جليّ للعيان أنّ الرسام محمد أكرم خوجة بدأ يؤكّد أحقيته بالحضور في المشهد التشكيلي الوطني وجدوى محامله الزيتية يقتفي مآثر والده الفنان الراحل علي خوجة وينحت له البصمة المخصوصة. أسّس وبعث للوجود رواقا للفن التصق عنوانه باسم أبيه ثمّ أذعن ساخنا مثل نسمة «شرش» بلغة البحّارة يحبّر بياض التراب بأزرق المتوسط القاني وعمّر تفاصيل لوحاته انعكاسات النبض الناعم على تلال الماء يصوّر إمتدادات الموج وأحلام الصيادين ثم هدير المراكب تطفو فوق حراك المتوسّط، ليمضي باقتدار ملحمة مدينة المهدية بكل تداعياتها، بهجتها وقلقها... وقبيل إقامة المعرض الذي يفتتح يوم 15 مارس الجاري بدار الثقافة لمطة، كتب عنه الشاعر: جلال باباي في محامله دراسة غير مكتملة نطلعكم على بعض أسطرها: «هو الآن في مفترق الطريق يحتدم بهواجس القادم العاصف بالتقلّبات، فتختلط إيقاعات الأرصفة وتتوحّد ملامح الوجوه صوب موجة الغضب العارمة التي هزّت شوارعنا إثر اندلاع ربيع الثورات العربيّة، فاستطاع برؤيته المخصوصة بلا انفعالات أو مزاجية متسارعة أن يتأبّط في خطواته ويؤلّف عن تروّ عتبة تجربة فنّية نفسية غاية في الجمال والكمال اختار لها من العناوين «الأحلام المظللة» أو ما خيّر تسميته ب«أحلام تحت الظلّ»... «وهي جملة من اللوحات قارب عددها الأربعين يعرضها بفضاء دار الثقافة لمطة من ولاية المنستير، في حين تطالعنا وتثير فينا العديد من التساؤلات أسماء مثل «كابوس»، «إمرأة تبكي»، «طفولة»، «باب أزرق»... وبين الإسم والآخر رحلة نحو ذاكرة الشخوص أو ما يشبه تحليلا نفسيا لملامح الوجه مرورا بالحلم وتداعياته الليلية»... ثمّ يضيف جلال باباي: «الرسام محمد أكرم خوجة وكما ارتأى لي ضمن هذا اللعب الجديد بالفرشاة أقرب إلى طبيب نفساني أو مسافر زاده التوجسات، الخيال وأحداث متقادمة طفت فجأة تطلب خربشات الرسّام بأن يتصالح مع طفولته المتعثرة ويقرأ في كف إمرأة منسية أو ربّما يقتفي ملامح كابوس استعاد يقظته بعد نعاس طال فوق وسادته الخالية... لن نستطيع فك رموز عتبة العنوان لأنها بصدق مظلّلة، غارقة في الأرق، طافحة بالألق...» ينتظركم الفنان محمد أكرم خوجة بأروقة دار الثقافة بلمطة لتلمّس الحلم الذي رمى بسحره على ضفاف القماشات والبياض ذات ربيع.