السعودية تحقق أعلى نسبة مشاركة للمرأة في قطاع التقنية متجاوزة الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين    بأعنف هجوم صاروخي منذ بدء الحرب.. حزب الله يقصف شمال حيفا كرد أولي على تفجيرات البيجر    نقابة الصحفيين الفلسطينيين تستنكر إقدام القوات الإسرائيلية على اقتحام مكتب قناة "الجزيرة"    هاريس تتحدى ترامب لمناظرة ثانية والأخير يرفض    نقابة القضاة تعبر عن استيائها مما اعتبرته "حملة ممنهجة "ضدها    أخبار شبيبة العمران ... الشبيبة ترفع شعار التحدي    عوسجة ..وفاة تلميذة إثر دهسها جرار أمام مدرستها    في تونس وصفاقس ومدنين: حجز بضائع مهرّبة بقيمة مليارين    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    تحقيق على الطريق ...بسبب الماء والدواء ...الأشجار في خطر وتفاح سبيبة مهدّد    مع الشروق .. لبنان و جامعة العجز العربي    الليلة وفجر الغد: أمطار بهذه الجهات    نابل...تراجع صابة الهندي الأملس بنسبة 30 %    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    فرنسا: الإليزيه يعلن التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة ميشال بارنييه    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    النادي الصفاقسي يتأهّل إلى دور المجموعات    البنك المركزي: العائدات السياحية تزيد بنسبة 7،2 بالمائة الى غاية 10 سبتمبر 2024    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    النادي الصفاقسي في مواجهة حاسمة أمام روكينزو البوروندي: تعرّف على التشكيلة الأساسية    بطولة المانيا: بايرن مونيخ يكتسح بريمن بخماسية نظيفة    تأجيل إضراب أعوان مؤسستيْ شركة السكك الحديدية وشركة أشغال السكك الحديدية    تعديل القانون الانتخابي يشكل مسا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري (حملتا زمال والمغزاوي )    الاتّفاق على الزيادة في أجور العاملين بقطاع النزل السياحية    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    القصرين: المنسقون الجهويون والمحليون لحملة قيس سعيد بالجهة يواصلون الحملة الدعائية الميدانية لمرشحهم    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    بداية من الإثنين القادم: الأمطار تشمل أكثر من معتمدية    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر..وهذه التفاصيل..    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    أبطال إفريقيا: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة مولودية العاصمة الجزائري    وزير الخارجية يشارك في قمّة "المستقبل" والدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    الرابطة الأولى: تحديد ملعب مواجهة مستقبل سليمان والترجي الرياضي    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    كأس الكاف - نهضة بركان المغربي يبلغ دور المجموعات عقب فوزه على دادجي البينيني (5-0)    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : حملات المناشدة أم كوابيس الذعر ؟
نشر في الحوار نت يوم 20 - 08 - 2010

مرسل الكسيبي*- صحف - الوسط التونسي
في أول رد فعل واضح على عريضة وطنية تدعو الى القطع مع مخططات التمديد والتوريث , قام ألف شخص يتقدمهم السيد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي والهادي الجيلاني رئيس اتحاد الصناعة والتجارة بتوجيه نداء الى بن علي , حثوه فيه على "قبول الترشح للفترة الرئاسية 2014-2019 " ليواصل على حد قولهم "الطريق التي بدأها مع شعبه".
وقد قال الموقعون بحسب وكالة رويترز , بأنهم يطالبون بن علي بالاستمرار , ترسيخا لما أسموه ب "الارداة الشعبية التي هي أساس كل نظام ديمقراطي" ونظرا لما وصفوه ب"الدور التاريخي للرئيس زين العابدين بن علي في الارتقاء بتونس الى مراتب متقدمة على كل المستويات".
وبالمقابل جاء في نص عريضة لاللتمديد لاللتوريث, والتي انطلقت حملة توقيعاتها قبيل أيام فقط :
"نحن التونسيون من كل التوجهات السياسية والإيديولوجية والفكرية .. ومن كل جهات البلاد .. ومن داخل الوطن وخارجه .. نعلن رفضنا المطلق لأي محاولة لتحوير الدستور من أجل تمكين زين العابدين بن علي من التقدم للانتخابات الرئاسية القادمة .. ومن ثمة لمواصلة الحكم في إطار حكم مؤبد أشبه ما يكون بملكية مقنعة.
كما نعلن رفضنا القطعي، غير القابل للنقاش أو التفاوض، لأي مسعى لتوريث الحكم لأي شخص من محيط الرئيس الحالي الأسري، كزوجته أو أحد أصهاره، أو من إحدى الدوائر المتنفذة المحيطة به.
ونعلن، مسبقا، عدم اعترافنا بأي خطوة تصب في أحد هذين التوجهين، التمديد أو التوريث، المخالفين لأبسط قواعد الديموقراطية والمنتهكين لكرامة التونسيين ولحقهم في اختيار من يحكمهم.
عاشت تونس حرة مستقلة .. وعاشت الجمهورية الحقيقية لا المزيفة."
توجهان مختلفان أو متضادان يتقاطعان هذه الأيام اهتمامات اعلاميين وسياسيين تونسيين بارزين , اذ تنقسم الساحة ولأول مرة بين موالاة مذعورة ومهمومة بالحفاظ على مصالحها عبر تمديد وتوريث الحكم , وبين معارضة اجتمعت بأطيافها السياسية المختلفة على الخروج وفي وقت مبكر بموقف وطني يرفض مصادرة قيم التداول الحر والتفويض الشعبي ومبادئ الجمهورية...
تبدو السلطة مذعورة وبشكل غير مسبوق , اذ باتت عمليات التمطيط في ولايات الرئيس بن علي مسألة غير دستورية , علاوة على ماتحتويه من مخاطر سياسية وأمنية حقيقية مع وصول الرئيس الحالي لسن 78 مع حلول موعد الاستحقاق الرئاسي القادم ...
وضع السيد محمد صخر الماطري على رأس قائمة الموقعين على بيان المناشدة الأخير , يبدو في نظرنا محاولة لشق صفوف الاسلاميين تجاه موضوعة تمديد الحكم وتوريثه , اذ قد يرى البعض في هذا الأخير نافذة أمل , قد تنهي معاناة عقدين كاملين من المنافي والسجون في عهد الرئيس الحالي ...
واذا كان الرئيس الحالي قد ثبت سلطانه بحملات أمنية متتالية دشنها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي , فانه يجد اليوم نفسه في مواجهة معارضة متصاعدة , باتت تؤكد قدرتها على المناورة والمقاومة برغم ماأحدثته قبضة الرئيس من حالة ذعر في صفوف النخب والجماهير ...
تبدو تونس اليوم ومباشرة بعد طي ملف انتخابات أكتوبر 2009 في مواجهة حالة من التململ والقلق , فبرغم ماضخته السلطة من أموال لشراء النخب , وبرغم مااقتطعته من مال عام قصد تلويث المناخ الاعلامي وتثبيت حالة الاستبداد , فانها تبدو ضعيفة جدا في مواجهة قدرة الاعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية على التحفيز والتوجيه وتشكيل الرأي العام .., اذ بات أسلوبها الوحيد في مواجهة الاعلام الحر البديل : حجب المواقع وتلغيم الفضاء الاجتماعي العالمي بأسماء وكنى مستعارة احترفت التشكيك الدائم في الفعل المعارض...

حالة سلطوية مرضية , يزيد في تعقيد انهيار مناعتها جشع وفساد بات يستولي على أكبر مقدرات الدولة وامكاناتها المالية , فالمال العام بات مساحة واسعة للالتهام الخاص من قبل محيط عائلي متشعب المصاهرات ...
واذا كانت الحالة المصرية المعارضة قد وجدت ضالتها في البرادعي والجمعية الوطنية للتغيير سبيلا لمحاصرة السلطة , وقطع الطريق على مهالك التمديد والتوريث , فان الحالة التونسية المعارضة مازالت تفتقد الى شخص جامع تلتقي عليه منظومة أطياف 18 أكتوبر أو مادعوت الى تسميته بالجمعية الوطنية لصيانة الجمهورية ...
دعونا نتحدث بصراحة , اذ أن ترشح البرادعي في مصر لم يلغ ترشح أيمن نور ولا حمدين صباحي أو غيرهم ممن رأوا في أنفسهم القدرة على تحمل مسؤوليات أعلى منصب دستوري , وهو مايعني تونسيا أن المطلوب في أفق قريب هو الاعلان عن ترشحات حقيقية للاستحقاق الرئاسي القادم مع العمل ومن اليوم على تنقيح الدستور بما يضمن التقيد بالسقف العمري للمرشح الرئاسي - أي عدم تجاوز سن الخامسة والسبعين - , مع ضمان الغاء كل البنود اللادستورية المفصلة على مقاس وأهواء السيد زين العابدين بن علي ...
بوضوح لابد من القطع مع المعارضة الجزئية التي استنزفها الرئيس الحالي بمطالب اطلاق سراح المساجين السياسيين وعودة المنفيين وتحسين وضع الفقراء والمساكين وتشغيل بعض العاطلين .., ومن ثمة الانتقال الى مرحلة المعارضة الجذرية الجادة , عبر المطالبة بتغييرات شاملة على شاكلة ماتطرحه المعارضة اليوم في مصر ...
بعبارة أخرى لابد أن نرتفع بافاق هذا الشعب , فقد مللنا أخبار السرقات الكبرى من المال العام وأنباء الاعتقالات والتعذيب وووضع اليد على الجوازات , وتكميم الأفواه وافتكاك الأراضي وغرق القوارب وهروب الشباب الى الضفة الأخرى من المتوسط ... , والحل لن يكون الا عبر التوافق على عقد وطني حقيقي قوامه قيم المواطنة واحترام حقوق الانسان والتقيد بمقتضيات الجمهورية والشفافية في التعاطي مع المال العام ...
تحقيق ذلك سيكون ممكنا بمشيئة الله في الأفق القريب , مااستطاعت المعارضة الخروج بخطاب وطني جامع قوامه التجرد من القماقم الحزبية والانفتاح على تطلعات ضمائر هذا الشعب ...
هي نقلة شجاعة في الخطاب والممارسة , وتنسيق حثيث بين مكونات الطيف السياسي والتوجه الى الجماهير بدل التوجه الى اقناع بعض القوى الخارجية , فمفتاح التغيير الوطني يمر بالتأكيد عبر ضمان التفاف التونسيين والشارع حول خطاب وطني مشترك وجامع ...
المعركة تنطلق من الارادات , والعزيمة والتفاؤل شروط القطع مع الميكيافيلية الفاسدة للبقاء في الحكم بأساليب الحكم الجبري , وأحسب أن الانخراط في مشروع العريضة الوطنية لاللتمديد لاللتوريث , مقدمة أساسية للانتقال الى أبجديات الفعل الشبابي والجماهيري في انتظار الاعلان عن تأسيس جمعية وطنية لحماية الجمهورية , تكون وعاء لاحتضان بديل وطني يمر الفرز فيه عبر صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة ...
وحين نتأمل اليوم في التجربة المصرية التي سبقتنا في الفعل ثلاثة أشهر أو أربع , فان المنجز الى حدود يوم أمس 770 ألف توقيع , وزيارات ميدانية احتضنت عشرات الالاف من المصريين , وفعل شبابي عنكبوتي وفايسبوكي غير مسبوق , ومجموعات عمل تتوالد يوما بعد يوم , والنتيجة ذعر فرعون واصابته بالعلل وعجز ابنه عن استيعاب تطورات حراك الشارع المصري...
ليس التونسيون والتونسيات أقل ذكاء أو دهاء أو فطنة أو كياسة من أشقاء مصر الكنانة , ولكنهم اليوم في حاجة الى اخراج جديد لتشكلات المشهد مع تدشين لحظة تاريخية ديمقراطية قوامها المسؤولية والحس الوطني والتعالي عن الجراح ...
أمام شعبنا ونخبتنا أربع سنوات تاريخية فاصلة , فلا تخدعنكم مناشدات الألف والعشرة الاف وربما سيقال لنا مئة ألف أو حتى نصف مليون , فقد دشنها هؤلاء بنكسة كبرى حين أعادوا البلاد الى لحظات بورقيبية سابقة , كان شعارها وتعيش حتى الماية والصحة هي هي ! , فماأشبه الليلة بالبارحة... !
كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 10 رمضان 1431 ه - 20 أوت 2010
*كاتب واعلامي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.