كنت في المرة السابقة تحدثت عن النظرة الخاطئة لبعض ارباب العمل لمفهوم الزيادة في الاجور واعتبارها عبئا يرهق كاهل موازنة الشركة وان نظرتهم تزداد قتامة للطرف النقابي في مثل هذه المراحل باعتبارها لديهم عنصر ازعاج وغير متفهم للوضع الاقتصادي العام ولا لمصلحة الشركة وهو ما يؤكده الواقع اليوم حيث يتهرب ممثلو الصناعة والتجارة من كل الالتزامات التي تم الاتفاق في شأنها في خصوص هذه المرحلة من المفاوضات الاجتماعية رغم توخي الطرف النقابي أسلوب الحوار والتحاور وطلبه من الطرف الراعي لهذه الجولات التفاوضية وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج شعورا من الطرف التفاوضي النقابي بتزايد رفض الطرف المقابل لأي حق او مكسب عمالي او نقابي يمكن ان تتفق عليه جميع الاطراف تحت الشمس دون ان يكون منّة من احد او ان تشوبه اي شائبة، ومن المؤسف ان يغيب عن هؤلاء أن الوضع الاقتصادي العالمي والوطني لم يعد يحتمل اي توتر في العلاقة الشغلية لان كل ذلك سوف يؤثر سلبا في منتوج وانتاجية الشركة وهم اول من يعلم بأن الجميع في سباق محموم من اجل اثبات الذات وتحقيق موقع في السوق وحتى ان حصل ذلك فان الحفاظ عليه يكون اصعب اللهم الا اذا كانت هذه الامور ثانوية في اذهان هؤلاء فذلك ما لم نعهده من التجار او ارباب الاعمال. واني انتهز هذه الفرصة لأبرز للجميع تجربة مفاوضات في الزيادة في الاجور كانت فعلا استثمارا نالت من ورائه الشركة اموالا طائلة كانت في السابق تذهب ادراج الرياح لكن الطرف النقابي شعورا منه بحساسية الموقف وتقديرا لتخوفات الطرف المقابل من الانعكاسات السلبية لعديد العوامل الخارجة عن نطاق الجميع وغيرها من المؤثرات العديدة يمكن ان تؤثر في الموازنات المالية للشركة وهنا تكمن ايجابية الفهم الصحيح للتفاوض وهي المصارحة واطلاع الطرف النقابي على كل الجزئيات التي تهم العامل والمؤسسة وقد كنت اشرت سابقا الى أن الطرف النقابي كان ومازال في مستوى المسؤولية وله من الامكانيات والقدرة على اقناع الجميع بالتمشي الذي يجب ان يتبع وذلك انطلاقا من مدى حسن تعامل الطرف المقابل وعدم اعتباره عدوا يجب ان يحجب عليه كل شيء وان لا يطلع على اي ارقام او سندات يمكن ان توضح له الراية والمثال هنا الذي أردت الحديث عنه وكنت عشته شخصيا على امتداد اربع جولات تفاوضية كعضو تفاوضي في قطاع الكهرباء والغاز حيث اختلفت الجولة الاخيرة عن سابقاتها وانطلاقا من شعور الطرف النقابي بضرورة المساهمة في دعم موارد الشركة المالية لأنها أولا وأخيرا هي مورد رزق الجميع فلابد من المحافظة عليها وعلى وجودها وكذلك على سلامة توازناتها المالية التي اصابها شيء من الوهن لأسباب عديدة كنا تعرضنا لها في عديد المرات لكن هذه المرة اردنا فعلا توظيف توزيع الجوانب المالية وخاصة جانب مراجعة بعض المنح التشجيعية توظيفا صحيحا لتحصل به الفائدة للجميع اعوانا ومؤسسة وان تكون موجهة اصلا لتنمية مواردها المالية والبشرية ايضا لان مثل هذه الزيادات التشجيعية يكون لها انعكاساتها النفسية الايجابية على مردودية الجميع. والكل يعلم أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز من اكثر الشركات اختراقا من حيث الانتهاكات المتكررة والمتعددة والمتنوعة على عدادات الكهرباء وتفنن بعضهم في سرقة ارقامها والتلاعب بها اضافة الى تهرب البعض الاخر من الدفع وهروب نعم هروب عدد كبير من الدفع في حين يكون قد تخلد بذممهم اموال طائلة لفائدة الشركة واعوانها لاننا بكل صراحة نعتبر ذلك اعتداء صارخا على مجهوداتنا الجبارة التي نقوم بها نحن معشر اعوان الكهرباء والغاز لفائدة الوطن فلا مجال بأن يأكلها منا مجانا من احترفوا الاختلاس اذا ما علمنا أن اموال الشركة المتخلدة لدى الجميع مؤسسات وافرادا فاقت المائة والخمسين مليارا من المليمات وهو رقم خيالي ومرعب وهو ما كانت له انعكاسات سلبية في كل أوجه العمل داخل الشركة نقص في اسطول السيارات والتقشف في المشاريع الاستثمارية والضغط على موازنات الاستغلال وكذلك الضغط الكبير على عملية الانتدابات ولذلك اساسا كانت مراجعة المنح موجهة خصيصا للأعوان المكلفين بالتفطن لعمليات الغش ومتابعة ملفات النزاعات وقطع التيار الكهربائي على المتهربين هذا اضافة للاطارات المسؤولة عن عمليات الصيانات الكبرى لمحطات الانتاج لان ذلك يدحل في اطار الربح المادي اذا ما جهزت المحطة للخدمة قبل الموعد المحدد لها. ان هذه العمليات التشجيعية كلها أتت اكلها على افضل وجه وحسب ما كان مخططا لها وهذا بشهادة الجميع حيث وفرت عملية التصدي للاختلاس وحدها المليارات من المليمات وهذا ليس من عند الطرف النقابي انما هو ما جاء في تصاريح بعض المسؤولين عن الملف بالشركة. ان الطرف النقابي لما انتهج مثل هذا الخيار وضع نصب عينيه المصلحة العليا للشركة على قدر المستوى من مصلحة الاعوان وقد تحمل الطرف النقابي مسؤولياته كاملة في هذا الشأن مبرهنا بأن النقابي والعمالي يلعب دورا ايجابيا جدا اذا ما توفرت النوايا الحسنة من الطرف المقابل وتحدث الجميع دون مركبات او حسابات ضيقة واعتبار الطرف النقابي شريكا في العملية دون اقصائه او اعتباره عدوا لابد من الاحتياط منه ومتابعته وتغييبه بقدر ما أمكن ولو ان هؤلاء انتهجوا طريقا غير ذلك لكانت النتائج حتما اكبر واحسن على جميع الاصعدة، واني اعتبر ان تجربة جامعة الكهرباء والغاز من التجارب الرائدة ونحن على ذلك في المستقبل سائرون الى ان تستقيم كل الموازنات في ظل هذا الجو العمالي الخانق وما على الجميع الا أن يحذو حذو هذه التجربة خدمة للعباد والبلاد وللحديث بقية. عبد الخالق قفراش عضو الجامعة العامة