بالنسبة لي ما تسمونه بملف ال42 ضابطا قد انتهى أمره وحسم ولا يمكن بأي حال من الأحوال الرجوع إليه فقد أحالهم السيد فرحات الراجحي... على التقاعد الوجوبي وانتهى الأمر". هذه كلماتك سيّدي وزير الداخلية نحترمها ونقبلها ونقدّرها، ونفهم أولويّاتك في هذه المرحلة، ونفهم معنى أن لا نكون من أولويّاتك ولا في مجال إهتماماتك، ونعذرك سيدي فليس من المعقول ولا من المنطق أن تنظر في ملفّاتنا نحن الأمنيين الذين عملنا في نظام بن علي وساهمنا بطريقة أو بأخرى، سلبا أو إيجابا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بقدر كبير أو صغير في تغوّله وفي دكترته، وآلاف ملفّات المظلومين فعلا لم تفتح، وآلاف ملفّات المنتهكة حقوقهم لم تفتح، وآلاف ملفّات المشرّدين والمهجّرين لم تفتح، ومئات ملفّات المغتالين لم تفتح، ومئات ملفّات المعذّبين لم تفتح، ومئات ملفّات المغتصبة أعراضهم وأملاكهم ونساؤهم لم تفتح. وإنّني أستحي من نفسي أن أطالبك مثلما طالبت السيدين الحبيب الصيد وفرحات الراجحي بإنصافي وتقديم تعليل آخر لإحالتي على التقاعد الوجوبي غير الفساد، لكنّني أشهدك أمام الله وأمام إطارات ورتباء وأعوان وزارة الداخلية بأن تفتح ملفّي الإداري منذ دخولي لمدرسة تكوين إطارات الأمن الوطني والشرطة الوطنية بصلامبو سنة 1991 إلى غاية إحالتي على التقاعد الوجوبي في فيفري 2011، وأن تسألوا إدارة الملكية العقّارية عن أملاكي وأملاك زوجتي وأطفالي وإخوتي وأخواتي ووالديّ، وأن تطلبوا كشفا في حساباتي البنكيّة منذ 1992 إلى غاية 01 فيفري 2011، وأن تتثبّتوا بالتعاون مع وزارة المالية في أيّ تسجيل لعمليات مالية باسمي أو باسم زوجتي أو إخوتي وأخواتي أو والديّ، وأن تتأكّدوا من أنّي لم أحصل عل قطعة أرض من الوكالة العقارية للسكنى رغم مطلبي المسجّل بها منذ 1994 والذي رفضت أن يتدخّل فيه أيّ كان، وأن تحيلني على القضاء العدلي أو على لجنة تقصّي الحقائق حول الفساد والرشوة أو على لجنة الإستقصاء حول التجاوزات والإنتهاكات إذا ما ارتأيت ما يوجب ذلك، فإنّني من دعاة المحاسبة والمساءلة قبل المصالحة، وإنّني من مؤيّدي المصارحة وكشف الحقائق. وإنّني إذ أوجّه لكم خطابي، فليس هذا من باب طلب الرجوع في قرار السيد فرحات الراجحي الذي إعتبرتموه قرارا حاسما إنتهى أمره وفصل، علما وأنّني مقتنع بهذا الحسم وقد كنت عبّرت عن ذلك في إحدى القنوات الإذاعية، رغم أنّكم عبّرتم عن إمتعاضكم من مشاركتنا في الإدلاء بآرائنا في مثل هذه القنوات وأنا منذ ذلك اليوم لم أشارك في أيّ حوار ولم أكتب أي مقال، لا خوفا منك، لأنّي أؤمن بنفسك الحقوقي وضميرك العادل، ولكن إتّقاء شرّ من يمكن أن يكون "العزري اللّي أقوى من سيدو". سيّدي وزير الداخلية، أنا لست بحاجة لكي أستميل عطفكم أو أدغدغ مشاعركم، كما أنّني في غنى عن تقديركم لشخصي وتثمينكم لكفاياتي وتبرئتكم للإتهامات التي كادها لي السيد النظيف "فرحات الراجحي" ومن همس في أذنه من داخل وزارة الداخليّة أكّدها قالها لي هو بذاته، لكن سيّدي الوزير أنا الآن بأشدّ الحاجة للأمن بمفهوم الأمان مثلما عبّرت أنت عن ذلك في ندوة الأمن والتنمية خلال شهر ماي 2011، أنا الآن بأشدّ الحاجة لرؤية وزارة الداخليّة تتغيّر، وتعاد هيكليّتها، وتصاغ مرجعيّة خططها ووظائفها ومرجعية الكفايات الخاصة بها، وتتعدّل فصول قانونها العام، وأوامر الأنظمة الأساسية الخاصّة بأسلاكها، وكافة النصوص القانونية والترتيبية المنظّمة لعمل قوّات الأمن الداخلي، وخاصّة تلك المتعلّقة بعمليّات التنصّت، والدخول على المواقع الإلكترونية للغير، وغيرها من الأعمال التي تنتهك حق المواطن في حميميّته، وفي تنقلاته، وفي آرائه وتعبيره. أنا سيدي الوزير، كغيري من متابعي الشأن العام بحاجة لرؤية إصلاح أمني حقيقي، إصلاح يمسّ المنظومة في صميمها، لأنّ منظومة بن علي التي حصّنته، ودافعت عنه، وكانت عصاه الغليظة الذي يضرب بها شعبه، لم تتغيّر، حتّى بعد إحالتنا نحن ال42 إطارا على التقاعد الوجوبي، ولن تتغيّر حتّى ولو أحلتم 82 إطارا آخر على التقاعد، فما دامت المنظومة لم تتغيّر، فمهما كانت توجّهات من يرأسها، ستبقى العصا الغليظة للنظام، وستبقى حصنه الحصين التي تدافع عنه. وأخيرا سيدي الوزير، أطلب منك المعذرة، فأنا لا أقصد أن أملي أي شيء على سيادتك، فأنت مثلما شدّدت على ذلك في إحدى تدخّلاتك أنت وحدك الذي تقرّر متى سيكون الإصلاح وكيف ومن...