لقد توخت وزارة التعليم العالي نهج تحديث برامج التدريس والأخذ بأسباب التطور على مستوى منهجية التعليم والبحث بتعصير الاليات البيداغوجية وتوفير الامكانيات المادية اللازمة لهذا النهج من ذلك الاستجابة للمقاييس الدولية بإدخال منظومة أمد والتنويع من الاختصاصات. فهل كانت كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالمهدية في مستوى الحدث وهل واكبت هذا المسار التحديثي؟ ان كل من يلاحظ عن كثب العمل داخل هذه الكلية يفاجأ بتخلف التسيير بها حيث تتضحم مهام العميد على حساب رؤساء الاقسام والمجلس العلمي، ففي مستهل كل سنة جامعية نجد السيد العميد ينفرد بكل استاذ وحده ليوزع المواد ويحدد جدول الاوقات ساحبا البساط من تحت رؤساء الاقسام الذين وجدوا انفسهم بمعزل عن زملائهم الاساتذة وعن التجديدات التي تطرأ على مواد تهم القسم الذي يشرفون عليه وحتى الاقتراحات التي تقدموا بها في خصوص احداث اجازات جديدة رفضت دون مبرر. اما عن المجلس العلمي فحدث عن مجلس دون جلساء، ذلك ان هذا المجلس همش منذ تولي السيد العميد مهامه متناسيا ان القانون يفرض الرأي الاستشاري لهذا المجلس في كل المسائل التي تهم تسيير الكلية حيث يتم تشكيل لجان بصفة منفردة (كلجنة الجودة) وتغيير طريقة احتساب المردود المادي للساعات الاضافية دون استشارة. وليست المسائل البيداغوجية بمنأى عن عشوائية التصرف، فلئن ذهبت الوزارة في خيار تنويع الاختصاصات، فان العميد أبى الا ان يحول الكلية لمؤسسة لا تدرس الا التصرف (5 اجازات تصرف) وحتى الماجستير المتخصص المحدث هذه السنة يتعلق بالتصرف في المؤسسة، فما مصير من أراد من الطلبة التخصص في العلوم الاقتصادية او الطرق الكمية؟ وما شأن الاساتذة المدرسين في الكلية المتخصصين في هذه المواد؟ الاجابة لا يملكها الا العميد ونكتفي بالقول ان بعض الاساتذة يتقاضون مرتبا دون تدريس العدد القانوني من الساعات لعدم تماشي اختصاص معظم الاساتذة مع الاختصاصات الموجودة بالكلية (؟؟؟) وهو ما يؤدي الى تبذير الثروة المالية والبشرية. غير ان الاخلال بالجودة لا ينتهي في هذه الكلية عند سوء التسيير وانما يتجلى كذلك في ظروف التدريس (قاعات دروس مسيّرة مكتظة: 47 طالبا في قاعة لا تتسع الا الى 35 طالبا) وقيمة المادة العلمية المقدمة (استاذ تعليم ثانوي يدرس في الماجستير ومتعاقد مختص في العلوم الاقتصادية يدرس مادة التأمين لتبرير تمتيعه بعقد خامس بصفة استثنائية واساتذة متعاقدون ينتدبون دون معيار موضوعي وانما استجابة للعلاقات الشخصية). اما الماجستير المحدثة منذ ثلاث سنوات فان معظم المترشحين لها يختارون بصفة انفرادية من طرف العميد الذي ينفرد وحده بتدريس ثلاث مواد من جملة تسعة (تحتسب له ساعات عرضية). فوضى التسيير هذه وغياب استراتيجية بيداغوجية انعكسا على المناخ الاجتماعي في الكلية فتحركت النيابة النقابية لحمل العميد على النظر في مطالب الاساتذة المستائين من تهميشهم غير ان هذا الاخير اختار نهج سد قنوات الحوار والانغلاق على نفسه، بل تعمد التحرش بالنشاط النقابي حيث وجهت استجوابات من جامعة المنستير لأساتذة نقابيين منبنية على تشكيات مفتعلة ومختلفة من طرف العميد الذي ضاق ذرعا بالنشاط النقابي فأثر، عوض تسوية المطالب النقابية، نهج الترهيب والهرسلة. ان الخلل يستدعي ضرورة في بلاد القانون والمؤسسات المساءلة والتحري كما يفترض التدخل للرد على جملة تساؤلات : أفبهذا التسيير تواجه الجامعة تحديات القرن الحادي والعشرين؟ ثم هل بهذه العشوائية يمكننا ان نكوّن نشئا قادرا على مجابهة التحدي في بلد يجابه طموحاته الكبيرة بثروته البشرية وبأدمغته؟ مجموعة من اساتذة كلية العلوم