في أعقاب التطورات التي ما فتئت تسجّل داخل الحزب الاجتماعي التحرري انفتحت السيناريوهات على أكثر من واجهة ومثل تجميد الكاتب العام حسني لحمر عن النشاط فرصة لتحركات جديدة بدأ في نسج خيوطها «اللمناوئون» لرئيس الحزب حركة الاصلاح للحزب الاجتماعي التحرري لم تنتظر طويلا للتفاعل مع المستجدات الحاصلة نهاية الاسبوع الفارط اذ دعا منسّقها السيد محسن النابلي الى ضرورة التحرك العاجل للدفع بالأوضاع نحو الاصلاح وتجاوز السلبيات الموجودة. وفي هذا الاطار صدر بيان عن المجموعة التي تضم حاليا 7 أعضاء من المكتب السياسي المنبثق عن آخر مؤتمر (27 فيفري 1999) تضمّن جملة من الاجراءات والتدابير منها بالخصوص الدعوة الى انعقاد مؤتمر الحزب تحت شعار «الاصلاح من أجل الانقاذ» في الموعد المحدد له يومي 26 و27 مارس 2005 وتكوين لجنة للاعداد له والاشراف عليه مع اعداد ملف لتجاوزات رئيس الحزب السيد منير الباجي وخروقاته القانونية لعرضه على المؤتمرين حتى يقولوا كلمتهم فيه. غضب وتأتي مؤاخذة «المناوئين» لسياسات رئيس الحزب في اطار الغضب الذي ما فتئ يتصاعد والذي دفع بالحزب الى العجز عن أداء دوره على الساحة السياسية على الوجه الأفضل وخاصة في سبيل تجميع كل المؤمنين بالخيار الليبرالي. ويضع «المناوئون» غياب الاعضاء المنتخبين من المؤتمر السابق عن المكتب السياسي الحالي للحزب الذي لم يعد يضم في صفوفه سوى أعضاء شرعيين هم : رئيس الحزب السيد منير الباجي وبوجمعة اليحياوي (أمين المال) والمنجي الخماسي (المكلف بالاعلام) وجميل السعيدي (العضو في البرلمان). الاستياء الذي أضحى يحيط بالحزب الاجتماعي التحرري ما انفك يتزايد والتساؤل لا يزال مطروحا حول مدى قدرة الاطار الحالي على استيعاب كل التناقضات الموجودة ولمّ صفوف كل مناضلي الحزب ومناصريه. مسك الباجي بدواليب الحزب منذ بداية الصراعات والخلافات داخله بداية التسعينات يبدو انه لا يزال على نفس الدرجة فالأحداث أثبتت أن أسهل الطرق في التعامل مع المخالفين هو الاقصاء اوالطرد او التجميد وليس أدل على ذلك من القرار الذي صدر في حق الكاتب العام حسني لحمر والذي عُدّ لسنوات طويلة العضد الأيمن لرئيس الحزب نفسه. مؤتمر أم مؤتمران؟ والواضح ان التطورات الأخيرة وتكاثر المتواجدين خارج الهياكل الرسمية قد يدفع الى التساؤل حول المآل الممكن للمؤتمر الثالث للحزب الذي قرره الباجي ليوم 3 أفريل القادم في حين تمسك المناوئون بالموعد الاول المعلن منذ شهر ديسمبر الفارط، وفي كل الحالات فإن المؤتمر لن يمر بالهدوء المطلوب ذلك أن عمق الخلاف قد بلغ درجات عالية وان الهوة قد اتسعت بعد ولا يستبعد المطلعون على نشاط التحرري عن كثب ان تتواصل سياسة لي الأذرع بين الباجي ومناوئيه الى حد تسرّب معه الحديث عن امكانية و جود «ضحايا جدد» قبل المؤتمر القادم اذ يضع البعض المناوشات الحادة التي جرت بين رئيس الحزب وعضوين من المكتب السياسي (الخماسي وبوكثير) خلال الاجتماع الاخير للمكتب السياسي بداية لصراع جديد قد ينتهي الى ما انتهت اليه الصراعات السابقة من طرد أو تجميد. أزمة الأزمة التي يتواجد فيها التحرري حاليا يمكن ان تُقرأ من أكثر من زاوية فهي بالاضافة الى ان فيها تجليات لأزمة قانونية على صلة بالملف القضائي السابق المرفوع ضد رئيس الحزب وحول كيفيات الطرد والتجميد التي تمت في السابق والتي من بينها عملية تجميد الكاتب العام والتي تشير الى فراغات في القانون الأساسي للحزب وخاصة في قانونه الداخلي، فإن الصورة التي عليها الحزب حاليا تحمل الى التأكيد على وجود أزمة سياسية فعلية داخل الحزب، فهل فعلا ان كل المجمدين والمطرودين وخاصة منهم اعضاء المكتب السياسي السبعة قد خالفوا القانون الداخلي للحزب واستحقوا بذلك ما تعرّضوا له؟ وما هي آفاق الاختلاف والتنوع والخيار الديمقراطي داخل الحزب في وضعية يُعاقب فيها أحد مناضلي الحزب بالتجميد لمجرد أنه عبّر عن رغبته في الترشح بصفة ديمقراطية وقانونية للمؤتمر القادم. وجها الازمة القانوني والسياسي قد يدفع الى التساؤل حول المستقبل الحقيقي للحزب الاجتماعي الليبرالي مع الخوف الموجود في أن تفضي كل التراكمات الى مأزق حقيقي بنتهي الى فقدان الشرعية مرة واحدة.