رسائل عديدة بعثتها تل أبيب الى السلطة الفلسطينية من خلال تلويحها بإلغاء كافة اتفاقيات أوسلو 1993. رسائل تحمل الكثير من الدلالات والمعاني وهو في تقديرنا الأمر الذي دفع بمنظمة التحرير ممثلة في كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الى الردّ السريع بأن اسرائيل قوّضت شرعية أوسلو وانتهكت فصولها منذ عقد من الزمان على الأقل. المتابع لخطاب تل أبيب الأخير حول امكانية إلغاء أوسلو يلاحظ ما يلي: تركيز اسرائيل على امكانية إلغاء الوثيقة السياسية الاولى التي أنشأت السلطة الفلسطينية وأعطتها كينونة قانونية وسياسية، وبالتالي فإلغاء الاولى يقضي آليا بإلغاء الثانية. بإلغاء «أوسلو» تجمع تل أبيب صُلب السلطة الفلسطينية «فعلين أحاديين»، الأول وهو الوجود، الذي سيصبح أحاديا، والثاني وهو التوجه الى مجلس الأمن. عبر ذات الخطوة، يصبح الدعم المالي الاوروبي والمساندة المالية الاسرائيلية للسلطة ورقة ضغط صهيونية على منظمة التحرير ترفعها تل أبيب متى شاءت على الفلسطينيين. وأخيرا، لا تنسى اسرائيل تحريك رفض بعض الفصائل الفلسطينية ل «أوسلو» وتعليق البعض عضويته داخل منظمة التحرير وتوجيهه صلب مزيد من التفرقة والتباين في الجسد الفلسطيني الواحد. لم يكن ردّ صائب عريقات على التهديد الاسرائيلي موفقا أبدا، خاصة أنه لم يربط بين هذه الخطوة الاسرائيلية المفترضة والتوجه الى مجلس الامن لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967. كان بامكان السلطة الفلسطينية عامة وعريقات خاصة أن يذكر الصهاينة بأن الاعتراف العربي بالدولة الفلسطينية تم منذ مؤتمر الجزائر 1988 وبالتالي فالتوجه الى مجلس الأمن هو «تدويل لفعل عربي». وكان بامكانه أيضا أن يشير الى أن الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية يمر عبر «الجزائر 1988» وليس عبر «أوسلو 1993». كان بامكانه أي عريقات أن يقلب الطاولة على الصهاينة وأن يشدد على أن السلطة تجاوزت تل أبيب وكافة الاتفاقات الثنائية معها ولكنه أبى الا التفكير داخل السياق «الامريكي الصهيوني» والاستناد الى مرجعيات سياسية تهاوت منذ يوم توقيعها... وتلك مأساة فلسطينية أخرى!!