«حذار من جوعي ومن غضبي.. فإن جعت فإنني آكل لحم مغتصبي»، هو الشعار الذي جمع صباح أمس مجموعة هامة من أعوان وإطارات البريد في وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال تنديدا بإعتزام وزارة الإشراف خصم يومي الإضراب (29 و30 ماي 2013) من أجورهم واحتجاجا على ما اعتبروه ب «المماطلة في التفاوض» وب «عدم جدية الطرف الإداري في التوصل الى حلول تستجيب لمطالبهم». مهددين بإمكانية الدخول في إضراب انطلاقا من مساء يوم 25 إلى غاية 28 جوان. وأكد حبيب التليلي، كاتب عام النقابة الأساسية للبريد بولاية بن عروس ل «التونسية» أن الإضراب الذي نفذه البريديون يومي 29 و30 ماي هو إضراب قانوني جاء وفق قرار صادر عن الهيئة الإدارية وتابع قائلا: «لقد أضربنا بعد انسداد أفق التفاوض ومنذ سنة 2011 ونحن نعاني من تعنت وزارة الإشراف التي لم تمكن البريديين من حقوقهم ومن مطالبهم والمتمثلة أساسا في تحسين ظروف العمل وتوفير التجهيزات الضرورية بكل المصالح وخاصة مراكز الانتاج، كما نعاني من نقص في عدد الأعوان ونحن في حاجة الى قرابة ألف عون على مستوى كل مصالح البريد». وطالب التليلي بضرورة تمكين أعوان البريد من نسبة من الانتدابات المباشرة لتشغيل أبنائهم وهو ما اعتبره التليلي «حقّا عادلا» بإعتبار أن العديد من المؤسسات الشبيهة وغير الشبيهة لها أنظمة داخلية تنظم هذه العملية على حدّ تعبيره. وأضاف محدثنا: «نريد كذلك منحة تحفيز لأعواننا الذين قدموا تضحيات جسام أثناء الثورة، فهناك من أمّن مكاتب ونقود البريد في تلك الفترة، كما نطالب بالتسريع في فتح ملفات الفساد وبتطبيق محضر جلسة 10 جانفي 2013 بالنسبة لملف المناولة عبر تسوية وضعيات العملة، أما النقطة المفصلية التي لن نتراجع عنها فتتتمثل أساسا في محاولة التفويت في مؤسسات البريد لفائدة مؤسسات خاصة متطفلة على القطاع، ونحن متمسكون بديمومة المؤسسة وبالبريد كمرفق عمومي يخدم هذا الشعب بمقابل زهيد جدا». وأقر التليلي أنه لا مجال للمساومة في أي مطلب من مطالبهم «كلفهم ذلك ما كلّفهم» على حدّ قوله مؤكدا أن احتجاجهم مفتوح الى حدود استرجاع ما اقتطع من رواتبهم وختم قائلا: «لن تكون هناك عودة لمكاتب العمل، دون عودة نقودنا». أنجز حرّ ما وعد من جهته، قال بلقاسم النصري، كاتب عام الفرع الجهوي للبريد والاتصالات ببن عروس أن ما صدر عن وزارة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات يعد اهانة لاتحاد الشغل ولنقابات البريد وللبريديين على حدّ قوله. وأضاف قائلا: «لا ولن نقبل هكذا سلوكا، وقد سبق أن نبهنا الوزارة في السابق وقلنا أننا لن نسكت عن عملية خصم الأجور وأننا سنرد الفعل إما بالاحتجاج أو بالإضراب المفتوح، واليوم فقد أنجز حرّ ما وعد، ونحن هنا لندافع عن حقوقنا وعن أنفسنا بكافة الأساليب المشروعة».وأكد النصري أن احتجاجهم ناجح على المستوى الوطني كما دعا الطرف المقابل الى التعقل والى الحوار قائلا: «إن الحوار يقرب الناس والخلاف لا يفسد للودّ قضية وإذا ما اختلفنا اليوم قد نلتقي غدا لمصلحة القطاع ومصلحة الوطن». أما آمال بوزيان، عن الإدارة المركزية للبريد فقد عبرت عن استهجانها من عملية خصم أجور يومي عمل بالنسبة للأعوان وأقرت أن حق الإضراب مشروع وأن المطالب هامة، في حين أن عملية الخصم غير شرعية على حدّ تعبيرها، وتابعت قائلة: «إن الإدارة تعمل اليوم على تعطيل مصالح المواطن، وإذا لم تتوجه اليوم الى حل هذا الإشكال وإلى إرجاع اليومين المخصومين، فإن الاحتجاج سيتواصل بالتأكيد». لن نتراجع حتى تتراجعوا من جهته، بيّن نجيب المزوغي عضو بجامعة البريد بولاية سليانة أن مكاتب البريد بكل من سليانة وباجة وجندوبة والكاف مغلقة، وأكد أن احتجاجهم متواصل حتى يتحصلوا على رد ايجابي من سلطة الإشراف.وأضاف في هذا الصدد: «كفوا عن التعنّت وسياسة ليّ الذراع لن تفيد مع «البسطاجية»، ولن نتراجع حتى تتراجعوا عن مسألة الخصم وتعودوا الى طاولة التفاوض في مستوى بقية مطالبنا». أما ساسي بن سعيد، كاتب عام نقابة البريد بأريانة فقد وصف موقف الوزارة بالمتصلّب والخالي من «المسؤولية» قائلا: «تاريخنا النضالي عريق والقرار النهائي يعود الى قواعدنا وبما أنها قد قررت مواصلة النضال فسنكون في الصف الأمامي لخوض نضالات أشد وأشرس حتى وإن أدى بنا ذلك الى الطرد أو السجن.. فقرارنا واضح ولن نعدل عنه وعليهم أن يتراجعوا عن مسألة الخصم ويحققوا مطالبنا وأن يفتحوا تحقيقا في كل من ساهم من قريب أو من بعيد في التفويت في الخدمات البريدية». عملية الاقتطاع قانونية وللاستفسار والبحث في خفايا الموضوع، اتصلت «التونسية» بالسيد منجي ثامر، رئيس ديوان وزير تكنولوجيا الاتصال والمعلومات الذي أكد أن لا علاقة لوزارة الإشراف بعملية الاقتطاع في الأجور، وفسر ذلك قائلا: «هذا اجراء إداري بحت والإدارة العامة للبريد هي التي اتخذت هذا القرار ونحن طبقناه على كل من قام بعملية الإضراب».وواصل محدثنا قائلا: «إن الإضراب شرعي والاقتطاع قانوني ومن حق الإدارة أن تقتطع يومي الإضراب وذلك لتجنب فتح باب التسيّب والإنفلات وليس من المعقول أن ينهار البريد بهذه الطريقة، كما أن ذلك يعد إجراء قانونيا متفق عليه في جميع دول العالم». وأكد محدثنا أنهم سيعملون على وقف النزيف وعلى القيام بجولات صلحية وبمفاوضات للتوصل الى حلول ترضي جميع الأطراف، وتابع قائلا: «موقفنا واضح وجلي ونحن كسلطة إشراف ننادي بالحوار الجدي والمفتوح زد على ذلك فنحن في دولة القانون والمؤسسات والمواطنة والقانون يضبط العلاقات الشغيلة، ومطالبتهم باسترجاع نقود أيام الإضراب يعتبر تمردا على القوانين وانفلات جلي، وأقول أننا اذا لم نتواصل الى توافقات سنواصل اقتطاع الأجر في حال قيامهم بإضراب، ونحن ماضون في الاقتطاع حتى في الإضراب القادم والقانون معنا». هذا وقد عبرت أمس الإدارة العامة للديوان الوطني للبريد في بلاغ لها عن استغرابها من بعض الوقفات الاحتجاجية التي سجلت أمس ببعض مراكز العمل خاصة وأن البرقية الصادرة عن الجامعة العامة للبريد والاتصالات تنص على امكانية الدخول في إضراب بداية من مساء يوم 25 جوان الى غاية يوم الجمعة 28 جوان 2013.كما أكدت الإدارة في بلاغها عن حرصها على صفاء المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة وعلى أهمية التواصل مع جميع الأطراف.