوثي تؤكد استهدافها مواقع عسكرية في عمق "إسرائيل" بصواريخ..    طقس الاربعاء: الحرارة في ارتفاع مع أمطار بهذه المناطق    حالة الطقس اليوم الأربعاء    بعد نشر صورهم على انهم غرقى.. ضبط 22 مجتازًا تونسيًا قبالة سواحل قرقنة    بينهم لطفي بوشناق: مهرجان الموسيقى العربية يكرم رمزا أثروا الساحة الفنية في العالم العربي    استشهاد 30 فلسطينيا بضربة إسرائيلية لمدرسة في غزة    استعداد لبناني للتنسيق مع تونس لتأمين عودة آمنة لأفراد الجالية التونسية    الانتخابات الرئاسية الأمريكية: مواجهة حادة بين والز وفانس في مناظرة نائب الرئيس حول قضايا الشرق الأوسط والهجرة والاقتصاد    رئيس الوزراء الفرنسي يدعو إلى سياسة أكثر صرامة في قضايا الهجرة والدمج    دوري أبطال أوروبا.. نتائج مباريات اليوم    أولا وأخيرا ..ربيعنا وخريفهم    تونس وألمانيا تشرعان في تنفيذ برنامجي تعاون فني لدعم البنية التحتية للجودة في مجالي التنمية الاقتصادية والهيدروجين الأخضر    تصفيات كاس امم افريقيا لاقل من 20 سنة -منطقة اتحاد شمال افريقيا - المنتخب التونسي يفتتح سلسلة مبارياته بمواجهة نظيره الليبي يوم 14 نوفمبر    وزير الشباب والرياضة: مشروع المدينة الرياضية بصفاقس لا يمكن انجازه في الوقت القريب نظرا لما يتطلبه من اعتمادات كبرى"    ستة أفلام تونسية تشارك في الدورة الأربعين من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط    وزيرة التجهيز توصي بتسريع تنفيذ اشغال تدعيم الطريق الرابطة بين مفترق جلمة وحدود ولاية القصرين    المجلس البنكي والمالي والوكالة الايطالية للتعاون الانمائي يوقعان مذكرة تعاون لدفع الاستثمارات المستدامة    عاجل : الناخب الوطني فوزي البنزرتي يقدم قائمة اللاعبين المدعوين في هذا اليوم    فتح باب الترشح للدورة الثانية من المهرجان الوطني للمسرح التونسي    معهد تونس للترجمة : لا سبيل لإلغاء العقل البشري في الترجمة وتعويضه بآلة    لاعب اتحاد بن قردان يتعرّض الى حادث مرور خطير    متى يتم الإعلان الشهر القمري ؟ة    النادي الإفريقي يعلن غلق المنعرج الشمالي في مباراته القادمة    تم نقله عبر الطائرة إلى ولاية صفاقس: إنقاذ مريض أصيب بجلطة قلبية في قرقنة    بمناسبة اليوم العالمي للقهوة: هل تعلم ما مصدر فنجان سعادتك؟    تلاقيح "القريب" ستكون متوفّرة بالصيدليات بداية من هذا الموعد    انطلاق تصوير سلسلة "سلة سلة"    إحياء الذكرى التسعين لوفاة الشابي في افتتاح الموسم الثقافي بولاية توزر    القط الروسي الشهير "كروشيك" يبلغ وزنا قياسيا والأطباء يفكرون بالحل    كلام من ذهب..البعض من أقوال محمود درويش    طربيات النجمة الزهراء من 17 إلى 20 أكتوبر 2024    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    الشاعر بوبكر العموري.. القضاء على الفساد وبناء الدولة رهين مشروع ثقافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرد حساب قبيل الانتخابات:د.محمد احمد جميعان
نشر في الفجر نيوز يوم 30 - 10 - 2010


هذا ما قدمته الحكومة للمتقاعدين العسكريين !! ..
د.محمد احمد جميعان
انتهى موعد الترشح للانتخابات البرلمانية، وراينا من ترشح، ولا تعليق لدي، نظرة واحدة كافية للخروج بالانطباع عن ذلك، فالمقاولون والتجار والبزنس مع احترامنا لهم غالبون، ولكن يكفي ان اجتهد لاقول اللون واحد والطعم واحد والنوم واحد، وغاب عن الترشح الرموز والشخصيات التي استكتلت الحكومة على مشاركتهم ولم يستجيبوا لها اطلاقا رغم الوعود والجاهات، بل وانسحب بعض منهم بعد النية والترشح في اضواء اضعفت واقع ما تريده الحكومة، ناهيك عن غياب المشاكسون(الفاعلون) عنها وهم في واقع الامر من يعطي الديمقراطية حيويتها امام الراي العام المحلي ومصداقيتها اما الراي العام العالمي، من المعارضة الفاعلة ولم يبق سوى ما تعلمون..

واستجمعت الحكومة قوتها مرة اخرى او ما تبقى لها من عزم، لتحشد من اجل زيادة نسبة الاقتراع بعد الواقع الذي رايناه من الترشح ، واستخدمت كل الرموز والاساليب والافكار والمعتقدات التي لم تخطر على قلب بشر، وكسرت بذلك ما لم يكسر من قبل والكل يعلم بها، لدرجة ان بعضها كان يعاب على الاخرين من الافتاء الى منابر المساجد، حتى ان مراقب الاخوان ضجر من ذلك.. بالامس كنتم تقولون لهم لا تستخدموا الدين في السياسة فما الذي جرى ؟!

مقاطعة الانتخابات ترشحا وانتخابا حق ديمقراطي، يعبر عن موقف تجاه الحكومة التي تجري في ظلها الانتخابات، او القانون الذي تجري على اساسه الانتخابات، او الالية التي تجري بها، او لاعتبارات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية كثيرة يقدرها الفرد او الجماعة او الحزب او القوى التي تتخذ هذا القرار بالمقاطعة، ومن هنا تاتي المشاركات عادة في الاقتراع عالميا بمعدل منخفض عموما. وقد سبق لجماعة الاخوان المسلمين ان اتخذوا مثل هكذا قرارا في السابق، وقد اعلنت الجماعة هذه المرة انها لن تشارك ترشحا وانتخابا والتزمت بذلك رغم الجاهات والمحاولات والصولات والجولات والحوارات، فارتفعت اسهمها وانخفظت اسهم الحكومة في النفوس في ظل تخبط الحكومة وقلة خبرتها وضعف حكمتها ؟!

ان تدني نسبة المشاركة في الانتخابات يعطي دلالات ويوصل اشارات ان هناك خلل اواعتراض اواستياء من واقع ما، ويعني سياسيا رفضا وعدم قبول للواقع السياسي القائم جزئيا او كليا، او لقضية مطروحة شكلت ردة فعل ادى الى العزوف عن المشاركة، وهو تعبير شعبي قوي عن موقفها، وقد يكون خطيرا عندما تتدنى نسبة الاقتراح الى حدود غير مقبولة يكون معها الاقتراع تعبيرا عن عدم القبول.. وقد يكون اخطر عندما تتدنى نسبة الاقتراع مثلا في الريف والبادية عنها في المدن او العكس، اذ سيكون عندها المؤشر قويا بعدم العدالة قد يسبق تطور مهم وخطير في المجتمع..

الحكومة برئاسة الرفاعي الابن تنتظر على احر من الجمر ارتفاع المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة لتصل الى نسبة مقنعة من عدد المقترعين، تثبت حضورها على الساحة ولتستمر في مواصلة توليها الولاية العامة التي استفزتنا بها، وخلقت اجواء غير صحية على كل المستويات..

وهي قلقة الى ابعد الحدود، الى حد التخبط من احجاب الكثرة الغالبة عن التصويت سيما الارياف والبوادي والمتقاعدين العسكرين والتجمعات السكانية خارج العاصمة التي تعاني الفقر والبطالة وتفتقر للمشاريع الاستثمارية التي يقرأون عنها ولا يشاهدونها في مناطقهم.

سيما ان حجم المقاطعة تتمدد وتتوسع من الاحزاب المؤثرة والشخصيات الرموزية التي تكرر خوضها واصبحت مقياسا وامتنعت او انسحبت او اعتكفت عن الترشح او القوى الجديدة المؤثرة كالمتقاعدين العسكريين وغيرهم الذين اعلنوا مقاطعتهم، ولعل المزعج لها اكثر هو بيان المتقاعدين وجبهة العمل الاسلامي وحزب الوحدة الشعبية والقوى المؤثرة التي اعلنت المقاطعة بقوة واصرار واندفاع غير مسبوق.

لقد اصبح السير في اجراء الانتخابات طوق النجاة الوحيد لبقاء الحكومة على الاقل لنهاية هذا العام بعد ان وصلت الى حائط مسدود شعبيا وسياسيا، ولم يسبق لحكومة ان وصلت لهذا المستوى المتدني من الشعبية وضعف القبول وعدم الارتياح كما هي هذه الحكومة، بل اصبحت عبئا ثقيلا على مكونات الدولة وهي تثير الزوابع المتلاحقة التي نجمت عن فقدان البوصلة وضعف الحكمة والسياسة في مسيرتها، ولم يعد لها الا الانتخابات القادمة كوسيلة لاشغال القوى والاحزاب والنخب والشعب عن تخبطها وجملة المطالبات برحيلها.

جاء قانون الانتخابات الجديد من قبل حكومة غير شعبية ومتخبطة سياسيا في قانون مؤقت بمثابة صفعة او عدم اكتراث لبيان المتقاعدين العسكريين وباهتا ومهملا لمطالب الاحزاب المعارضة التي تطالب بتغيير الصوت الواحد، ولم اجد من رحب به من القوى والاحزاب والنخب سوى الحكومة واقلامها ونخبها التي تروج له وبعض من يرى فيه تحقيقا لمصلحته.

لقد سبق لجهة حقوقية شبه رسمية ان انتقدت الانتخابات السابقة بشكل حاد ومفزع غير مسبوق، وقد رافق ذلك انتقادات بالجملة من احزاب وقوى نعتت الانتخابات السابقة بالمزورة، وقد ترك ذلك اثرا سلبيا عميقا في الراي العام الارني افقدهم المصداقية في اجراء الانتخابات، وجاء حل مجلس النواب على خلفية ذلك بعد ان تدنت شعبية بما رافق ذلك من انتقادات حادة له، وهذا الموقف يضاف الى قانون مؤقت لم يلب طموحات الاخرين في ظل حكومة غير مقبولة شعبيا ومتخبطة سياسيا في قانون مؤقت جل ما يمكن قوله بانه يطيل عمر الحكومة ويؤجل رحيلها، والاخطر انه يجعل من التغييرات الجديدة المضافة على قانون الانتخابات امرا واقعيا مستساغا يؤسس لاجندة طالما اكثرنا الحديث فيها ؟!

ان اجراء الانتخابات على ضوء هذا القانون المؤقت وفي ظل هذه الحكومة يعني ضمنيا القبول بالقانون الجديد وترسيخ ما استجد عليه من تغييرات وبالآلية التي صدر بها، كما يعني ثقة ضمنية عملية على هذه الحكومة التي تجري في ظلها الانتخابات، وهو خدمة لحكومة تبحث عن النجاة والبقاء لتنفيذ اجندتها، وهو ايضا فقدان لمصداقية من انتقد القانون القديم والجديد، وقبول بالقانون الذي جاء خلافا لمطالبهم وقد مارست فيه الحكومة الصلف والعنادة والاذعان لها..

اما المتقاعدون العسكريون التي تحاول الحكومة الان محمومة كسب ودهم (بالكلام والوعود) للمشاركة بالاقتراع، فهم يتداولون المثل الشعبي ردا على الحكومة "قليل العقل يرضيه الكلام" وهم اصحاب العقل واهله، فل يرضيهم الكلام؟! وهم الذين يزيدون عن (130) الف بمجموع اسرهم والمتأثرين بهم الى نحو مليوني نسمه يشكلون عصب الدولة وعمودها الفقري وحاضنتها الامنة..

والحكومة وللاسف تناست ما اقدمت عليه بحقهم، عندما اغفلت واقعهم وهم من تقاعدوا في ريعان شبابهم بعد ان افنوا زهرة شبابهم وخرجوا براتب تقاعدي لا يسمن ولا يغني من جوع وهم احوج واولى بالرعاية بل وحقهم ان يحتفظوا برواتبهم كما هي مع مراعاة الزيادة السنوية والموسمية الدائمة لهم لان تقاعدهم لم يات على بلوغ السن او العجز او التقاعس او بطلب منهم بل تبعا لهيكلة الجهاز العسكري الدائمة وهم بالتالي لهم الحق كل الحق في أي هيكلة للرواتب.

ناهيك عن أن الحكومة تعلم علم اليقين ان جلهم وبما يزيد عن 85% منهم يتقاضون راتبا يقل عن 250 دينارا لرب اسرة من اربعة افراد او يزيد لتكون النتيجة حدود الفقر المدقع.. جاءت الحكومة الرفاعية هذه وهيكلت الرواتب واستثنت المتقاعدين القدامى في سابقة لم تسجل الا في تاريخ هذه الحكومة.. واصبح معه راتب المتقاعد الجديد بعد حزيران/يونيو 2010 نحو ضعف المتقاعد القديم تقريبا (ما قبل حزيران/يونيو 2010)، وتوقف معه التاريخ الهجري والميلادي واصبح لديهم التاريخ ما قبل حزيران/يونيو 2010 وما بعده، ليكون العنوان لم تكتف الحكومة بالفقر لهم، بل اضافت لهم الغبن والشعور بالظلم.. وهو ما اورد مضامينه ومطالباته وحيثياته ومخاطره كتاب مدير مؤسسة المتقاعدين العسكريين السابق العبادي الى وزير الدولة السابق الشمايله عطر الله ذكرهما، واي عاقل يدرك ان الفقر اذا اضيف له الغبن والشعور بالظلم ما هي النتيجة ؟!

وبهذا القدر الكافي لن ازيد، وبعد:
هل تريد الحكومة منا الانتخاب في ظلها لننشلها من الغرق ؟!
اللهم أعطنا القوة لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية ، والضعفاء لا يخلقون الكرامة، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.