نظرت أمس الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس في قضية فتيات "فيمن" (الفرنسيتان والألمانية) اللواتي أقدمن على الإحتجاج بصدور عارية بمدخل مبنى قصر العدالة بالعاصمة نهاية الشهر الماضي احتجاجا على ايقاف الناشطة التونسية بمنظمة فيمن الموقوفة بسجن المسعدين،وتم إحضارهن من سجن منوبة وتمسكن بأقوالهن التي أدلين بها في جلسة سابقة وأكدن على أنهن ينتمين الى المنظمة المذكورة التي تعتمد وسيلة وحيدة للتعبير عن الإحتجاج وهي تعرية الصدور وأشرن الى أن غايتهن مساندة زميلتهن التونسية أمينة وعبرن عن أسفهن لما حدث وأكدن على أنهن لن يعدن الكرة في تونس. وبإعطاء الكلمة للمحامين القائمين بالحق الشخصي في حق 14 جمعية تونسية لاحظوا أن ما قامت به الفتيات الثلاث يخدش الحياء وأنهن تعمدن القدوم الى تونس للإحتجاج عاريات الصدور رغم علمهن بأن تونس بلد عربي مسلم والقيام بهذه الأفعال من شأنه أن يمس من الأخلاق العامة ويمس من مشاعر الشعب التونسي المسلم، وأكدوا على أن منظمة "فيمن" التي تأسست في أوكرانيا تضم أكثر من 60 بالمائة من المومسات وعدد قليل من الطالبات وأن عدد المنتميات إليها لا يتجاوز 350 شخصا فقط في حين أن محكمة تونس الإبتدائية تأسست سنة 1884 وهي محكمة عريقة ولها تاريخ كبير ولم تشهد مثل هذه الحادثة الشاذة منذ تأسيسها. وطالبوا إعادة ملف هذه القضية الى النيابة العمومية لتعيد تكييفها القانوني معتبرين ما قامت به فتيات "فيمن" من قبيل الإنضمام الى وفاق والتخطيط لبعث فرع للمنظمة المذكورة بتونس والدليل على ذلك تواصلهن عبر شبكة التواصل الإجتماعي "الفايس بوك" والتخطيط المسبق للقدوم الى تونس للإحتجاج عاريات الصدور ويدخل ذلك في باب الجنايات وليس الجنح، وقال محامو القائمين بالحق الشخصي إن هناك ضغوطات سلطت على القضاء من قبل وزارتي الخارجية والعدل للتسريع بالمحاكمة واعتبروا أن ذلك يمثل تدخلا سافرا للنيل من استقلالية القضاء التونسي. وأما ممثل النيابة العمومية فلاحظ أن القانون الفرنسي والألماني يجرم مثل هذه الأفعال وأن العقوبة الجزائية لمرتكبيها تصل الى سنة سجنا وأن تونس دولة عربية مسلمة وقصر العدالة محاط بعدد كبير من المدارس التي يرتادها الأطفال ومن غير المعقول صدمهم بمثل هذه المشاهد وطلب إقرار الحكم الإبتدائي في حق المتهمات الثلاث. وحضر محاميان فرنسيان ومحامية تونسية للدفاع عن المتهمات واعتبر الفرنسيان أن المتهمات لم يقمن بتعرية أجسادهن للإغراء وإنما لتبليغ رسالة وهي مساندة الناشطة التونسية أمينة، وأكدا على أنه لو لم يكنّ على قناعة بأن تونس دولة ديمقراطية ومستقلة لما قدمن ولما قمن بتلك الحركة الإحتجاجية وقال أحد المحاميين إن الإحتجاج بصدور عارية هي الطريقة التي تعتمدها المنظمة في كل مرة تقوم فيها بالإحتجاج حتى إنه تم الإحتجاج في فرنسا بصدور عارية أمام الكنيسة مما يدل على أن تعرية الصدور هو أسلوب اتبعته "فيمن" وليس وسيلة لاستفزاز العرب والمسلمين وأن "فيمن" ليست ضد العرب ولا الإسلام وطلبا ترحيل الفتيات مع التعهد بعدم قدومهن للتعري بتونس مستقبلا. وأما الأستاذة ليلى بن دبة فطلبت في مرافعتها ترحيل موكلاتها واعتبرت أن ما قمن به يدخل في إطار الإحتجاج على ايقاف الناشطة التونسية أمينة وأن موكلاتها لم يقصدن استفزاز مشاعر الشعب التونسي وقالت إن الجسد هو وسيلة من وسائل التعبير واستشهدت بالمحامي محمد عبو الذي تم ايقافه في العهد السابق واحتجاجا على ذلك خاط فمه ،وأكدت على أن الركن القصدي غير متوفر وأن غايتهن كانت الإحتجاج فقط وليس الإغراء. وبعد أن سجلت هيئة المحكمة المرافعات وأقوال المتهمات وطلبات النيابة العمومية حجزت القضية للمفاوضة ثم صرحت بإقرار الحكم الابتدائي (اربعة أشهر ويوم سجنا) مع تعديل نصه وذلك بإسعاف المتهمة الثلاث بتأجيل التنفيذ.