القاهرة من أميرة الطحاوي:اعتمد مجلس وزراء الاعلام العرب اليوم وثيقة (مبادىء تنظيم البث والاستقبال الفضائي والاذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية). بعد نحو ساعتين فقط من نقاشها بين الوزراء. واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد لشؤون الاعلام السفير محمد الخمليش أن اعتماد هذه الوثيقة ومناقشتها من قبل وزراء الاعلام العرب "دليل جديد على اتساع مظلة منظومة العمل الجماعي العربي". وتحمل الوثيقة اسم "المبادئ والأطر المقترحة لتنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني عبر الفضاء في المنطقة العربية".ويتضمن المشروع وضع ضوابط جديدة تلتزم بها جميع المحطات الفضائية العربية، بحيث يتم التوقيع عليها، باعتبارها "ملحقاً للعقد" المبرم بين المحطة والدولة مانحة الترخيص، دون استثناء للمناطق الحرة، مع إقرار عقوبات محددة في حالة مخالفة هذه الضوابط، تبدأ بإنذار المحطة ومصادرة المعدات والأجهزة المستخدمة، وفرض غرامات مالية كبيرة وتصل لإلغاء ترخيصها نهائياً. محور سعودي مصري وبحسب مراقبين فإن لقاء وزيري الإعلام السعودي والمصرية بداية الأسبوع الماضي يحمل دلالة على ضغط الدولتين
الكبيرتين لإجازة هذه الوثيقة بعد أن دأبت فضائيات عربية على انتقاد سجلهما في مجال حقوق الإنسان، ومما يؤكد هذه الرؤية أن فريق خبراء الإعلام العرب الذي تم تشكيله لوضع بنود الوثيقة قد عقد أكثر من اجتماع في عاصمتي الدولتين الرياضوالقاهرة بالإضافة إلى تونس. وبدا واضحا أن الوثيقة التي تتضمن 18 مادة قد دخلت حيز التنفيذ حتى قبل أن تناقش، فحسب قناة "الحياة المصرية" التي كان يُفترض أن تبدأ بثّها التجريبي قبل أسابيع، فإنهم تلقوا طلباً من الحكومة المصرية لانتظار صدور ميثاق الشرف الإعلامي المصري خلال الشهر الحالي. وكان هذا الطلب عقب لقاء وزيري الإعلام المصري والسعودي. بينما أكد وزير الإعلام المصري أنس الفقي في تصريحات صحافية السبت أن هناك بالفعل تنسيقا دائما بينه وبين وزير الإعلام السعودي في كل ما يرتبط بالقضايا المطروحة علي الساحة، مستدركا أن هذا التنسيق لا يستهدف ممارسة أي ضغوط سياسية علي الفضائيات وإنما يستهدف التأكد من تطبيق ميثاق شرف الإعلام العربي والالتزام به من قبل القنوات العاملة بالبلدين. ومن بين الأسماء التي شاركت في إعداد الوثيقة د.حسن جميعي، أستاذ القانون الخاص في كلية الحقوق في جامعة القاهرة و د.حسين أمين الأستاذ بقسم الإعلام الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ورصد للخبيرين آراء سابقة ترحب بقوانين الصحافة في مصر رغم تضييق هامش الحرية بها وتطالب بمزيد من القيود على حرية النشر الاليكتروني. الإمارات الخاسر الأكبر وستقيد الوثيقة حال إقرارها الحرية الكبيرة التي تتمتع بها فضائيات عربية تتخذ من المناطق الإعلامية الحرة مقرا لها، وأشهرها المنطقة الحرة بمدينة نصر ومدينة الإنتاج الإعلامي بمصر، كذلك المنطقة الحرة في دبيبالإمارات العربية المتحدة حيث العدد الأكبر من الفضائيات العربية. وتلقت اللجنة الدائمة للإعلام العربي التي أعدت للمؤتمر ملاحظات عدة حول الوثيقة من مندوب الإمارات. ومن بين بنود الوثيقة الجديدة الدعوة لتنظيم البث وإعادته واستقباله في المنطقة العربية وكفالة احترام الحق في التعبير عن الرأي وانتشار الثقافة وتفعيل الحوار الثقافي من خلال البث الفضائي. والتأكيد على التزام هيئات البث ومقدمي خدمات البث الفضائي وإعادته بمراعاة القواعد العامة كعلانية وشفافية المعلومات وحماية الجمهور للحصول على المعلومة السليمة وحماية المنافسة الحرة في مجال البث . وحماية حقوق ومصالح متلقي خدمات البث وعدم التأثير سلبا على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة والتقيد بضوابط وأنماط خدمة البث واعداته واحترام حرية التعبير بوصفها ركيزة أساسية من ركائز العمل الاعلامى العربي وبما من شأنه حماية المصالح العليا بالدول العربية والوطن العربي. وشدد المشروع على احترام حريات الآخرين وحقوقهم والالتزام بأخلاق مهنة الإعلام والالتزام باحترام مبدأ السيادة الوطنية لكل دولة على أرضها" بما يتيح بكل دولة عضو بجامعة الدول العربية الحق في فرض ما تراه من قوانين ولوائح أكثر تفسيرا". ولاية دولة المنشأ! وأعطت الوثيقة يدا عليا لسلطات كل بلد في التعامل مع الفضائية التي تبث منها، فقد أشارت الوثيقة لأهمية الالتزام بمبدأ ولاية دولة المنشأ دون إخلال بحق اى شخص أو كيان في اللجوء إلى أجهزة تلقى الشكاوى وتسوية المنازعات التي تنظمها الوثيق بالنظر إلى أن هذا المبدأ يوفر الضمان القانوني لهيئات البث الفضائي وإعادته ومقدمي خدماته. كما حظرت الوثيقة على أي شخص طبيعا كان أو معنويا أن يمارس اى عمل من أعمال البث أو إعادته أو أن يقدم اى خدمة من خدماته ما لم يكن حاصلا على رخصة صادرة من السلطة المختصة في اى دولة من الدول الأعضاء. ودعا المشروع الدول الأعضاء لوضع الإجراءات اللازمة في تشريعاتها الداخلية لمعالجة حالات الإخلال بمبادئ هذه الوثيقة خاصة هيئات البث الفضائي وإعادته ومقدمي خدمات البث الفضائي ولو كانت تعمل من خلال مناطق خاصة أو مناطق حرة. العبارات الفضفاضة ولم تخل والوثيقة من صياغة فضفاضة للأهداف والثوابت مثل تأكيدها على الالتزام بصون الهوية العربية من التأثيرات السلبية للعولمة مع الحفاظ على خصوصيات المجتمع العربي وإثراء شخصية الانسان العربي والعمل على تكاملها قوميا والحفاظ على اللغة العربية والامتناع عن بث كل ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي أو مع تعزيز أواصر التعاون والتكامل بين الدول العربية أو يعرضها للخطر. والتشديد على الالتزام بالموضوعية والأمانة واحترام كرامة الدول والشعوب وسيادتها الوطنية وعدم تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية بالتجريح والصدق والدقة فيما يبث الإعلام من بيانات ومعلومات وأخبار والالتزام بتصويب كل معلومة خطأ أو ناقصة تم تقديمها من قبل مع الاحتفاظ بحق الرد . لكن سليم عزوز الكاتب في صفحة مدارات المعنية بشئون الإعلام بجريدة القدس العربي اللندنية يرى الأمر أشبه بمناورة من الوزراء العرب؛ فهم يجيزون بنودا تداعب مطالب المشاهد العربي المحافظة مثل رفض العري في الأغنيات لكن في الوقت ذاته يضعون قيودا على انتقاد الحكومات العربية أو كما يلخصه عزوز ب"إنهم يضعون السم في العسل" أما وائل الإبراشي المذيع بقناة دريم الخاصة فيرى أن الوثيقة تستهدف حماية حكومات عربية من قنوات معينة، مشيرا لتزايد أثر الفضائيات في نقل الاحتجاجات التي يشهدها الشارع المصري في الآونة الأخيرة كذلك قضايا تعذيب المواطنين على يد الشرطة مما اغضب نظام القاهرة، ومتوقعا في إحالة إجازة الوثيقة أن تصبح الفضائيات العربية "خاوية المضمون، وبالكاد تقدم أخبار الأزياء والتجميل الفن فقط" لا للتشويش و لا للاحتكار ولفت الوثيقة للالتزام بحق المواطن العربي على امتداد أراضى الدول الأعضاء في استقبال ما يشاء من بث تلفزيوني صادر من أراضى اى من الدول أعضاء الجامعة العربية وعدم فرض قيود غير مبررة على إعادة بث البرامج والمواد التليفزيونية. وأكدت الوثيقة ضمان حق المواطن العربي في متابعة الأحداث الوطنية والإقليمية والدولية الكبرى التي تشارك فيها فرق أو عناصر وطنية وذلك عبر إشارة مفتوحة وغير مشفرة "أيا كان مالك حقوق هذه الأحداث الرياضية حصريا كانت أو غير حصرية". بين الإعلام والإعلان وأشارت إلى أهمية الالتزام بالتنوية الصحيح عن المادة الإعلانية وفصلها عن المادة البرامجية فصلا واضحا والالتزام بوجود فاصل زمني بين كل فقرتين إعلانيتين وإظهار كلمة إعلان على نحو واضح ومتواصل على الإعلانات التي تعرض في صورة برنامج فضلا عن مراعاة المعايير الدولية لنسبة لمدة الإعلانات بكافة أنواعها إلى اجمالى مدة البث في اليوم الواحد. وبحسب مصادر داخل الاجتماع فإنه طرح ألا تزيد نسبة التدخلات الإعلامية علي 20% من مادة أي برنامج ولا تزيد علي 30% من ساعات البث اليومي والالتزام بفاصل زمني بين كل فقرتين إعلانيتين لا يقل عن 35 دقيقة أثناء عرض الأفلام وبرامج الأطفال والبرامج الإخبارية. إرهاب أم مقاومة وأشارت الوثيقة لأهمية الامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب "مع التفريق بينه وبين مقاومة الاحتلال" إلى جانب مراعاة أسلوب الحوار وآدابه واحترام حق الآخر في الرد والامتناع عن وصف الجرائم بطريقة تغرى بارتكابها أو تنطوي على إضفاء البطولة على الجريمة ومرتكبيها أو تبرير دوافعها. كما أكدت كذلك ضرورة الالتزام بتطبيق عدة معايير وضوابط تتعلق بالعمل الاعلامى كاحترام كرامة الانسان وحقوق الآخر واحترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور والامتناع عن التحريض على الكراهية أو التمييز القائم على أساس الأصل العرقي أو اللون أو الجنس أو الدين. ولا تعدم الوثيقة المقترحة من يساند صدورها دون الموافقة على كامل بنودها؛ فالدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة يرى ضرورة صدور ميثاق الشرف من جانب المتخصصين في الإعلام لتفويت الفرصة على أي جهة تشريعية أو قانونية مؤكدا أن ميثاق الشرف من شانه حماية الإعلام من الممارسات السلبية والتجاوزات ضاربا مثلا بالقنوات الفضائية العربية التي تعتمد على برامج للسحر والدجل والشعوذة. يذكر أن الوثيقة قد حثت على مراعاة حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة وحماية الأطفال والناشئة والتزام بالقيم الأخلاقية للمجتمع العربي والامتناع عن بث كل ما يسيء إلى الذات الإلهية والأديان السماوية والرسل والمذاهب والرموز الدينية الخاصة بكل فئة. وأكدت الوثيقة ضرورة امتناع عن بث وبرمجة المواد التي تحتوى على مشاهد أو حوارات إباحية أو جنسية صريحة وكذلك الامتناع عن بث المواد التي تشجع على التدخين والمشروبات الكحولية مع إبراز خطورتها .