عاجل - المنستير: انقطاع للتيار الكهربائي غدا الأحد في هذه الأماكن    رئاسية 2024 : انطلاق نقل المواد الانتخابيّة من المخزن المركزي لهيئة الانتخابات إلى المخازن الجهويّة    الدستوري الحرّ ينظّم مسيرة إحتجاجًا على الوضع الرّاهن في البلاد    عاجل/ حزب الله يعلن إستشهاد حسن نصر الله    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات اليوم    نادرة التومي تتحصّل على جائزة أفضل أداء نسائي دور أول ضمن فعاليات الدورة 14 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    خامنئي: " على إسرائيل أن تعرف أنها لا تستطيع إلحاق ضرر كبير بالبناء القوي لحزب الله"    بلاغ مروري بمناسبة مباراة الترجي الرياضي و الملعب التونسي    مباراة جمعية الحمامات و النادي الإفريقي تتصدّر مواجهات الجولة الخامسة من بطولة كرة اليد    من هو "أيقونة" حزب الله حسن نصر الله..؟    الولايات المتحدة: تراجع التضخم يحفز جهود تخفيض نسب الفائدة    لبنان.. لجنة الطوارئ تعلن تسيير قوافل مساعدات إلى مراكز إيواء النازحين    قرمبالية: قافلة صحية متعدّدة الاختصاصات    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    موظف بوزارة المالية يتهرب من الضرائب ويستغل منظومة الإدارة    الرالي السياحي "رايد" في دورته الرابعة بتونس من 9 الى 18 أكتوبر 2024    بطولة كرة اليد: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الخامسة ذهابا    بعد اغتيال نصر الله: نقل خامنئي الى مكان آمن    وزارة السياحة تطلق جائزة "تونس ليك لأفضل فيديو إبداعي في المجال السياحي"    تونس امام الأمم المتّحدة : التاكيد على مساندة فلسطين واحترام السيادة الوطنية للدول    مليار دينار تحسن رصيد المعاملات الخارجية لتونس    معطيات إحصائية: انخفاض قروض الأسر لدى البنوك    ر م ع شركة الRFR يكشف موعد انطلاق استغلال الخط D    الرابطة الأولى: إدارة شبيبة العمران تهدد بمقاطعة مواجهة النادي الصفاقسي    طقس السبت: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بأقصى الشمال    طقس اليوم: تغيرات جوية منتظرة خاصة في هذه المناطق    عاجل : إسرائيل تؤكد اغتيال حسن نصر الله    رجة أرضية في سليانة    الحوكمة الالكترونية: تصنيف وطني متقدم    المرسى : محاصرة مجرم خطير مورط في عدة قضايا ومحل تفتيش    دول أوروبية وعربية وإسلامية تطلق مبادرة جديدة لإقامة دولة فلسطين    وزير الشؤون الخارجية يشارك في الإجتماع الوزاري السنوي لمجموعة ال77 زائد الصين    القوات الإسرائيلية تواصل قصف مناطق متفرقة في لبنان    لمعلوماتك الشخصية .. قصة القهوة !    المكنين: الاحتفاظ بنفر من أجل محاولة القتل العمد    ليل الجمعة.. سحب بأغلب الجهات تكون محليا كثيفة بالمناطق الغربية    القبض على 15 عنصرا تكفيريا محل مناشير تفتيش في مختلف ولايات الجمهورية    كيف أعرف لون عيون طفلي    الحمامات: الاحتفاظ ب 3 أشخاص من أجل تعاطي الرهان الرياضي    قابس : الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    عاجل : الحرس الوطني يعلن عن إحباط عمليات التهريب تقدر ب400 ألف دينار    ماهي القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر الإفريقي ؟    لأول مرة بمستشفى مدنين.. استعمال حقنة "توكسين بوتوليك" لفائدة مريض بشلل نصفي    لجنة المالية تقرّر الاستماع إلى وزيرة المالية    تكريم المسرحي السعودي ابراهيم العسيري في المهرجان الدولي للمسرح وفنون الخشبة بالمغرب    مدنين: لقاء حول "درع جربة" ضمن مشروع "ماكلتي تونسية"    مهرجان الإسكندرية المسرحي : تتويج مسرحية تونسية    قابس: تقدير صابة الزيتون لهذا الموسم ب70 ألف طن    في السعودية: وزارة الصحة تقدّم تلقيح ''القريب'' في المنازل    كل ما تريد معرفته عن برنامج وحكام الجولة الثالثة من الرابطة المحترفة الأولى    عاجل : صاحب أغنية ''كأس العالم 2010 '' الشهيرة متهم بالاعتداء الجنسي    تفاصيل : الشركة التونسية للشحن والترصيف تتسلم معدات جديدة    هذا موعد انطلاق حملة التلقيح ضد 'القريب'    اسألوني    مدينة مساكن .. أجيال أسسوا تاريخها وشيدوا حاضرها    خطبة الجمعة...المسؤولية أمانة عظمى    في ديوان الإفتاء: إمرأة أوروبية تُعلن إسلامها    الارض تشهد كسوفا حلقيا للشمس يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية الأحمق السعيد
تدوير زوايا:
نشر في الشعب يوم 28 - 02 - 2009

في فترة صباه كان أعزّه اللّه شهّاد أندية وحين اشتدّ عوده أصبح حمّال ألوية ولما اشتعل رأسه شيبا وتقوّس ظهره أضحى هبّاط أودية وعاشق منحدرات يجرّ خيباته المتتالية في شؤون الفكر والعمل... وحين رحل قدّس سرّه إلى عالم الأزل لم يشعر بموته أحد غير بضعة من مريديه الأغبياء...
لم يكن صاحبنا علما ولم يكن في رأسه شيء من نار المعرفة ولا ألم السؤال... ولم يفلح في صناعة ولا في فن من الفنون... وضعه أبوه عند حلاّق الحيّ وخرج بلا فائدة نظرا لندرة اليتامى المستعدّين لتحويل رؤوسهم إلى ميادين لتدريباته ولمّا اشتد ساعده قرّر أن يصنع لنفسه ذكرا في ميادين الفكر والسياسة... فانتبذ ركنا قصيّا في سوق الورّاقين وانتدب جملة من الأتباع يصرف على شهواتهم من ميراث أمّه... مقابل نشر دعوته في الآفاق... وحين راجت بضاعة علم الكلام قال بوحدة الذات والصفات ولكنّه انتهى منه إلى مذهب أهل التجسيم ثمّ انتقل الى الفقه فكتب في آداب الجنائز وأركان الغسل وقال في أنواع المغارسة والمكاراة... ولكنّ العارفين بالفقه وقعوا على زلاّته الكثيرة وعلى بلادة ذهنه في معالجة المسائل العويصة فانسحب من الفقه الى التفسير وفصّل القول في عمق الجبّ الذي سقط فيه يوسف وحدّد موقعه ناحية العريش المصرية وحين اشتغل على لون القميص الذي قطعته امرأة العزيز على ظهر يوسف بان ضعفه في مجال علم اللغة وأسباب النزول فانسحب على طرف أصابعه تحت ضحكات الكتّاب والنسّاخين... وبعد ان ازدهرت العلوم العصرية قطع مع الأصول وصنّف في الامبريالية والعولمة وأفتى في طبيعة المجتمع ونظّر في أساليب التغيير وقبل موته بأعوام اشتغل على طريقه أنداده في مسائل الديمقراطية وحقوق الانسان وأصبح نجما على أمواج الفضائيات يقول في البيئة ومسائل الانحباس الحراري وحجم الثقوب الكثيرة في طبقة الأوزون.. ويتفق أغلب العارفين به أن صفة واحدة لازمته في تقلّباته العديدة بين أصناف العلوم القديمة والعصرية وهي صفة الوثوقية والاعتقاد الجازم... فقد كان جلمود صخر لا تربكه حيرة ولا يزعجه سؤال... يجد جوابا على كلّ معضلة ويعلن حكمه الجازم في جميع المشكلات... واثق الخطوة، منتصب القامة يمشي ولا يلوي على شيء.
(2)
قال الرّاوي: هو أحمق بن سعيد الغبي وقد سمّاه تجّار سوق الكتب أبو العريف بضمّ العين وكسر الرّاء المشددة... وقد كلّف اللّه أحد أتباعه فأنشأ مصنّفا في تحقيق اسمه وبيّن بالأدلة الوافية انّ اسمه الحقيقي أحمد بن سعيد الصبيّ ولكنّ الدّال في أحمد قد انقلبت قافا وصاد الصبيّ صارت غينا وذلك من سقطات النسّاخين وفساد القصب الذي به يكتبون...
وبقطع النظر عن صحّة الاسم فإنّ صاحبنا في جميع مراحل حياته الفكرية والعملية لم ينتج غير أتباع منغلقين مطمئنين واثقين... كان سامحه اللّه يجلس صباحا على دكّته في ركنه القصي من سوق الوراقين يجيب ويأمر ويضع على عيون أتباعه حجبا سميكة أصابت بصائرهم فأصبحوا لا يسيرون الا وفي أيديهم عصيّ بيض يهتدون بها ولهم فيها عند ملاقاة الخصوم مآرب أخرى وهكذا سمّى النّاس أتباعه بالعميان وفي رواية أخرى بأصحاب العصيّ وقد نفرت منهم العامّة والخاصّة وكرههم أهلهم وعشيرتهم الأقربون... قال الرّاوي أن أحمق بن سعيد قد جعل لأتباعه أمارات وعلامات يقسمون بها الأشياء إلى أبيض وأسود وعلمهم معاداة من يخالفهم الأمر حتى أصبحوا معزولين بين أهل القرى...
(3)
روى أحد الورّاقين أنّ السّماء ادلهمت ذات يوم من أيّام الخريف وانذرت بمطر غزير فأسرع الوراقون إلى دكاكينهم يغلقونها ويغادرون إلى بيوتهم قبل حلول الطوفان... ولكن أحمق بن سعيد كان يضحك من خوفهم ويأمر مريديه بالبقاء حتّى يتمّ درسه حول الاحترار الكوني ودور الاستعمار الجديد وحين لاحظ القلق على وجوه أتباعه لعنهم وشتم خوفهم وأمرهم بالطاعة لأنّهم جهلة لا يعلمون... قال الرّاوي وانفلقت السّماء يومها زمهريرا وفاضت نقر السوق وأفاق النّاس على جثث أتباع الأحمق يجرّها السيل ناحية البحر ولم يعثروا على جثّة الأحمق التي يقال أنّها وقعت في بالوعة الركن الشرقي من سوق الوراقين.
(4)
كل تشابه بين شخصية الأحمق وبعض الساسة أو المفكرين هو تشابه مقصود لأنّ فكرنا وفعلنا العربي يعاني من كثير مثله.
(5)
مطلوبنا تدوير الزوايا بمبرد العقل وتلطيف طعم الدواء بحلاوة البيان... فهدفنا أكل العنب لا قتل حارس الضيعة وللزوايا تدوير آخر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.