يبدو أن شركة الشحن والترصيف بميناء رادس تعيش هذه الأيام على وقع بعض التجاذبات الداخلية بسبب تذمر بعض أعوانها من التجاوزات التي ترتكبها إدارتهم أبرزها اتهامهم للإدارة بالسعي إلى إفلاس الشركة تمهيدا للتفويت فيها. واتهمت مجموعة من العاملين بالشركة (التي اتصلت ب«التونسية» وطلبت عدم ذكر أسمائها) بأن الإدارة تملك مخططا منظما للسيطرة على الشركة والتفويت فيها لخواص مشيرين أن المخطط بدأ تنفيذه منذ تعيين الرئيس المدير العام الحالي الذي بدأ في تهميش النقابة وعدم التفاوض معها. كما أكدت هذه المجموعة أن الإدارة قامت بإنشاء ميليشيا من الموالين لحزب النهضة الحاكم لترهيب العمال والموظفين حيث أصبحت هذه الميليشيا (التي وقع انتداب بعضها مؤخرا بطريقة غير قانونية وفيهم من له سوابق عدلية في قضايا حق عام وعمره تجاوز السن القانونية للانتداب) اليد الغليظة التي يضرب بها كل من تسول له نفسه الاعتراض على القرارات المتخذة. وأضاف هؤلاء أن الإدارة عملت على الاستقواء بهذه الميليشيا التي أصبحت تصول وتجول في الشركة وتتوعد المحتجين مما خلق نوعا من الخوف والأجواء المشحونة التي من شأنها التأثير على سير العمل. وحاول أعضاء النقابة التدخل لوضع حد لهذه الممارسات لكنهم تعرضوا بدورهم للتهديدات بالطرد والنقل التعسفية. وقالت مجموعة الموظفين أن الإدارة لا تكترث لفتح ملفات الفساد فيما يخص الشراءات والحاويات المسروقة من ميناء رادس ولم تحرص على المطالبة بقاعة مراقبة رغم الموافقة المبدئية للوزارة على هذا المطلب. وأشار هؤلاء الموظفون أن الإدارة تعمد إلى ترهيب كل من يحتج على هذه الممارسات من خلال إعلامهم بان هناك تقارير أمنية تصلها يوميا حول تحركات العمال وخاصة النقابيين منهم. وأكد هؤلاء ان الإدارة تحاول إغراق الشركة بالانتدابات غير القانونية دون الاكتراث بحاجياتها وهذه الخطوة تندرج في إطار ضرب اتحاد الشغل، حسب أقوالهم، من خلال انتداب عمال موالين للنهضة والسيطرة على ميناء رادس. وكان العمل قد توقف في شهر فيفري الماضي بميناء رادس نتيجة تحرك احتجاجي لعمال وأعوان الشركة التونسية للشحن والترصيف على خلفية ما راج من أخبار تشير إلى رغبة الحكومة في التفويت في جزء من نشاط الميناء إلى شركة دنماركية . النقابة على الخط أكد محمد علي البوغديري الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، علمه بما يحدث داخل الشركة قائلا أن «تتالي دعوات بعض أعوان الشركة من طرف الرئيس المدير العام للمؤسسة وإخضاعهم إلى ما يشبه البحث البوليسي وترهيبهم وتهديدهم بالنقلة التعسفية يؤكد أن الإدارة العامة مازالت تنتهج نفس الممارسات التي خلناها ولت مع العهد البائد». واستنكر البوغديري أساليب بث الفرقة والفتنة بين أعوان الشركة وغياب الصيانة وعدم توفر قطع الغيار مشيرا أن الوضع المالي للشركة ضبابي وغير شفاف. وأصدرت النقابة الأساسية لأعوان الشركة التونسية للشحن والترصيف لميناء رادس، أمس، بيانا عبرت فيه عن استنكارها الشديد لممارسات الرئيس المدير العام اللاقانونية ضد أعوان الشركة والتهديدات التي يتعرضون لها من طرفه، داعية إلى ضرورة التصدي لأي محاولة للنيل من الشركة والمحافظة على ديمومتها وعموميتها وذلك تحت لواء منظمتهم العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل. وأشار البيان إلى أن غياب الصيانة وعدم إصلاح المعدات المعطبة وعدم توفير قطع الغيار، جميعها أصبحت تشكل خطرا على ديمومة المؤسسة. كما أن غياب شروط الصحة والسلامة المهنية بالميناء زاد من تخوفات الأعوان حول مستقبل مؤسستهم في ظل الغموض الذي يكتنف الوضعية المالية وغياب الشفافية في التسيير. إدارة الشركة تردّ وفي رد على هذه الاتهامات، فنّد مسوؤل من إدارة الشركة، رفض ذكر اسمه ، الاتهامات الموجهة للإدارة بمحاولة السعي للتفويت في الشركة مؤكدا أنها غير صحيحة داعيا هؤلاء إلى تقديم أدلتهم وحججهم، مشيرا أن قطع الغيار متوفرة رغم فقدان بعضها (عدم توفرها في الأسواق الخارجية) وأن عملية الصيانة تتم بشكل يومي سواء داخل ورشة رادس أو باستدعاء فنيي المزود في فترة الضمان مع تأخير بسيط بسبب خروج أغلب المزودين في عطل. وعن الانتدابات غير القانونية، قال المصدر المسؤول أن أغلب الانتدابات قانونية وتمت عن طريق مناظرات وطنية وحتى قبل استلام المدير العام الجديد لمهامه وأن التعيينات الأخيرة كانت لحالات اجتماعية متدنية وهو مجهود إضافي قامت به إدارة الشركة لتقليص نسبة البطالة . وقد تمت برمجة دورات تكوينية لتأهيل هؤلاء وإعدادهم للحياة المهنية. ونفى المصدر علمه بأية تهديدات أو عمليات ترهيب سلطت على بعض أعوان الشركة مؤكدا أن علاقة الإدارة بأعوانها طيبة وأغلب الاجتماعات بهم تجري في كنف الاحترام المتبادل كما أن الوضعية المالية للشركة عادية جدا ولا تشكو من هزات وان الإدارة تسعى الى جمع ديونها المتخلدة لدى حرفائها مؤكدا أن التعيينات الأخيرة خير دليل على سلامة الوضعية المالية للشركة. يذكر أن «التونسية» حاولت الاتصال بالرئيس المدير العام لكنه تعلل بالعديد من الأعذار.