أثارت أزمة «البلاي أوف» وأحداث العنف التي شهدتها ولاية بنزرت مؤخّرا ردود أفعال مختلفة لدى عامّة التونسيين وقد عبّر بعض المراقبين للشأن العام عن تخوّفهم من هذه المسألة مشيرين إلى انّ صفة كلّ من مهدي بن غربيّة وسليم الرياحي السياسيّة قد تكون ساهمت في تأجيج الأوضاع وردّة فعل الجماهير الرياضيّة ليؤكّدوا انّ المسؤولين السياسيين حين تكون لهم مسؤوليات رياضية أيضا يكون تحت أيديهم سلاح خطير هو سلاح «تجييش» و«تجنيد» الشباب حتى وإن لم يسعوا إلى ذلك أو يحرّضوا عليه معتبرين أنّ من كان يساندهم في الرياضة سيظلّ يساندهم في السياسة. «التونسيّة» تطرّقت إلى الموضوع ورصدت آراء سياسيين فكان الريبورتاج التالي: قال المولدي الفاهم قيادي من «الحزب الجمهوري» إنّ المرحلة الانتقالية التي شطبت كلّ المقاييس وخوّلت للاحتراف أن يقتحم عالم السياسة بالإنتقال من حزب إلى حزب هي نفسها التي مكّنت هؤلاء من احتكار عالم الرياضة ورجالات الرياضة من دخول عالم السياسة. «لا للتجييش» و أضاف الفاهم إنّه من غير اللائق ان ترتهن جهات سياسيّة بنفوذها المالي الساحات الرياضيّة وتجييش الناس وخدمة أغراض معيّنة منتقدا بذلك عمليّة الخلط بين الرياضة والسياسة مشيرا إلى أنّ هذه المسألة ورغم انتشارها في البلدان والمجتمعات التي تسبقنا بسنوات في مجال الديمقراطيّة فإنّها لم تعرف النجاح وتبعتها تشكيات ومظالم عدّة قائلا: «التجربة لم تنجح مع العديد من الأشخاص المحصّنين في الدول الأكثر ديمقراطيّة في العالم فما بالك معنا ونحن في مرحلة دقيقة وفي مرحلة مازالت في مهب الريح وثورة لم نعرف نتائجها بعد». و أشار الفاهم إلى أنّه لن يحمّل مسؤوليّة تأجيج الأوضاع إلى كلّ من بن غربيّة والرياحي باعتبارهما رجلي سياسة لأنّ كلّ واحد منهما دعا إلى التهدئة مضيفا أنّ الوضع مازال يتطلّب التدخّل السياسي وإيجاد حلول موضّحا أنّ هذه الحلول تتمثّل في إيجاد قوانين من شأنها ضبط المسؤوليات ومنع الإنخراط في عديد المجالات ليتمّ بذلك تحصين الانتقال الديمقراطي من كلّ المنزلقات. «المسألة خطيرة» من جهته قال فتحي الجربي القيادي في «حركة وفاء» إنّ مسألة الخلط بين الرياضة والسياسة تعدّ خطيرة وأنّه لا بدّ من فصل هذين المجالين عن بعضهما البعض لأنّ هذه الأخيرة ،في إشارة إلى الرياضة، تعدّ مرفقا عاما للجميع وتستقطب كافّة الأطياف وفي التحامها بالسياسة وبرجالات السياسة تصبح أداة لخلق التفرقة داخل المجتمع. و أشار الجربي إلى أنّ مشكل التمويل المشبوه الذي كانت تتهم به الأحزاب سيطال الجمعيات الرياضيّة مضيفا أنّه عبر أحداث بنزرت أصبح من شبه المؤكّد أنّ سليم الرياحي ومهدي بن غربيّة أصبحا يملكان أخطر سلاح وهو سلاح تجييش وتجنيد شباب الملاعب الرياضيّة مطوعين الثورة لصالحهم ليصبح هؤلاء الشباب «ميليشيات» تستعمل للتعبئة السياسيّة كما كان الزعيم بورقيبة اعتمد في السابق شباب الكشافة للدفاع عنه ومدحه مؤكّدا أنّه يمكن للرياحي وبن غربيّة تحريك جماهيرهما ضدّ الحزب الحاكم إذا لزم الأمر وهو الشيء الذي يعدّ خطرا على الحياة الديمقراطيّة. «الجمهور ليس ساذجا» أمّا منجي الرحوي القيادي في حركة الوطنيين الديمقراطيين فقد أشار إلى انّه لا يستطيع الحكم على النوايا بشان تجنيد جماهير الإفريقي والبنزرتي لخدمة أغراض سياسيّة مضيفا أنّه لا يستطيع تصديق ما يتداوله الجميع في الشارع التونسي بعد الأحداث التي شهدتها بنزرت عقب أزمة «البلاي أوف» مشيرا إلى انّ ردّة فعل جماهير بنزرت كانت عاديّة وعفويّة وشبيهة بحالات احتجاج الجماهير التي تشهدها العاصمة بعد شعورهم بنوع من الظلم والغيض. كما اكّد الرحوي أنّ وجود رجالات السياسة في عالم الرياضة لا يعني بالضرورة محاولة هؤلاء تجييش وتجنيد الجماهير لخدمة أغراض سياسيّة لأنّ «الجمهور الرياضي ليس على درجة من السذاجة ليقع التلاعب به» مضيفا انّ التعامل مع الجمهور يتطلّب نوعا من الحكمة ليدعو إلى ضرورة إيلاء القطاع الرياضي المزيد من الإهتمام والتأطير قصد تطويره في المضمون وفي الإدارة وفي الأداء ليؤكّد على ضرورة أن تصبح الرياضة صلب اهتمامات الأحزاب السياسيّة. الوضع الاجتماعي سبب الأزمة و قال «محسن مرزوق» من حركة «نداء تونس» ان ما حدث مرتبط بحالة من الاحتقان السياسي في البلاد بعد ان فقد الشعب الامل في حكومة علي العريض وشعر بغياب الافاق . وأضاف «مرزوق» ان عدم ترشح النادي البنزرتي كان حجة وليس سببا رئيسيا لتفجير حالة الاحتقان التي يعيشها اهالي بنزرت بصفة خاصة والشعب التونسي بصفة عامة . وبين «مرزوق» انه كان بالإمكان تجنب ما حدث من اعمال عنف وتخريب لو كانت هناك شفافية في طرح الموضوع كالتفكير في قواعد اللعبة قبل اجراء المباراة الفاصلة قائلا «يبدو ان الفوضى اتت على كل شيء». من جهة اخرى استبعد «مرزوق» ان يكون التجييش السياسي والحزبي وراء ما اقدم عليه «البنزرتية « باعتباره لا يخدم مصلحة الطرفين لا سياسيا ولا كرويا ,مضيفا ان الساحة الرياضية عرفت مشاكل ومواجهات كبيرة بين بعض النوادي التي كان رؤساؤها غير مسيسين وآخرها احداث النادي الصفاقسي والملعب القابسي . وأشار «مرزوق» الى ان رؤساء النوادي ليسوا المسؤولين عن ادارة ازمة صنعتها الجامعة ,مضيفا ان وجد تسييس في كرة القدم فهو من خلال مراسلة رئيس الجامعة للغنوشي للتدخل في الرياضة . التصريحات عقّدت الأوضاع أمّا «محمود البارودي» عن التحالف الديمقراطي فقد قال إن الإشكالية تكمن في كيفية التعامل مع الأوضاع السائدة في البلاد، مضيفا انه من غير المقبول استعمال النفوذ السياسي لخدمة المصالح الرياضية مشيرا الى ان تصريحات سليم الرياحي ومهدي بن غربية عقدت الاوضاع وانّه كان من الاجدر عدم الإدلاء بها قائلا «احترم دفاع الطرفين عن حظوظ كل فريق في الترشح لكن لابد من وضع مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات. وأضاف البارودي ان هناك مواقف تتطلب رصانة اكبر. كما اكد ان توظيف كرة القدم للتعبئة السياسية خطر قد يعصف بالبلاد لا سيما وانه كان بإمكان الرياحي وبن غربية تفادي ما حصل وتغليب الحوار. لا دخل للصفة الحزبية في ما حدث استبعد الجيلاني الهمّامي قيادي في حزب العمال ان تكون الصفة الحزبية وراء تأجيج الاحداث الأخيرة في بنزرت قائلا «اعتقد ان المسالة تعلقت بالترشح للسباق على اللقب لا اكثر». وأضاف «الهمامي» ان تصريحات الرياحي وبن غربية التي سبقت الحسم في الموضوع قد ساهمت بقدر كبير في اندلاع اعمال الشغب لا سيما وان كلاهما هنأ جماهير ناديه بالفوز ليصطدم احباء النادي البنزرتي بحقيقة اخرى فكانت ردة الفعل قوية . كما اعتبر الهمامي ان موجة الغضب التي عاشت على وقعها مدينة بنزرت هي نتاج لتأزم اوضاع لها طابع اجتماعي وسياسي بحت وكان عدم الترشح شرارة الانفجار . وحمل «الهمامي» الهياكل الرياضية المسؤولية'مضيفا انه كان هناك فراغ قانوني وتحديدا في الفصل 22 الذي لم يوضح بدقة كيفية حسم المسألة وقال انه لا مجال لتبرير ما وقع من أعمال تخريبية مهما اقتضى الأمر . «لا لتسييس الرياضة» من جهتها أشارت سعاد عبد الرحيم نائبة بالمجلس التأسيسي عن كتلة «النهضة» إلى أنها لا تعتقد أنّ بن غربيّة والرياحي يعملان على تجييش الجماهير الرياضيّة لصالحهما أو لخدمة أغراضهما الحزبيّة داعية في الآن نفسه إلى ضرورة الإبتعاد عن تسييس الرياضة لما في ذلك من مخاطر مؤكّدا انّه كان بالإمكان تفادي كلّ مظاهر العنف التي شهدتها ولاية بنزرت بإتباع المقترح الصادر الآن منذ بداية المشاورات. و أضافت عبد الرحيم أنّ ما شهدته جهة بنزرت هو انفلات لا تقف وراءه أيّة جهة سياسيّة داعية إلى تهدئة الامور وعدم التفرقة لأنّ المرحلة الحاليّة دقيقة ولا تتطلّب ايّ نوع من التصعيد. ليلى بن إبراهيم وعائشة السعفي