عجز المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري عن الانعقاد للمرة الثالثة على التوالي وتأجل من ثم «الحسم» في عدد من الملفات وعلى رأسها الملف المتضمن للخلاف الدائر منذ فترة بين رئيس الحزب والكاتب العام ومستلزمات الإعداد للمؤتمر القادم المقرر لنهاية شهر مارس 2005. مصادر «الشروق» أفادت أن تأجيل الاجتماع الأخير للمكتب السياسي الذي كان مقررا يوم السبت 8 جانفي بحسب ما صرّح به السيد منير الباجي يأتي على خلفية عدد من الزوايا المتداخلة من أبرزها الرفض الذي أبداه عدد من أعضاء المكتب السياسي للتمشي الذي أضحى يتعامل به رئيس الحزب مع المختلفين معه في الرأي والتوجهات. رفض الرفض الذي جوبه به الباجي ألغى عن المكتب السياسي الاجتماع (في شكل مجلس تأديب) لتدارس ملف الكاتب العام حسني لحمر الذي تمت إزاحته من القائمة الرسمية التي سيقع تقديمها للمؤتمر القادم والتي يرأسها الباجي ويتواجد بها أغلبية أعضاء المكتب السياسي الحالي عدا الكاتب العام الذي أسند له الباجي مهمة خارجة عن العمل السياسي الفاعل والمتصلة بالاستشارة لدى رئيس الحزب. ويبدو أن حرص عدد من أعضاء المكتب السياسي الحالي على تفويت الفرصة من أمام «رئيسهم» لتنفيذ عزمه السابق بخصوص الكاتب العام. دفع بثلاثة من أعضاء المكتب السياسي إلى التواجد ولا يبدو ذلك من باب الصدفة خارج الوطن نهاية الأسبوع الفارط لتجنب أ ي صدام متوقع مع رئيس الحزب. غير أن عالمين بشؤون التحرري يؤكدون أن رفض طرد لحمر يتنزل في إطار المخاوف التي أصبحت تجتاح بقية أعضاء المكتب السياسي للتعرض هم كذلك إلى نفس المصير إذا ما أمكن للباجي التخلص حاليا من كاتبه العام وضمان عدم مشاركته في المؤتمر القادم. تأجيل كل المؤشرات تؤكد الآن أن الجميع يرغبون في تأجيل الخصومات إلى موعد قريب من المؤتمر حتى يتسنّى لهم لعب آخر الورقات لفرض تغيير جذري داخل الحزب وإقرار شكل جديد في التعامل داخله ينبني على الحوار والديمقراطية وفسح الباب أمام الاختلاف ومن ثم الإذن لكل المطرودين والمنسحبين بالدخول مجدّدا والمساهمة من جانب في إيجاد حركة ليبرالية قوية وفاعلة في مشهد سياسي وطني يرنو إلى التطور وتحقيق قفزات جديدة على النهج الإصلاحي والديمقراطي. الكاتب ا لعام حسن لحمر أشار ل»الشروق» أنه متمسّك بمواقفه الفارطة وأنه لن يتزحزح قيد أنملة عما سبق له التصريح به وأنه مقرّ العزم على التواجد في المؤتمر القادم عبر قائمة يقول عنها أنها ممثلة لأكبر عدد من مناضلي الحزب المتواجدين على امتداد جهات البلاد وأضاف لحمر إنه من غير المعقول أن يفتقد أناس داخل مكاتب سياسية لحرية الاختيار والتصرف وأن يجبروا على سلك مسالك قد لا تتوافق مع رغباتهم. خلط أوراق التطورات المنتظرة للأسابيع القادمة قد تحمل عدّة حسابات جديدة على ضوء ما قد توفره مسألة الهيكلة من منافسات قد تكون ساخنة إذ في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر من داخل الحزب أن الهيكلة واضحة وهي مشتملة على 14 جامعة هي المتواجدة بكل من تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة والضاحية الشمالية والكاف وقفصة وصفاقس وسوسة والمروج وبنزرت وأنه لا يمكن من ثم المسّ بطبيعة المؤتمرين الذين سيشاركون في موعد نهاية مارس القادم في ذلك الوقت وبالرغم من ذلك قد تثير الهيكلة الكثير من النزاعات بين رئيس الحزب وعدد من أعضاء المكتب السياسي وهو ما سيفترض بالضرورة إعادة ضبط لجدولة التحركات على ضوء خلط الأوراق الجديد الذي ابتدأ مساء السبت الفارط فكيف سيكون المآل بين التحررين؟