كانت «التونسية» سبّاقة إلى الإشارة إلى المرسوم عدد 88 لسنة 2011 والمؤرّخ في سبتمبر 2011 وكنّا قد تعرضّنا حينها إلى العراقيل القانونية التي قد تواجه سليم الرياحي في صورة اعتزامه الترشّح إلى رئاسة النادي الإفريقي. ورغم تباين واختلاف وجهات النظر القانونية في هذا الموضوع فقد نجح الرياحي في الوصول إلى كرسي الرئيس بشكل طبيعي ودون أيّّة تأثيرات جانبية بشكل أوحى وقتها أن العملية تمّت في إطار قانوني بحت غير أنّه وبعد مضيّ 10 أشهر على تولّيه مقاليد الرئاسة في الفريق فاجأت الكتابة العامة للحكومة الجميع من خلال توجيه مراسلة خاصة الى وزارة الشباب والرياضة والنادي الافريقي في شكل إنذار تطالب فيها سليم الرياحي بالاستقالة من رئاسة الإفريقي أو التخلّي عن مسؤولياته الحزبية... المراسلة خلّفت جدلا واسعا في صفوف الجماهير الرياضية وخاصة تلك المعنيّة بقرار الفصل بين الكرسيين ونعني هنا تحديدا جماهير النادي الإفريقي التي ثارت ثائرتها واستغربت وجاهة هذه المراسلة وخاصة دواعي خروجها إلى العلن في هذا التوقيت بالذات الذي تدعو فيه وزارة الشباب والرياضة إلى «خصخصة» الجمعيات الرياضية وإعطائها صبغة «مؤسساتية»... «التونسية» سلطت الضوء على الموضوع وعلى تداعيات هذه المراسلة ورصدت مختلف المواقف والأطراف المتداخلة في الأمر فكان هذا التحقيق التالي: «عماد الرياحي» (الناطق الرسمي للنادي الإفريقي): «الرياحي يدفع ثمن مواقفه السياسية» قال عماد الرياحي الناطق الرسمي للنادي الافريقي: «إن سليم الرياحي أقلقه الأمر مما استوجبه التحول الى لندن للارتياح قليلا مع أسرته لأنه محبط من تصرفات الحكومة المنافية للديمقراطية. ولم يخف الرياحي تذمره من المراسلة الواردة على الوزارة والنادي الإفريقي من كتابة الدولة لدى الحكومة منذ أسبوعين تقريبا قائلا: إن سليم الرياحي وطني أكثر من العديد الذين يشككون فيه وأنه مساهم بدرجة كبيرة في الاستثمار الرياضي وذلك من خلال إدخال العملة الصعبة لتونس وخير دليل أن كل اللاعبين يتقاضون رواتبهم بالدولار والأورو كما أن الحكومة تريد محاسبة سليم الرياحي على مواقفه السياسية الصريحة والواضحة والناقدة خصوصا بعد عملية اغتيال شكري بلعيد كما أن توقيت إثارة هذا الموضوع يطرح العديد من نقاط الاستفهام ولا توجد إلا إجابة واحدة وهي أن الحكومة تريد السيطرة على مفاصل وأجهزة الدولة وتكريس مبدإ الإقصاء لأن المرسوم عدد 88 الصادر في 2011 هو إقصائي بالأساس ولا يخدم مصلحة البلاد ووديع الجريء بدوره امتعض من هذا القانون القمعي. فالديمقراطيات تشجع على التصاق الرياضة بالسياسة وخير دليل على ذلك جورج وياه وكذلك برنار تابي وبرلسكوني في إيطاليا. وفي ما يتعلق بجمهور النادي الافريقي قال الرياحي «الشعب التونسي ليس غبيّا والحكومة تريد الضحك على الذقون لأنه يبدو أنهم متخوفون من حجم جمهور الافريقي الذي يرونه حاسما في العملية الانتخابية القادمة». وبخصوص بعض المعلومات الرائجة حول إمكانية تدخل بعض المسؤولين السابقين الذين لا يريدون سليم الرياحي قال عماد الرياحي: «نحن كهيئة الافريقي ننزه كل أطراف الأسرة الموسعة للافريقي ولا نشكك في أحد». عادل الدعداع: (رئيس نادي حمام الأنف): «أنصح الحكومة بالتريّث» «الى حدّ هذه الساعة لم يصلني هذا المرسوم لأنني في رحلة عمل خارج حدود الوطن وحتى إن سلّمنا بأن هذا المرسوم سيشملني مستقبلا بما أنني مدير التشريفات والعلاقات العامة بحركة «النهضة» فهناك معطيات عديدة وجب أخذها بعين الاعتبار قبل تفعيل مثل هذه القوانين أوكدها الوقوف عند الأسباب الرئيسية التي دفعت الحكومة لإقرار هذا المرسوم على أرض الواقع وفي هذا التوقيت بالتحديد لأن الشخصيات التي تجمع بين القيادة السياسية والرياضية في تونس عددها ضئيل جدا مقارنة بما يوجد في أوروبا... أما إذا ثبت استغلال نفوذ لرئيس جمعية رياضية لخدمة أغراضه السياسية ففي هذه الحالة يصبح تفعيل المرسوم منطقيا وقانونيا للحدّ من هامش الصلاحيات الموضوعة على ذمة الناشط القيادي الذي يجمع بين السياسة والرياضة. عموما أنصح الحكومة بالتريّث قبل اتخاذ مثل هذه المراسيم لأن القانون إذا تم تفعيله دون وجود تبريرات منطقية تفرض العمل به قد يخلق إشكاليات عديدة نحن في غنى عنها». أنيس بن ميم: (أستاذ القانون الرياضي): الفصل 47 يستثني الجمعيات التي تتمتع بقانون خاص لمزيد الاستفسار عن موضوع الساعة الذي أصبح يؤرق العديد من أحباء الاندية التي يستغل رؤساؤها مناصب سياسية اتصلنا بأستاذ القانون الرياضي أنيس بن ميم الذي أفادنا أن كتابة الدولة للحكومة اعتمدت على المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات وتحديدا الفصل التاسع الذي ينص على ما يلي «لا يمكن أن يكون مؤسسو ومسيرو الجمعية ممن يضطلعون بمسؤوليات ضمن الهياكل المركزية المسيرة للأحزاب السياسية» وأمام هذه الوضعية يكون لزاما على مسيّر الجمعية أن يستقيل من الحزب أو يتخلى عن مسؤولياته دون الاستقالة وإلا فإنه يعرض الجمعية لعقوبات منها تعليق النشاط بشهر وفي صورة تواصل الإخلال يمكن حل الجمعية. إلا أن هذا المبدأ لا ينطبق سوى على الجمعيات الأهلية والمدنية ولا يستقيم مع الجمعيات الرياضية لأن الفصل 47 من نفس المرسوم يستثني الجمعيات الخاضعة لأنظمة قانونية خاصة. وهنا يمكننا الحديث عن المرسوم عدد 66 لسنة 2011 المؤرخ في 14 جويلية 2011 والذي خصّ الجمعيات الرياضية بقانون خاص مختلف عن النظام القانوني العام. والمؤكد أن الكتابة العامة للحكومة لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع الدقيق الذي تعيشه الرياضة في تونس بعد الثورة وما تتعرض له الأندية من أزمة مالية خانقة علما أن وزارة الشباب والرياضة ما انفكت تنادي بتدعيم الرياضة من خلال الدعوة الى الاستثمار والرؤساء المعنيون بهذه المراسلات أنفقوا أموالا طائلة في وقت تعاني فيه بقية الجمعيات من أزمات خانقة». وديع الجريء: (رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم): «يمكن للإفريقي أن يرفع الأمر ل«الفيفا» وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم عبّر لنا بدوره عن الموقف الرسمي للجامعة من المراسلة التي وردت على سليم الرياحي رئيس النادي الافريقي قائلا: «موقفنا الرسمي كجامعة وهي الهيكل الذي يمثل الأندية نرى أنه من الضروري إكمال الموسم وما تبقى به من جولات أولا ثم ننظر في مثل هذه القضايا حتى يكون لكل الأندية متسع من الوقت للتفكير في من يصلح لرئاستها ولذلك تأجيل العمل بهذا المرسوم مراعاة للظروف الراهنة. كما قال الجريء: «إن الجامعة ترحب وتساند كل الرؤساء المستعدين لإفادة أنديتهم خصوصا من الناحية المادية خاصة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به كل الأندية التونسية. وفي ما عدا ذلك فنحن كجامعة لا نتدخل في الشأن لأنه يبقى قانونيا ويتجاوزنا». وقال أيضا إن الجامعة تضمّ أكثر من 200 جمعية فيها الكثير من الجمعيات التي لها توجهات سياسية وأنه إذا مشينا في هذا الطريق في الوقت الحالي سنزيد في تأزيم الوضع. وبسؤالنا عن إمكانية رفع هيئة الافريقي المسألة الى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قال الجريء: «ما أتمناه أن يحلّ المشكل على مستوى وطني وبأمور شفافة وواضحة غير أنه من الناحية القانونية يمكن للإفريقي أن يرفع ذلك الى «الفيفا». جلال تقية: (مستشار لدى وزير الشباب والرياضة): «الأمور تتجاوز الوزارة» «نحن نستغرب كوزارة من إثارة هذه المسألة في الوقت الحالي والتي تم تهويلها رغم أن الأمور الحاصلة لا تتجاوز مجرد مذكرة وردت على الوزارة منذ شهر تقريبا وتتضمن ضرورة مراجعة الفصول القانونية المتعلقة بالجمعيات الرياضية وخاصة الفصل 47 من المرسوم عدد 88 والمؤرخ في 24 سبتمبر 2011. ونحن منكبّون في الوزارة على دراسة هذه المسألة وسنتشاور فيها مع الجمعيات والحكومة ويمكن تمريرها إلى المجلس التأسيسي خصوصا أن الأمور غير واضحة بسبب تضارب القانون الأساسي عدد 11 المؤرخ في 6 فيفري 1995 والفصل عدد 47 من المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 وهذه الأمور قانونية بحتة وتتجاوز الوزارة». مهدي بن غربية: (رئيس النادي البنزرتي): «هذا المرسوم لا يلزمني» «تعلمون جيدا أن حزبنا لا يزال حديث النشأة وأن المرسوم الحكومي عدد 88 المنظم للجمعيات الرياضية والمؤرخ في نوفمبر 2011 والقاضي بعدم الجمع بين رئاسة جمعية رياضية وحزب سياسي لا تنطبق أحكامه إلا على الهيئة القيادية في الأحزاب دون غيرها وبما أنني لست عضوا في الهيئة القيادية لحزب التحالف الديمقراطي فإن هذا المرسوم لا يلزمني بالفصل بين نشاطي السياسي ورئاستي للنادي البنزرتي».