أصرّ زياد الهاني العضو المستقيل من مكتب النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في تعليق نشره على صفحته بموقع "الفايس بوك"، على اعتبار الاعتداء الذي تعرض له وزير الفلاحة محمد بن سالم مؤخرا في شاطئ الحمامات عملا مناسبا لما زرعه مسؤولو حركة النهضة من "جلب كره الناس لهم بسبب غرورهم وعجرفتهم وحقدهم على التونسيين"، حسب تعبيره. وتابع يقول "فلتواصل النهضة سياستها الحالية وسترى كيف أن الناس لن يكتفوا بطرد مسؤوليها من الأماكن العامة فقط بل سيلاحقونهم حيثما وجدوا". وأضاف "لن تحميهم أوهامهم وميليشياتهم من الإعصار القادم". لكنّ المتحدث يعلّق بموقف آخر "أنا أرفض بكل قوة الاعتداء على محمد بن سالم وأدينه، لكن من المهم استخلاص العبر". هكذا إذن يرى الهاني أنّ الاعتداءات ستتكرر على مسؤولين آخرين بنفس الكيفية طالما لم "يستخلصوا العبر"، ألا يُعدّ هذا تبريرا للعنف وربّما تحريضا على الأشخاص إذا لم يمتثلوا لقناعات البعض ؟ ومن زرع حصد.. هي أطروحة للعنف يسوّقها الهاني، ويقع في خطأ فظيع إذ يجعل من الاعتداءات التي تعرض لها هو نفسه وزميله ناجي البغوري وعدد من الإعلاميين والحقوقيين والسياسيين نتيجة للكراهية التي زرعوها في أوساط شعبية تجاههم بسبب ممارساتهم أو خطاباتهم أو انتماءاتهم المهنيّة والحزبية، كاعتداءات على الصحافيين بقدر الكراهية التي زرعها بعضهم ضدّ الإعلاميين بسبب أدائهم الهزيل وما قد تراه فئة انحيازا للمؤسسات الإعلامية على حسابهم، واعتداءات على السياسيين بما يناسب البغض الذي ولّدوه لدى مجموعة من التونسيين تجاههم داخل المجلس التأسيسي وخارجه وفي الحوارات التلفزية والإذاعية، واعتداءات على مفكرين ومثقفين بقدر ما اعتبره المتلقون اعتداءً على ثقافتهم أو هويتهم أو دينهم أو قناعاتهم.. وهكذا دواليك تتسع دائرة العنف بين التونسيين، ويتلذّذ البعض، على غرار زياد الهاني بمشهد الآخر حين يهان ويُحقّر من شأنه، وتتداول المواقع الاجتماعية مشاهد بعنوان "طرد فلان" أو "فلان يفرّ" أو "أهالي المدينة يؤدّبون"... ولا مجال حينئذ للمحاسبة فواحدة بواحدة و"العقاب المناسب للأداء المناسب". ولا شكّ أنّ الهاني نفسه قد أدرك حجم خطئه فأعاد صياغة موقفه ونشره ولكنّ عناده دفعه للإصرار على بث خطاب الكراهية ولم يفلح تنديده بالاعتداء في إخفاء تبنّيه للعنف. وليس الهاني وحده من تورّط في هذا المستوى من الخطاب فعدد من الصحافيين منحدرون إلى مستوى هزيل كاعتدائهم على المعتصمين أمام التلفزة في مارس 2012 ودعوة آخر في الموقع الاجتماعي لحرق المقرات وتلذذ آخر بمقتل التونسيين في سوريا، هذا عدا السقوط الأخلاقي والمهني للظاهرة الأبرز لباعث قناة الحوار التونسي الطاهر بن حسين الذي يجلس إليه الهاني متضامنا في ساحة باردو وهو من حرّض صراحة الهيئات المسلّحة على التمرّد كما حرّض على قتل رئيس الحكومة ورئيس حركة النهضة، وربّما يكون ذلك مقبولا في منطق الهاني، فابن حسين قال "إذا تعرضت للاغتيال أوصي بقتل لعريض والغنوشي"، في ظلّ تخاذل مريب من النيابة العمومية ووزارة العدل.
المصدر: جريدة الضمير في عددها 117، اليوم الثلاثاء 13 أوت 2013