التونسية (تونس) أصدرت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل بيانا حول الوضع في البلاد وطالبت بحل الحكومة وتعيين حكومة تصريف أعمال. وأكد أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الأمين العام حسين العباسي أنهم قاموا بتقييم الواقع ودراسة المستجدّات للمساهمة في تقديم المقترحات من منطلق مسؤولياتهم التاريخية والوطنية وذلك بغاية الخروج من هذه الأوضاع واستكمال ما تبقّى من المرحلة الانتقالية بصفة توافقية وسريعة، خاصّة بعد الاغتيال السياسي الذي طال المناضل محمّد البراهمي أحد أهمّ رموز التيّار القومي التقدمي بتونس ومنسّق التيار الشعبي وأحد قيادي الجبهة الشعبية وعضو المجلس الوطني التأسيسي والكاتب العام المساعد السابق لنقابة الوكالة العقارية للسكنى. وتم اعتبار أن حالة الاحتقان القصوى التي تمرّ بها البلاد التي بلغت حدّ الاغتيالات السياسية وما تمثّله من تهديد مباشر للسّلم والأمن والاقتصاد والتنمية تجعل الاتحاد يسجل مواطن الفشل التالية: • الفشل الذريع في معالجة الملف الأمني مع استشراء الجريمة المنظمة والعنف الميلشوي والإرهاب والاغتيالات السياسية لتطال مناضلين سياسيين وجنودا بواسل وأمنيين يسهرون على حماية تراب تونس وسيادتها وآخرها استشهاد ثمانية من عناصر جيشنا الوطني في جبل الشعانبي مع غروب شمس يوم 29 جويلية 2013. • اهتزاز الثقة في المجلس الوطني التأسيسي نتيجة التباطؤ في إنجاز الدستور والتلكّؤ في تشكيل الهيئات الضامنة للانتقال الديمقراطي وغلبة التجاذبات على أشغاله وخرق الالتزامات السابقة المحدّدة لعهدة المجلس بسنة واحدة. • الالتجاء المبالغ فيه إلى منطق الاحتكام إلى الأغلبية والمحاصصة الحزبية في تسيير أعمال المجلس الوطني التأسيسي وتوجيه قراراته، بدل التوافق، وانحرافه عن المهام التي انتخب من أجلها . • السعي المحموم إلى فرض تغلغل الحزب الحاكم في أجهزة الدولة ومؤسّساتها الجمهورية والمدنية والعمل على توظيفها حزبيا الأمر الذي من شأنه أن يمسّ من طابعها الجمهوري ويشلّ وظائفها ويعمل على الاستفراد بالعملية الانتخابية تمهيدا للاستبداد. • ظهور تنظيمات وجماعات إرهابية تعتدي على الحريات العامة والخاصة وتسعى إلى إلغاء دور الدولة والمؤسسات الجمهورية بصفة لم يعد معها العنف ظاهرة معزولة بل أصبح أداة من أدوات الهيمنة السياسية والاجتماعية عبر تهريب الأسلحة وتيسير نقلها وتكديسها وعبر توفير الغطاء السياسي لممارسته وتبريره أو إفشال كل مبادرات إدانته، مما جعل السلم المدنية مهدّدة بفعل تواتر حالات الإفلات من العقاب وتراجع سيادة القانون وتوظيف القضاء والمساس من استقلاليته إلى جانب استهداف الأطر المرجعية والقواسم المدنية المشتركة والسكوت المريب عن ظاهرة الخطاب التحريضي والتكفيري الذي يمارسه بعض القياديين السياسيين والأئمّة وعن توظيف المساجد لأغراض حزبية وسياسية وغياب التصدّي الجدي لهذه المظاهر. • عجز أجهزة الدولة عن صيانة مناعة الاقتصاد الوطني والوقوف سدّا منيعا أمام إمكانية انهياره والتقصير في وضع حدّ للتّدحرج المستمر لقيمة الدينار أمام العملات الأجنبية و تردّي مناخ الأعمال والتراجع الكبير لمستوى الاستهلاك والتصدير باعتبارهما محرّكين للاقتصاد الوطني واستشراء الفساد وتنامي التهريب والاحتكار والتجارة الموازية ممّا عمّق أزمة الاقتصاد وزاد من معاناة جماهير الشعب جرّاء الغلاء. • التعاطي الأمني مع الحركات الاحتجاجية السلمية (أحداث الرش بسليانة، الحوض المنجمي، أحداث 9 أفريل 2012، احتجاجات المعطلين عن العمل..) وغياب الحلول والبرامج مع تغييب منطق الحوار والإقناع. • غلبة شعور الإحباط لدى المواطنين وخاصة منهم الفئات المتوسطة والفقيرة التي أصبحت عاجزة عن ضمان ضرورات العيش في ظل غلاء الأسعار واستفحال ظاهرة البطالة والمحسوبية الحزبية في الانتدابات. • صمت الحكومة عن التحريض على التطاحن العقائدي والمذهبي والديني، الناسف لمسار الثورة والمدمّر لأهدافها، مما أفضى إلى أحداث قصر العبدلية وإلى حادثة الهجوم على السفارة الأمريكية والاعتداء الممنهج على الإعلاميين ومنع كثير من التظاهرات الثقافية والتشويش عليها، واستهداف مقرات الاتحاد والأحزاب وتعطيل اجتماعاتهم مما أدّى بالثورة السلمية التي أنجزها التونسيون إلى الانزلاق نحو دوّامة العنف بلغت الشهداء لطفي نقض وشكري بلعيد والحاج محمد براهمي. • تعطيل الأجهزة الأمنية والعمل على اختراقها وخلق أمن مواز وتغييب القوانين الضامنة والحامية للأمنيين وغياب الإرادة السياسية التي تمكّنها من أداء وظائفها وواجبها الوطني . • تعطيل الحوار الوطني والانقلاب على التوافقات الوطنية حول الدستور وتغليب النظرة الحزبية الضيقة على منطق الحوار والتوافق. وإزاء هذا الوضع المتأزّم، وأمام استمرار خطاب الهروب إلى الأمام وعدم الاستماع إلى شواغل الشعب، ووعيا من الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره الوطني وبواجبه التاريخي رغم حملات التشويه والإقصاء التي يتعرّض إليها، واستنادا لقراره المستقل، وإيمانا من الاتحاد بضرورة إنجاح المسار الانتقالي وإيجاد أرضية لاستكمال ما تبقّى من المرحلة الانتقالية فإن المنظمة النقابية تتقدم إلى كلّ الأطراف بالمبادرة التالية: أ - حلّ الحكومة الحالية والتوافق على شخصية وطنية مستقلّة تكلّف بتشكيل حكومة كفاءات في غضون أسبوع على أن تكون محايدة ومحدودة العدد وتتكوّن من شخصيات مستقلّة يلتزم أعضاؤها بعدم الترشّح إلى الانتخابات القادمة وتضطلع بالمهام التالية: تصريف الأعمال. إشاعة مناخ من الأمن و الثقة والاطمئنان لدى المواطنين بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة. حلّ ما يسمى « رابطات حماية الثورة» ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء. إيجاد آليات لتحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسنّ قوانين رادعة تحقق هذه الغايات. تشكيل هيئة عليا مهمّتها مراجعة كلّ التعيينات في أجهزة الدولة والإدارة محلّيا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الديبلوماسي. تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات وفي جرائم الإرهاب والعنف وكشف الحقيقة في اغتيال القادة السياسيين وجنودنا ورجال أمننا البواسل وذلك برفع العراقيل أمام البحث في هذه الجرائم السياسية والإرهابية. سنّ قانون مكافحة الإرهاب وتشريك النقابات الأمنية في إصلاح المنظومة الأمنية. ب - أما بخصوص صياغة الدستور المهمة الأصلية التي انتخب من أجلها المجلس التأسيسي فإننا نقترح الآتي: 1)- إحداث لجنة خبراء وتكليفها ب: أ- مراجعة ما تمّ التوصّل إليه في آخر نسخة من الدستور من أجل تخليصه من كلّ الثغرات والشوائب التي تنال من مدنية الدولة ونظامها الجمهوري ومن أسس الخيار الديمقراطية وتضمين مشروع الدستور جملة التوافقات الحاصلة بين مختلف الأطراف. ب- إعداد مشروع قانون انتخابي. على أن تنهي اللجنة أعمالها في ظرف خمسة عشر (15) يوما من تاريخ تشكيلها. 2)- إصدار قانون تأسيسي يتمّ بمقتضاه التنصيص على أن المجلس الوطني التأسيسي يتولّى: - المصادقة على مشروع الدستور الذي أعدّته لجنة الخبراء. - المصادقة على القانون الانتخابي. - تركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. على ألا تتجاوز هذه المدة خمسة عشر (15) يوما من تاريخ إحالة مشروع الدستور والقانون الانتخابي من طرف لجنة الخبراء إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليها. وفي صورة عدم مصادقة المجلس على مشروع الدستور ومشروع القانون الانتخابي خلال أجل خمسة عشر (15) يوما من تاريخ إحالتها عليه من طرف لجنة الخبراء المحدثة للغرض، تنتهي مدّة عمل المجلس الوطني التأسيسي. وعبر أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية، عن مساندتهم الكاملة للحراك الشعبي السلمي في كل الجهات وبحق نوّاب المجلس التأسيسي في الاحتجاج والاعتصام للمطالبة بالإسراع بإنهاء الفترة الانتقالية وحلّ الحكومة المؤقتة، مشددين على بقاء هذا الحراك سلميا وعلى وقف القمع المسلّط على المحتجّين والذي ذهب ضحيّته الشهيد محمّد المفتي يوم الجمعة 26 جويلية 2013 بقفصة وسقط بسببه جرحى كثيرون في العديد من المناطق وخاصّة في ساحة باردو. كما نددوا بما تعرّض له عدد من النوّاب من تنكيل وإهانات واعتداءات، وبقدر ما نتوجّه إلى قوات الأمن ونقاباتهم بالتحية على حرصهم على حماية المواطنين وتمت الدعوة إلى حماية المعتصمين وضمان حقهم في الاحتجاج. ونطالب بتحقيق مستقلّ في كلّ هذه التجاوزات والكشف عن ملابساتها والمتسبّبين فيها ومحاسبتهم. وأعلنت الهيئة الإدارية الوطنية عن إبقاء الهيئة الإدارية مفتوحة لمتابعة الأوضاع واتخاذ القرارات المناسبة نأيا بالبلاد عن السقوط في دوامة العنف التي يسعى البعض إلى إرسائها.