كشفت ردود الفعل في الشارع التونسي خلال الأسبوع الأول للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة اختلالا واضحا في المشهد السياسي الوطني والقدرة التعبوية لصالح الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي.. كشفت الردود حالة الضعف والانقسام والتشرذم في صفوف أحزاب المعارضة القانونية وغير القانونية على حد سواء.. ومحدودية تأثير غالبية الجمعيات والمنظمات المهنية والإنسانية الأخرى.. بما فيها تلك التي ينتمي إليها رسميا الاف المنخرطين و"المناضلين".. ولها "فروع" في كامل البلاد.. وبعيدا عن التبريرات واللجوء إلى تفسير كل النقائص بعامل واحد.. مثل موقف الإدارة وعدم موافقتها على بعض المطالب الخاصة بتنظيم مسيرات وتجمعات مناصرة للفلسطينيين جهويا ووطنيا.. فقد كشفت تحركات الايام الماضية بالخصوص أن مقرات غالبية الاحزاب والمنظمات ما عدا التجمع الدستوري واتحاد الشغل كانت "خاوية" أو تكاد.. وهو ما لم يثر استغراب من يعرفون واقع هذه الاحزاب والمنظمات من الداخل : فكثيرمنها ليس له اكثرمن بضع عشرات من المنخرطين ولا يعقد اجتماعات منتظمة لقيادته الموسعة.. ويجد صعوبة كبرى في تنظيم مؤتمره الدوري والدعوة الى انشطة تنظم في مقراته فضلا عن النجاح في تنظيم تجمعات حولها أو في الشارع.. وقد أكدت ردود الفعل التي سجلت وطنيا وجهويا على العدوان الاسرائيلي الجديد أن مقرات اتحاد الشغل في العاصمة وفي الجهات كانت وحدها القادرة على استقطاب الجمهور وتنظيم تجمعات ومسيرات شعبية.. (الى جانب حزب التجمع).. ويوم الخميس الماضي أكد تنظيم المسيرة الكبرى في العاصمة القدرة التعبوية الهائلة لحزب التجمع.. الذي نجح في تجميع أكثرمن ألف مناضل من منطقة تونس الكبرى وحدها في يوم عطلة.. بينهم عدد كبيرمن كوادر الدولة.. لكن غالبيتهم مناضلون ومناضلات من القاعديين فعلا.. كما تاكدت مجددا القدرة التعبوية لهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل وطنيا وجهويا.. التي جمعت منذ الصباح الباكر (حول بورصة الشغل) الاف المناضلين النقابيين التحق بهم لاحقا الاف المواطنين العاديين ونشطاء عدد من الجمعيات الحقوقية والمهنية والحركات السياسية القانونية وغير القانونية.. من مختلف الاتجاهات والاعمار.. بما أكد مجددا أن اتحاد الشغل الذي أسسته في 1946 شخصيات وطنية من مختلف التيارات الفكرية والسياسية لا يزال فضاء رحبا قادرا على استيعاب التناقضات والتنوع والاختلاف والحوار.. بخلاف بعض الاحزاب المعارضة التي عجزت عن استيعاب حد أدنى من الخلاف والحوار بين مناضليها واعضاء مكاتبها السياسية ومجالسها الوطنية والمركزية.. ولجأت الى الاقصاء والطرد وتنظيم مجالس التاديب.. ومنع خصومها من داخل الحزب من حق التعبير عن رايهم داخل صحيفة الحزب (او "نشريته").. لقد شارك ما لا يقل عن 20 ألف متظاهر في مسيرة الخميس 1 جانفي كان نشطاء احزاب المعارضة القانونية بينهم أقلية واضحة.. مما يستوجب طرح تساؤلات جدية حول مصداقية بعض الشعارات والتي يرفعها قادة بعض هذه الاحزاب حول مشاركتها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة..