أردت أن أكسر جدار الصمت بعد أن انهالت في الآونة الأخيرة سهام الاتهام من كل حدب وصوب على إطارات وأعوان السجون والإصلاح، آخرها سهم أطلقه السيد الوزير الأول حمله معلومات مغلوطة عن واقع السجون متهما إطاراتها وأعوانها ب «اللامبالاة والتقصير في أداء الواجب والسعي وراء الزيادة في الأجور والترقيات كانت نتيجته هروب عدد من المساجين ولولا التدخل الناجح للجيش الوطني لكان عدد الفارين كارثيا» والعهدة على السيد الوزير!! على أنقاض هذا الجدار، أهمس في أذن كل تونسي يلتمس الحقيقة بأن إطارات وأعوان السجون أبرياء مما يدعيه البعض وهم أكبر من المشاركة في لعبة قذرة للمساس، بأمن تونسنا العزيزة، التي سقاها شباب ثورة 14 جانفي 2011 بدمائهم الزكية، فوهبتهم بدورها مولودا طلع البهية،اختارت له من الأسماء «حرية» وقد أقسم كل تونسي تجري في عروقه دماء الوفاء لهذا الوطن العزيز أن يفدي هذا المولود بروحه ويرعاه مادام في القلب نبض حياة. يعلم الجميع الظرف الإستثنائي التي مرت به بلادنا في الأيام الأولى من هذه الثورة وما صحبه من انفلات أمني كبير تمخض عنه فرار عدد كبير من المساجين، لكن ورغم محدودية الإمكانيات المادية والبشرية بالسجون التونسية فقد تجند كل من موقعه للنهوض من جديد ونفض غبار هول الصدمة عنه، وقد تعرض عديد العاملين إلى إصابات منها كسور بلغت حد الإعاقات الدائمة أو حروق جراء التدخل لفائدة نجدة بعض المساجين ومنهم من قضي نحبه في سبيل أداء الواجب. لقد آل إطارات وأعوان السجون على أنفسهم الرباط بمؤسساتهم السجنية لحمايتها والوقوف أمام تكرار فرار المساجين رغم حاجة عائلاتهم إليهم في هذا الوقت العصيب، وإني لا أبالغ واللّه على ما أقول شهيد حين أقول إن عديد الأعوان لم يغادروا مراكز عملهم لأيام عديدة، وإن غادر البعض الآخر فإلى حين...لكن ورغم هذا فإنه يجب الاعتراف بمرارة أنه قد تم تسجيل فرار المساجين من بعض الوحدات السجنية لأخطاء فردية وعوامل خارجية... كما يجب التنويه والإشارة بفخر إلى المجهود الجبار الذي قام به إطارات وأعوان باقي السجون التي لم تسجل بها حالات الفرار، بعد أن استبسلوا في منع المساجين من الفرار، معرضين أنفسهم إلى الخطر المميت، حتى يمنعوا النتائج الحالكة السواد والوخيمة على أمن وراحة التونسيين والتونسيات من التحقق لوتمت عملية الفرار... وهم لم ينتظروا جزاء أو شكورا من أحد، ليقينهم الراسخ واعتقادهم الذي لن يهتز بأن ماقاموا به هو واجبهم وهو نزر قليل يقدمونه إلى هذه الأرض الطيبة، ولمسة وفاء إلى شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم لننعم بشذى الحرية والكرامة... أقولها وأمضي : سيظل إطارات وأعوان السجون والإصلاح أوفياء لهذا الوطن حريصين على أداء الواجب في كنف الإنظباط والمسؤولية وحماة للثورة والوطن لن تهزهم أعاصير الشائعات وأنواء الأقاويل الجوفاء ويا جبل ما يهزك ريح...