تم بشكل مفاجئ إلغاء احتضان تونس للمؤتمر 38 للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بعد أن أعلنت الفدرالية في أكتوبر الماضي عن انعقاد هذا المؤتمر بتونس لتكون بذلك "عاصمة لحقوق الإنسان". خلال نهاية الأسبوع الفارط دعت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أعضاء مكتبها الدولي للاجتماع بباريس لمعالجة مشكلة صعبة ألا وهي احتضان تونس للمؤتمر 38 و الذي تم الاتفاق عليه مع السلطات التونسية خلال شهر أكتوبر المنقضي . و يعد هذا الحدث ذي رمزية كبرى ،فهذا المؤتمر الذي ينعقد مرة كل ثلاث سنوات هو الاول منذ سقوط نظام بن علي. غير أن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أجبرت اليوم 4 ديسمبر على التراجع عن قرار احتضان تونس هذا المؤتمر.
وضعنا سقفا عاليا قامت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ،أقدم منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان بزيارة تونس ، خلال منتصف أكتوبر الفارط و التقت الرؤساء الثلاثة و وزيري العدل و حقوق الإنسان، و صرح باتريك بودوين الرئيس الشرفي للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن "عقد المؤتمر بتونس، يجعل منها عاصمة لحقوق الإنسان ، لذلك وضعنا سقفا عاليا جدا، و انتظارا تنا من السلطات الانتقالية في تونس هائلة ." و فسر البيان المقتضب الصادر عن الفدرالية اليوم، التراجع عن قرار احتضان تونس للمؤتمر " بانعدام الاستقرار خلال الفترة الانتقالية التي طالت مدتها و بمشاكل ما قبل الانتخابات وبالانعدام المتزايد للأمن في الفترة الأخيرة " ، و ذلك رغم أن الاشكاليات المذكورة كانت قائمة الذات منذ أكتوبر الفارط ، تاريخ قرار احتضان تونس للمؤتمر. غير أن البيان الصادر عن الفدرالية لمح أيضا " إلى صعوبة كبيرة في جمع كل أعضاء الفدرالية على اختلاف جنسياتهم بهذا المؤتمر." و في هذا التلميح بداية تفسير لأسباب الالغاء لمن يحسن القراءة بين السطور.
مفاوضات مطولة أوضحت عدة مصادر لكلمة أن مناقشات مطولة تمت منذ أشهر صلب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ، العضوين بالفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ،و التين عبرتا عن قلقهما لمشاركة ثلاث منظمات حقوقية اسرائيلية عضوة بالفدرالية بالمؤتمر المزمع تنظيمه بتونس ، رغم أن هذه المنظمات الاسرائيلية وهي :لجنة مناهضة التعذيب في إسرائيل و مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة و جمعية حقوق المواطن في اسرائيل ، تدافع عن حقوق الإنسان بما فيهم العرب الإسرائيليين و الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. كما أنها و بوصفها منضمات غير حكومية لا تتحمل مسؤولية الفظائع التي ارتكبتها دولة اسرائيل. و علاوة على ذلك فإن كثيرا من المنظمات الفلسطينية على غرار المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بغزة، تتعامل بشكل متواصل مع هذه المنظمات. و حسب مصادر مطلعة فإنه رغم المفاوضات المطولة ،لم يتمكن مكتب الفدرالية من إقناع المنظمات غير الحكومية التونسية لاستضافة أعضاء الفدرالية بما فيهم الاسرائيليين . و تجدر الإشارة أن الفدرالية لم تتعرض لأي اشكال في الحصول على موافقة السلطات التونسية ، التي شكرتها في البيان الصادر عنها اليوم، "لاستضافة المؤتمر و توفير الضمانات الكافية" و في تصريح لكلمة، نفى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الستار بن موسى أي معارضة للرابطة لقدوم حقوقيين اسرائيليين إلى تونس، مؤكدا ضرورة تفسير رسمي لما وقع من طرف الفدرالية. و بأي حال من الأحوال، فإن ما مثل هذا الإلغاء مؤسف و مسيء لصورة تونس و المجتمع المدني التونسي. و يتوقع أن تحتضن اسطنبول بدلا عن تونس المؤتمر 38 للفدرالية الدولية لحقوق الانسان ، و يذكر أنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها الغاء احتضان بلد ما لمثل هذا المؤتمر ، فقبل تونس ألغي مؤتمر سنة 2003 في كولمبيا لعدم استقرار هذا البلد آنذاك ، كما تم تغيير وجهة المؤتمر ال35 من بوغوتا إلى كيتو بالأكوادور ، بسبب تصر يحات الرئيس "الفا اوبيب" التي وصف من خلالها " نشطاء حقوق الانسان بكولومبيا بالكتاب المسيسين في خدمة الارهاب ... و تجار حقوق الانسان ."