فرنسا.. اليمين المتطرف يتصدر بفارق كبير الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية    ميناء رادس.. تفكيك شبكة دوليّة تنشط في مجال تهريب المخدرات (فيديو)    غدا الاثنين.. المجلس الوطني للجهات والأقاليم ينطلق في مناقشة النظام الداخلي    تركيا: قتلى وجرحى بالعشرات في انفجار خط للغاز الطبيعي في مطعم    وزارة تكنولوجيات الاتصال تُطلق طلب عروض لتوفير خدمات الجيل الخامس    خلال ال24 ساعة الأخيرة.. وفاة 10 أشخاص وإصابة 382 آخرين بحوادث مختلفة    عنابة الجزائرية: مجهولون ينهون حياة جدة وحفيديها    تفاصيل : وزارة التربية تفتح تحقيقا معمقا حول قضية رفعها ولي    انخفاض في عدد حوادث المرور بنسبة تفوق 25 بالمائةإلى حدود 28 جوان الجاري    تاجروين: للمحافظة على مياه الشرب...تهيئة عين بولعراس    الاحتفال باليوم الدولي للعمل البرلماني    عقارب: العثور على جثة كهل داخل بئر.    بشكل مفاجئ : نجوى كرم تعلن زواجها    غدا الاثنين انطلاق دورة المراقبة لبكالوريا 2024..    المتلوي: وفاة طفل ال11 سنة في حادث انقلاب سيارة    عاجل/ استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاحد 30 جوان    اتحاد الفلاحة: تراجع انتاج السمك الأزرق في السنوات الأخيرة    هام/ بشرى سارة لرواد تونس العاصمة..    الاطاحة بمرتكب 5 عمليات سرقة في ليلة واحدة..    حوالي 28 ألف سائح بالمنطقة السياحية جربة جرجيس وتوقعات ببلوغ طاقة الايواء نسبة 100بالمائة بداية من الغد..    دراسة : التونسي المتقاضي تركيبته فريدة من نوعها    الطريق إلى «الفينال» : «البقلاوة» بهجوم من نار و«قرش الشمال» بأعصاب من حديد    اليوم الملعب التونسي النادي البنزرتي في رادس : نهائي المجد    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أخبار الملعب التونسي : تشكيلة مثالية وفرصة تاريخية    عاجل : سحب هذا المشروب.. والسبب مادة خطيرة    المجر تتهم الاتحاد الأوروبي بدفع القارة نحو الحرب.. وتحويل أموالها لأوكرانيا    انطلاق التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية    مؤسسة الإذاعة التونسية تُتوج ب 3 جوائز في اختتام المهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون    وزير السياحة في زيارة تفقد الى عدد من الوحدات الفندقية    نهائي كأس تونس لكرة القدم: وزارة الداخلية تتخذ بعض الاجراءات التنظيمية    الرئيس الجزائري يعزي العاهل المغربي في وفاة والدته    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: جوائز المسابقات الإذاعية    وزير السياحة: ارتفاع عائدات القطاع بنسبة 6 %    وزارة الصناعة: المجمع الصيني "بي واي دي" الرائد في صناعة السيارات والحافلات الكهربائية يرغب في الاستثمار في تونس    إيران: النتائج الأولية تظهر تقدم المرشحين المحافظ جليلي والإصلاحي بزشكيان في الانتخابات الرئاسية    وزيرا التجارة والسياحة يعطيان اشارة انطلاق الحملة الوطنية لمراقبة مسالك توزيع منتجات الصناعات التقليدية التونسية وترويجها    كأس تونس (ندوة صحفية للمدربين الدو والكنزاري): اجماع على صعوبة المباراة النهائية بين الملعب التونسي والنادي البنزرتي وتأكيد على جاهزية الفريقين للمواجهة    الترجي الرياضي يتعاقد رسميا مع الحارس بشير بن سعيد    تعاونية الجيش الوطني تحيي حفلا فنيا بمناسبة الذكرى 68 لانبعاث الجيش الوطني    ألفة بن رمضان: انتظروني في سهرة مهرجان الحمامات..    كأس تونس لكرة السلة: الاتحاد المنستيري والنادي الافريقي في الدور النهائي    الجمعية التونسية لمرضى الأبطن: 1 بالمائة من التونسيين مصابون بهذا الداء وكلفة الحمية تتثقل كاهلهم    هل يفعلها الكسندر سانتوس ويغيّر وجهته الى الوداد الرياضي المغربي    وزيرا التجارة وتنمية الصادرات والسياحة يؤديان زيارة إلى المدينة العتيقة بالحمامات    مريم بن حسين: أرفض تقديم الأدوارالتي تساهم في انهيار قيم المجتمع    مؤشرات مبكرة لمرض الزهايمر ماهي ؟    مادة خطيرة في المستشفيات تتسبب في ولادة أطفال برؤوس منكمشة    الجائزة الوطنية للشعر من نصيب الشاعر شاهين السافي    عاجل/ جنوح سفينة قمح روسية كانت متجهة الى تونس قرب سواحل تركيا    مكوّن شائع في المطبخ يخلّصك من الذباب    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    «لارتيستو» .. الكوميدي وليد الزين ل«الشروق».. إضحاك التونسي اليوم أمر صعب    خطبة الجمعة .. لإيجاد الحلول لمصالح الناس...لم يغلق الإسلام باب الاجتهاد    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الإمارات: خطبة وصلاة الجمعة 10 دقائق صيفاً    ما هو'' التوقيت صيفي '' وكيف بدأ في العالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رسالة حصلت «الشروق» على نسخة منها : البشير التكاري يعتذر للشعب التونسي ويحمّل المسؤولية لبن علي
نشر في الشروق يوم 12 - 06 - 2012

حصلت «الشروق» على نسخة من رسالة وجهها وزير العدل الأسبق في عهد نظام بن علي البشير التكاري، كشف فيها عن العديد من المسائل المتعلقة به وبالدولة وببن علي واعتذر التكاري في نهاية الرسالة إلى الشعب التونسي .

وقد وصلت الرسالة إلى جريدة «الشروق» عن طريق محاميه الأستاذ محمود يعقوب، وجاء في الرسالة:
1) إني وعائلتي، ابتهجنا كبقية التونسيين والتونسيات بانتصار إرادة الشعب يوم 14 جانفي 2011 وشعرت مثل كافة المواطنين بالتحرر.
لقد كنت وقلة من الزملاء ننتقد سرا انزلاقات النظام لكن لم تكن لنا الشجاعة لاعلان رأينا وفضح تلك التجاوزات أو الاستقالة فبن علي لا يتردد حتى في قتل خصومه ولو بصفة مباشرة، وكنا نعلق آمالا كبيرة على أن يحصل تبديل نظام الحكم من داخل المنظومة لا من خارجها على غرار ما وقع بعد أزمة سنة 1969 وسنة 1987 إلا أن الهيمنة المطلقة للنظام البوليسي على كل دواليب الحزب حال دون ذلك.

ومع ذلك فقد خذل حزب التجمع رئيسه أيام الثورة وتخلى عنه وتركه لمصيره، ويكفي هنا أن أذكر بأني اتصلت صباح يوم 14 جانفي 2011 بالسيد محمد الغرياني الأمين العام للتجمع وتوافقنا معا على ضرورة ايقاف المظاهرة المضادة التي كانت ستنطلق من شارع محمد الخامس ووجدت لديه استعدادا كاملا لذلك مهما كانت التبعات ومع هذا قلت له بالحرف الواحد «إذا عارض الرئيس هذا الخيار فيما بعد أتحمل مسؤوليتي كاملة أمامه» وقد ساهم هذا الموقف في تفادي التصادم بين التونسيين بل إنه أعطى الفرصة للعديد من التجمعيين الذين وصلوا فعلا لشارع الحبيب بورقيبة للانضمام إلى المظاهرة والتعبير ربما لأول مرة عن رغبتهم أيضا في التحرر من الاستبداد وهو أمر تثبته التسجيلات بالصور.

لقد سعيت جاهدا مع العديد من الزملاء ومن الاطارات في مختلف المواقع إلى العمل من أجل خير تونس ونمائها ربما من وجهة نظر لا يتفق معي فيه الكثيرون أو وفق مناهج وآليات عمل لا ترضي الجميع (وهذا طبيعي في عالم السياسة والحكم وإلا لما كانت هناك معارضة) (وتبين اليوم أنهم محقون في ذلك) لكن هذا العمل من جميع التونسيين والتونسيات، ورغم تنامي الاستبداد وتفشي الفساد حقق نسب نمو لا ينكرها أحد وأعترف اليوم بأن هذا النمو لا يشمل عمليا مجال الحقوق والحريات (التي تطورت نظريا من خلال التشريع وأحداث الهياكل التي يكفي اليوم العمل على تطبيقها وتفعيلها وتدعيمها) كما أنه لم يكن في جانبه الاقتصادي والاجتماعي موزعا توزيعا عادلا بين الفئات والجهات.

2) لقد لمست مثل العديد من الزملاء تغيرا سلبيا يتأكد يوما بعد يوما للرئيس السابق منذ إعلان زواجه الثاني سنة 1992 وأصبحت هذه السلبيات لا تطاق في السنوات الأخيرة لنظامه.

وفي سنة 2001 تم إنشاء دائرة قانونية بالرئاسة تبوأت تدريجيا مكان وزارة موازية للعدل إذ منحت صلاحيات تسمح لها بأن تتصل مباشرة ببعض القضاة وتعطي رأيها في الحركة القضائية إذ كان الرئيس السابق يحرص على ترقية وتقريب بعض القضاة (الذين يعول عليهم) في كل حركة قضائية بغض النظر عن رأي التفقدية العامة لدى وزارة العدل.

3) لقد وقع استخدامي (مثل عدد من المسؤولين السابقين الموقوفين حاليا) كوسيلة لاكتساب شرعية كانت تفتقدها الحكومات غير المنتخبة بعد الثورة إذ تزامن إيقاف البعض منا مع أحداث مفصلية، وتحركات شعبية قوية، وتم جلبنا في أكثر من مناسبة أمام القضاء بأسلوب استعراضي لتلهية الشعب عن المشاكل الحقيقية وإظهار تلك الحكومات لمظهر المحارب للفساد الحريص على المحاسبة، مع حملة إعلامية ترافقت بحملة تشويه مبالغ وغير مشروع للمؤسسة القضائية برمتها دون تمييز بين الصالح والطالح، انطلاقا من اتهامات وان ثبتت بحق البعض فهي تبقى منحصرة فيهم ويصبح بالتالي تعميمها على السلطة القضائية بأسرها جزءا من أجندا واضحة لا تخفى على العارفين ببواطن السياسة.

لقد سعى البعض عقب الثورة الى دفع مسار المحاسبة وفق نهج انتقائي (مبني على فكرة الرموز) يرضي جهات بعينها ويعطي حصانة لجهات أخرى مع عدم مساءلة للفاسدين الحقيقيين وإلا فكيف يمكن تفسير مواصلة إيقاف مسؤولين أثبتت الأبحاث والاختبارات والتحقيقات ان دورهم اقتصر في أقصى الحالات على تنفيذ حكم قانون أو تعليمات جائرة وأن العديد ممن أثروا على حساب قوت الشعب ونهبوا المؤسسات البنكية والأملاك العمومية هم أحرار طلقاء خاصة أولئك الذين بقوا داخل تونس ويتنقلون ويواصلون عملهم في العلن حتى أن البعض منهم يتشدق بالكلام عن محاربة وتصفية رموز الفساد.

ان كل تقارير الاختبار في القضايا المثارة ضدي وكشوفات الحسابات البنكية الخاصة بي واملاكي العقارية أثبتت أني لم أضع في جيبي أو جيب أقاربي مليما واحد من المال العام او الخاص وإني لا ولم أملك يوما ثروات أو مشاريع أو شركات بل ان موردي الوحيد منذ أن توليت المسؤوليات العليا انحصر في مرتبي الشهري الذي يخصم منه منذ 8 سنوات أكثر من الثلث تسديدا لقرض بنكي كما أني لم أتخلف أبدا عن التصريح بأملاكي لدى دائرة المحاسبات ويمكن لكل من يهمه امر الحقيقة أن يطلع على تلك التصاريح ويقارنها بوضعي قبل وبعد تولي الوزارة.

4 لقد قامت لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بدور خطير في تحريف وتشويه الحقائق اذ تعمد بعض أعضائها تلفيق التهم لي ولغيري من المسؤولين السابقين ورجال الأعمال باستنتاجات خاطئة دون احترام مبدإ المواجهة بل بلغ الأمر بهؤلاء حد التستر عن مكامن الفساد الحقيقي وتلفيق التهم لمن يختلفون معه لأي سبب كان وها هي الحقائق بدأت تتكشف وبدأ بعض أعضاء اللجنة يلقون جزاء ما صنعت أيديهم.

ومن الثابت انه رغم قيام اللجنة بتضمين محتوى المذكرة التي كنت وجهتها الى الرئيس السابق سنة 2008 في ملحق تقريرها والتي اقترحت عليه فيها بعث لجنة وطنية لمكافحة الفساد مرتبطة بالمنظمة العالمية وهو مقترح رفضه الرئيس السابق فإنها أخفت وثائق عديدة في نفس السياق ومنها:

المراسلات الخاصة بسعيي المتواصل لإقناع بن علي بضرورة حل مشكلة الرابطة التونسية لحقوق الانسان بعيدا عن القضاء خاصة أنني سنة 1992 حرصت كرئيس أول للمحكمة الإدارية على إعطاء الرابطة حقها من خلال إلغاء قرار حلها الصادر عن وزير الداخلية.

رفضي إحالة اشعارات بالتتبع على النيابة العمومية وهي اشعارات تهم كل المعارضين السياسيين وهناك جدول في هذه الحالات مضمن لدى السيد الناطق باسم وزارة العدل في حكومة السيد قائد السبسي الذي سبق ان عمل معي وكان يعينني على إيجاد الحيل والبراهين القانونية لرفض هذه الاحالة.

إحالة الاشراف على السجون من وزارة الداخلية الى وزارة العدل سنة 2001 ومماطلة الرئيس السابق في إصدار الأمر المنظم لأعوان السجون وسلطة وزير العدل عليهم حتى سنة 2006 ومنذ ذلك التاريخ انتهت او على الأقل تقلصت بشكل كبير جدا حالات التعذيب في السجون وبقيت حالات فردية معزولة، ومن دخل السجون قبل ذلك التاريخ يعرف أهمية وقيمة هذا الاجراء.

حمل الرئيس السابق على الانضمام الى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة سنة 2002 وهي اتفاقية تسمح اليوم بتتبع كل من له نشاط اجرامي منظم بين تونس والخارج.
عدم مجاراة الرئيس السابق في عزل أو إعفاء بعض القضاة باعتبار نشاطهم السياسي او الجمعياتي او لأنهم نشروا مقالات حول القضاء في جريدة «الموقف».
رفض تدخل الرئيس السابق في قضية الآثار التي تمت إثارتها لسنة 2009 مبينا له ان هذه القضية تمثل كارثة وطنية فأجابني آنذاك: «هدرة فارغة شادين الناس على خاطر الحجر» وما راعني إلا أن هذه القضية أخذت منحى آخر بعد مغادرتي وزارة العدل في جانفي 2010 ثم لتأخذ منحى أكثر خطورة بعد الثورة مباشرة، إذا وقع إطلاق سراح أغلب المتهمين من تونسيين وأجانب في ظروف تطرح عديد التساؤلات.

كنت أول وزير عدل يتسبب في تتبع وإحالة اثنين من أصهار الرئيس السابق فيما يعرف بقضية «اليخت المسروق» إذ اتخذت ضدهم إجراءات وتدابير غير مسبوقة مثل حجز جوازات سفرهم وتفتيش منازلهم والكشف عن حركتهم الحدودية وحساباتهم البنكية وانتهى الأمر يوم 14 جانفي 2010 ( آخر يوم لي في وزارة العدل أي قبل الثورة بسنة كامل) إلى احالتهم على القضاء ومع أنني لم أكن وزيرا زمن عقد جلسة المحاكمة (3012010) وإصدار الحكم (322010) وعدم قيام النيابة باستئنافه فأنا اليوم موقوف على ذمة اعادة البحث في هذه القضية بسبب مراسلات أسيء فهمها لأنها تضمنت نوعا من المراوغة والحيلة لاقناع الرئيس السابق بضرورة وجدوى المحاكمة وكلي ثقة أن القضاء لو ترك لشأنه فإن الحقيقة ستظهر حتما.

لقد اخترت الآن عدم الإفصاح عن حقائق أخرى تورط العديد من المتكلمين حاليا باسم الثورة والذين كانوا طيلة سنوات، في مختلف المؤسسات التي عملوا بها أو تعاونوا معها، أعوانا طيعين للنظام السابق وذلك في انتظار الإطار القانوني الذي يسمح بمثل هذا الإفصاح والمصارحة.

ومهما كانت المبررات والمعطيات فإني أتقدم بصفة إرادية وبقطع النظر عن وضعيتي الجزائية وانطلاقا من وازع وطني وأخلاقي اعتذاري لكل تونسي مسه ضر من اجتهادي أو حتى أعتقد أنه مسه ضرر من صمتي على المظلمة التي تعرض إليها كما أعتذر أيضا عن كل اجتهاد صدر عني ولم يكن في طريقه أو تم استخدامه في غير ما كنت أعتقد أن فيه منفعة لهذا البلد وأهله وحفظ اللّه بلادنا من كل مكروه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.