أبدت قطر تحفظاً على وثيقة تثير مخاوف قطاعات واسعة من الإعلاميين العرب، جرت مناقشتها وإقرارها خلال الإجتماع الإستثنائي لمجلس وزراء الإعلام العرب، الذي التأم اليوم الثلاثاء في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة لمناقشة المبادئ والأطر المقترحة لتنظيم نظم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية، الأمر الذي يثير هواجس لدى الإعلاميين العرب من الحد من حرية التناول في البرامج السياسية الحوارية التي تذيعها الفضائيات العربية . وبلهجة بدت تحذيرية لدى افتتاح الاجتماع الوزاري برئاسته، قال أنس الفقي وزير الإعلام المصري إن بعض القنوات الفضائية خرجت عن مسارها الصحيح وعلينا أن نعترف بأن هناك تجاوزات حدثت وتحدث على مدار الساعة تستوجب أن تكون لنا وقفة جادة، نتحمل فيها مسؤوليتنا أمام شعوبنا، ونتأكد من أن صناعة الإعلام في عالمنا العربي قادرة على النمو والازدهار وتحقيق اقتصاديات متوازنة من دون المزايدة على قيم ومثل المجتمع العربي، أو الخروج عن أعرافه وتقاليده"، وأضاف الفقي أننا مع حرية التعبير وسنطل ندافع عنها ونعززها بمزيد من الحرية ولكن في إطار من المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية . ومضى الفقي قائلاً إن وزراء الإعلام يرفضون أن تكون بعض الفضائيات العربية أدوات لهدم المجتمعات العربية أو الإخلال بتوازنها أو المتاجرة بمشكلاتها وأضاف "إننا نرى وبوضوح الخطوط الواضحة والعلامات الفاصلة بين حرية التعبير وحرية الإعلام، وحالة الانفلات التي يستهدف إشاعتها والتي لا ينبغي ان نسمح بها"، على حد تعبيره . ويأتي هذا الاجتماع وسط مخاوف من فرض قيود جديدة على حرية التعبير تحت لافتة "وثيقة مبادئ لتنظيم البث والاستقبال التلفزيوني"، وهو المشروع الذي رفعته اللجنة الدائمة للإعلام العربي إلى المجلس، متضمناً بنداً يقضي بالالتزام باحترام كرامة الدول وتجنب "تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية بالتجريح"، ويدشن آليات تنفيذية لها خلال اجتماع الدورة العادية للمجلس في حزيران (يونيو) المقبل . وتتضمن الوثيقة الخاصة بتنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية 13 بندا تستهدف تنظيم عملية البث وإعادته واستقباله للقنوات الفضائية والإذاعية في المنطقة العربية، ويطالب بممارستها "بالوعي والمسؤولية بما من شأنه حماية المصالح العليا للدول العربية"، كما يسمح مشروع تنظيم البث الفضائي لكل دولة عربية بوضع ما تراه من قوانين أكثر تفصيلا في مجال تنظيم عمل القنوات الفضائية المرخصة من سلطاتها . وقالت مصادر إعلامية إن مصر والسعودية تساندان المشروع، الذي يتيح للدولة العربية التي ترى أن أي قناة فضائية انتهكت الأحكام الواردة في المشروع أو في القانون المحلي بسحب ترخيص القناة أو عدم تجديده أو ايقافه "للمدة التي تراها مناسبة" . ومن أهم الضوابط المقترحة في مشروع الوثيقة الالتزام باحترام مبدأ السيادة الوطنية لكل دولة على أرضها، بما يتيح لكل دولة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الحق في فرض ما تراه من قوانين ولوائح أكثر تفصيلاً في هذا الإطار والالتزام بمبدأ ولاية دولة المنشأ دون إخلال بحق أي شخص أو كيان في اللجوء إلى أجهزة تلقي الشكاوى وتسوية المنازعات التي تنظمها هذه الوثيقة بالنظر إلى أن هذا المبدأ يوفر الضمان القانوني لهيئات البث وإعادة البث الفضائي ومقدمي خدمات البث الفضائي بمختلف أنواعها ومشغليها، كما يضمن في الوقت نفسه لمستقبل الخدمة وجود جهة يحتكم إليها . ويدعو مشروع الوثيقة للالتزام بمبدأ حرية استقبال البث وإعادة البث، بمعنى حق المواطن العربي على امتداد أراضي الدول الأعضاء في استقبال ما يشاء من بث تليفزيوني صادر من أراض أي من الدول أعضاء جامعة الدول العربية . ويؤكد مشروع الوثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية ضرورة التزام هيئات البث ومقدمي خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيق المعايير والضوابط المتعلقة بالعمل الإعلامي بالتالي في شأن المصنفات التي يتم بثها ، ومنها احترام كرامة الإنسان وحقوق الآخر في كامل أشكاله ومحتويات البرامج والخدمات المعروضة ، والامتناع عن التحريض على الكراهية أو التمييز القائم على أساس الأصل العرقي أو اللون أو الجنس أو الدين ، والامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب مع تفريق بينه وبين الحق في مقاومة الاحتلال ، وكذلك الامتناع عن وصف الجرائم بكافة أشكالها وصورها بطريقة تغري بارتكابها أو تنطوي على إضفاء البطولة على الجريمة ومرتكبيها أو تبرير دوافعها ، ومراعاة آداب الحوار، واحترام حق الآخر في الرد . كما يؤكد مشروع الوثيقة ضرورة التزام هيئات البث ومقدمي خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيق المعايير والضوابط المتعلقة بالعمل الإعلامي التالية في شأن كافة المصنفات التي يتم بثها بضرورة الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي، ومراعاة بنيته الأسرية والمذاهب والرموز الدينية الخاصة بكل فئة أو طائفة . كما يدعو أيضاً مشروع الوثيقة هيئات البث ومقدمي خدمات البث وإعادة البث الفضائي إلى الالتزام بعدد من الضوابط المتعلقة بالحفاظ على الهوية العربية في شأن كل المصنفات التي يتم بثها ، منها الالتزام بصون الهوية العربية من التأثيرات السلبية للعولمة مع الحفاظ على خصوصيات المجتمع العربي والعمل على إثراء شخصية الإنسان العربي والعمل على تكاملها قوميا وإنمائها فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا والحفاظ على اللغة العربية، والامتناع عن بث ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي، أو تعزيز أواصر التعاون والتكامل بين الدول العربية أو يعرضها للخطر .