كما أشارت الى ذلك «الشروق» في أعداد ماضية فإن الوضع داخل الحزب الاجتماعي التحرّري مرشح إلى كم من تطور بحكم ما طبع التصريحات الأخيرة لعدد من الفاعلين في مكتبه السياسي بالأخص منهم رئيس الحزب السيد منير الباجي وعلى الأقل عضوين من المكتب السياسي هما نائب الرئيس بوجمعة اليحياوي والكاتب العام حُسني لحمر. وبحكم المآلات الخطيرة التي قد تصل إليها وضعيات الثالوث المذكور في خارطة الحزب للمرحلة القادمة التي ستعرف بالأخص انعقاد مؤتمر عام خلال شهر مارس 2005 ما انفكت الكواليس ترشح بعدة أنباء عن منافسة حقييقية بدأت في الظهور والبروز العلني وبدت وكأنها ستتجه بشكل تصاعدي في اتجاه سياسة ليّ الأذرع أو كسر المقولات والسيناريوهات الجاهزة والمعدة مسبقا. حركة الحركة التي أتاها الكاتب العام الحالي للحزب الاجتماعي التحرّري السيد حسني لحمر والذي أقصاه الباجي من القائمة الرئاسية لمؤتمر مارس نهاية الأسبوع الفارط بإعلانه السعي إلى تكوين قائمة ثانية موازية ستتركب من عدة وجوه فاعلة في الحزب وستجد دعما كبيرا من قواعد الحزب وخاصة من المناوئين أو الذين هم في صراع مفتوح مع رئيس الحزب من أمثال المجموعة الاصلاحية، هذه «الحركة الشجاعة» عدّها بعض العارفين بشؤون التحرري بمثابة إعلان عصيان عن الأمر الواقع ورغبة في تكسير الهيمنة الأحادية التي فرضت على مجريات القرار والنشاط داخل دواليب الحزب طيلة السنوات الفارطة والتي جعلت من الأمين العام المصدر الأول والأخير لكل ما له صلة بتركيبة هياكل الحزب وخاصة مكتبه السياسي أو بمواقفه السياسية والايديولوجية إلى درجة أصبح بمقتضاها الحزب مجسّدا في شخص رئيسه وهو ما أعلنه الباجي بنفسه عدّة مرات من أن الحزب هو أنا.. (!) كما يستشهد بذلك خصومه. خلفيات «الخروج عن الطاعة» كان من البديهيات التي ينتظر أن يسايرها الكاتب العام باعتبار أنه قد افتقد إلى أية مخططات أخرى بعد العزم الواضح لرئيس الحزب على إقصائه من الواجهة السياسية بداية من المؤتمر القادم. لحمر أكد ل»الشروق» أن تقديم قائمة للمؤتمر هو من الأمور القانونية المشروعة والتي لا يمكن القدح فيها والتي لا تحمل أية خلفيات وأن مقصدها الأساسي هو العمل على تطوير الحزب وإقرار منافسة حقيقية داخل هياكله والابتعاد عن النمطية والخطية الواحدة، وأشار الكاتب العام الحالي أن القائمة التي يعتزم تقديمها تلقى التجاوب على نطاق واسع وتهدف الى تجميع كل المناضلين ولا تؤمن بالإقصاء أو التهميش وتسعى إلى التقدم بالمسيرة التعددية والديمقراطية في البلاد والذي من الأحرى أن يشرع فيه داخل الهياكل الحزبية والسياسية إلى جانب المطالبة به في المشهد السياسي الوطني مثلما هو متفاعل هذه الأيام ومنذ انتخابات 24 أكتوبر الفارط. عنف سياسي وقال لحمر أنه لا بدّ من الابتعاد عن كل مظاهر «العنف السياسي» والاعتماد على سياسة الحوار وفتح المجال أمام كل البرامج والتحالفات وأكد أن مبادرته تستند إلى اختلافات جوهرية مع رئيس الحزب في تقييم الواقع والرهانات القادمة وأنها تتضمن برنامجا سياسيا واضحا وتستجمع كل الغضب المتصاعد داخل المكتب السياسي وبين مناضلي وأنصار الحزب. العصا معلومات مؤكدة حصلت عليها «الشروق» أفادت أن «العصا» في اتجاهها الى التحرّك قصد ضرب ما يعتبره الباجي ربما تمرّدا وتهديدا لصلاحياته في رسم المعالم المستقبلية للحزب ولا تستبعد «الشروق» أن يتحرّك الباجي قصد الدعوة الى عرض «ملف لحمر» على المكتب السياسي باعتباره الجهة المخوّلة بحسب القانون الأساسي لعقد جلسات التأديب وتطبيق مقتضيات النظام الداخلي. تقارب غير أن الباجي لن يجد نفسه هذه المرة وعلى عكس المرات السابقة في طريق مفتوح بما أن هامش التحرّك داخل المكتب السياسي في طريق إلى مزيد الانغلاق والضيق بحكم التقارب المعلن والموجود بين الكاتب العام حُسني لحمر وعدد من أعضاء المكتب السياسي وعلى رأسهم نائب الرئيس بوجمعة اليحياوي الذي أقرّ ل»الشروق» في وقت سابق بضرورة الابتعاد عن كل الاقصاءات والعمل على توحيد صفوف الحزب والنأي به عن كل الخلافات وفتح المجال أمام تعدّد الآراء والمقترحات لإثراء التجربة السياسية للحزب الاجتماعي التحرّري. تطورات ويقيم مطّلعون على شؤون التحرّري رؤيتهم في اتجاه الإقرار بعجز الباجي عن اتخاذ قرار حاسم في شأن الكاتب العام الى بداية افتقاده لبعض سلطات القرار مثلما حدث ذلك مؤخرا عندما لم يفلح الباجي في عقد جلسة طارئة للمكتب السياسي أرادها أن تكون يوم الجمعة بل إن الجلسة لم تتم حتى في موعدها المألوف والمعتاد وهو مساء السبت.. فإلى أين تؤشّر بوصلة التحرّريين؟