كان من المفترض ان يكون لي لقاء بوزير العدل السيد نور الدين البحيري مساء امس لاجراء حوار حول المستجدات الاخيرة وعندما صعدت الى الطابق الثالث بمبنى وزارة العدل بباب بنات كانت الحركة غير عادية حد الاستنفار.. كان الوزير يوجه مستشاريه واعوان الوزارة وكان الانفعال باديا عليهم جميعا استاذنت الوزير لاجراء الحوار لكن وجهتي كانت نحو سجن المرناقية حيث قال وزير العدل ان الذين جئت لتسالني من اجلهم منهم من هو في وضع الخطر في السجن بعد اضراب عن الطعام ومع ذلك يرفض علاجه.
وقال اذهبوا لتعاينوا بانفسكم ... توجهت الى سجن المرناقية ففي حدود الساعة السابعة من مساء امس وعندما وصلنا كان المكان موحشا وكان كل شيء فيه يوحي بالغربة بعد ان قاموا بالاجراءات القانونية فتحوا بابه الازرق الكبير المسلح بعدد لا متناه من الاقفال المحصنة وغير المحصنة ..
كنا عددا من الصحفيين وبعض الناشطين في المجتمع المدني دخلنا البهو الكبير كانت الاضواء الكاشفة تفضح كل تفاصيل المكان .. سيارة اسعاف كبيرة راسية على جهة اليسار واخرى اكبر منها تقابلها من الجهة اليمنى ... اعترضنا المسؤول الاول عن السجون في تونس وبادرنا باستعداده للاجابة عن اي سؤال ..
لكن اختار الصحفيون التوجه نحو المضربين.. كان بداخل سيارة الاسعاف الكبرى نقاش بين الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس واثنين من المضربين ممن وصلت وضعيتهم الى حالة حرجة وهما حسن بريك القيادي السلفي المعروف وعلي الطرابلسي وكلاهما من المتهمين في ما عرف بقضية السفارة الامريكية. وقد رفض الوكيل العام التحدث اليهما او تصويرهما وهدد بحجز جهاز التصوير ان تم التقاط اية صورة.
وظل يتفاوض معهما على مدى اكثر من ساعتين الا انهما رفضا فك الاضراب بل عندما حاولت سيارة الاسعاف التحرك بهما تولى احدهما تهشيم البلور وقد رفضا مطلقا ان تتحرك بهما سيارة الاسعاف ولو مترا واحدا.
توجهنا الى السيارة الثانية فوجدنا فيها مضربين اخرين احدهما من المتهمين في قضية السفارة والثاني قال انه موقوف منذ ستة اشهر في قضية سرقة. المتهم في قضية السفارة قال انه لن يفك الاضراب عن الطعام الا بين اهله او ميتا وقال انه تم الزج به في هذه القضية ظلما وهو متزوج واب لطفلة ويعمل بمدرسة لتعليم السياقة. كما قال انه تعرض للمعاملة السيئة لحظة ايقافه وقال انني اوجه رسالة للتونسيين بالقول اننا مظلومون فانتصروا للمظلوم.
المدير العام بالنيابة للسجون الحبيب السبوعي وهو حاليا المسؤول الاول عن ادارة السجون قال ان عدد المضربين عن الطعام بلغ 194 سجينا. وقال ان معالجة هذه الوضعية امر صعب ومعقد وان هناك حالات خطيرة ترفض العلاج او حتى مجرد الاسعاف.
كان عدد الحاضرين من اعوان السجون يتزايد وكانت السيارات الى ساعة متاخرة من ليلة امس ترسو الواحدة تلو الاخرى امام مبنى السجن ولم يخل الحديث حول المضربين عن الطعام من شكاوى أعوان السجون الذين قالوا ان معاناتهم لا تقل عن معاناة المساجين.