تؤكد التقارير الاعلامية الواردة من باكستان يوميا ان هذا البلد الاستراتيجي المتاخم للعالم العربي وايران وتركيا وافغانستان تحول بدوره الى منطقة صدامات مسلحة وهجمات انتحارية تسهدف حينا القوات النظامية وحينا اخر قوات دول اجنبية لها حضورعسكري وامني متزايد في افغانستانوباكستان والمشرق العربي الاسلامي.. لقد توقع جل المراقبين الغربيين ان الاوضاع هدأت وستستقر بسهولة في افغانستان بعد الحرب الامريكية الاطلسية التي بدات ضده في موفى 2001.. لكن عودة الصراعات المسلحة بين ميليشيات طالبان وحلفائها من جهة والقوات الموالية لسلطات كابول والقوات الاطلسية من جهة ثانية قلبت المعطيات على الارض.. وعوض ان تتطور الامور تدريجيا نحو التهدئة زاد الوضع تعفنا في جل المدن والمواقع الافغانية الاستراتيجية.. ثم اتسع ليشمل الجارة الكبيرة باكستان حيث تنتشر مثل هذه القبائل والعشائر والجماعات الدينية والميليشيات المسلحة.. ان استنزاف قوات دول المنطقة في الحروب والاقتتال الداخلي ليس خيارا استعماريا جديدا.. لكن الخطير هو خلق قلاقل وصراعات مجهولة العواقب.. لتشمل جل دول العالم العربي الاسلامي من الخليج الى اسيا الوسطى مرورا بالعراق وفلسطين ولبنان والسودان.. لقد اثبتت تجربة الاحتلال السوفياتي لافغانستان في الثمانينات ان شعوب العالم الاسلامي كلها تفاعلت مع شعب افغانستان.. واكدت عقود من الاحتلال الاسرائليلي لفلسطين وأراض عربية مجاورة ان قلوب مئات الملايين مع الاشقاء الفلسطينيين والعرب ضد المغتصبين الصهاينة.. واليوم يتاكد تعاطف العالم العربي والاسلامي مع شعب العراق ضد الاحتلال ومختلف المتآمرين عليه.. فمن المستفيد في هذه الظروف؟ من دفع الاوضاع نحو مزيد من الصراعات والحروب والاقتتال في باكستان وبقية وسط آسيا والخليج.. مع التلويح بحرب ضد ايران وبمعاقبة حكومة المالكي العراقية اذا تصالحت مع طهران ودمشق.. مثلما تمارس ضغوطات اقتصادية وسياسية بشعة على الشعب الفلسطيني وعلى الرئاسة الفلسطينية لمنع المصالحة الوطنية الفلسطينية وكل سيناريوهات الحوار والوفاق الداخلي..؟؟ لقد فشلت الخطة الامريكية الاطلسية التي عرفت بتسمية الحرب العالمية على الارهاب في تحقيق اهدافها.. بل كانت النتيجة عكسية، مزيدا من التطرف والعنف واتساعا لرقعة التوترات وميلاد ميليشيات مسلحة وجماعات ارهابية جديدة.. فهل تعي الادارة الامريكية وحليفاتها الدروس وتستفيد من تقارير اعضاء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين والخبراء الاووربيين والعرب الذين تعالت اصواتهم مؤخرا لمطالبة ادراة بوش الابن بتصحيح اخطائها.. وإعادة النظر في خياراتها السياسية والامنية التي تقود العالم والمشرق العربي الاسلامي خاصة نحو المجهول..