قطار الاعتصامات لم يتوقف في صفوف أبناء الحوض المنجمي، حيث يقبع العشرات منذ أسبوع أمام وزارة التكوين المهني والتشغيل بالعاصمة احتجاجا على نتائج الانتدابات الأخيرة مطالبين بتوظيفهم بشركة فسفاط قفصة. ورغم رفضهم التعامل مع وسائل الإعلام نتيجة عدم ثقتهم فيها، تمكنت «التونسية» من الحصول على تصريحات جانب منهم. من بين هؤلاء المعطلين كهول فاق سنهم الخمسين عاما وأغلبهم أولياء تنقلوا خصيصا من أم العرائس والمظيلة من ولاية قفصة وتركوا وراءهم عائلاتهم وأبناءهم للمطالبة بموطن شغل يضمن لهم الكرامة والحياة الكريمة على اعتبار أن من حقهم العمل في شركة فسفاط قفصة. صفية الجريدي ربة بيت في الستين من العمر وأم لثلاثة أبناء، جاءت خصيصا من قفصة بعد إقصاء ابنها من قائمة الناجحين في القائمة الجديدة بعد أن خرج اسمه في قائمة نوفمبر الماضي وتقول في هذا الإطار «فرحنا كثيرا عندما وقع قبول ابني في القائمة الأولى إلا أننا فوجئنا بإقصائه في القائمة الجديدة وهو ما أثر سلبا على والده الذي أصيب بجلطة دماغية كادت تودي بحياته، وهو الآن في مستشفى صفاقس يصارع الموت. مضيفة أن العديد ممن تم اقصاؤهم في هذه القائمة حاولوا الانتحار شنقا أو حرقا لولا تدخل البعض في الوقت المناسب». من جهته، أكد السيد سامي أمين عيساوي رجل في الخمسين من عمره أنه لا يملك موردا للزرق وأنه كغيره يحلم بالعمل في شركة فسفاط قفصة ويقول في هذا الإطار «لي ابنان ولا أملك موردا للرزق، فقد سبق أن أدرج اسمي في القائمة الأولى ثم قاموا بإقصائي في مرحلة ثانية بتعلة أنني غير مؤهل للخطط المعروضة». كما أضاف أن الشركة أعلنت عن وجود عدة تجاوزات وأن مطلبه الوحيد هو أن يحاسب كل من قام بعملية غش. وفي السياق ذاته أكد بدوره السيد محمد عمران عيساوي في الخامس والعشرين من عمره على ضرورة محاسبة كل من غش وقام بتدليس أي وثيقة ليقع انتدابه على حساب غيره. كما دعا المسؤولين إلى إعادة النظر من جديد في ملفاتهم لأنهم في أمس الحاجة إلى العمل. وقد أجمع كل المحتجين على أن المناظرة شابتها تجاوزات وأن عمليات الاقصاء والانتداب تمت على أسس غير صحيحة. كما شكك جميع الحضور في مصداقية اللجنة التي قامت بعملية الفرز حيث عبروا عن جهلهم وطريقة عملها. فبالرغم من اختلافهم في بعض الأحيان أثناء حديثهم معنا، إلا أن مطلبهم واحد وقضيتهم واحدة وهي الحق في التشغيل وفي وجوب إلحاقهم بصفوف عملة شركة فسفاط قفصة، نظرا لأحقيتهم في العمل بها ونظرا لظروفهم الاجتماعية القاسية. وزارة التشغيل توضح وسعيا منها لإيصال رأي الطرف الآخر تنقلت «التونسية» إلى مكتب السيدة وجدان بن عياد، وهي رئيسة مصلحة بوزارة التكوين المهني والتشغيل التي أكدت من جهتها أن شركة فسفاط قفصة تنشط وتنضوي تحت القطاع العمومي وأضافت أن الشركة ملزمة بتطبيق معايير الانتداب المنصوص عليها في المرسوم 32 من سنة 2011، على غرار السن وسنة التخرج والحالة الاجتماعية، إضافة إلى ملاحظة الشهادة العلمية والتربصات المجراة. وقالت بن عياد: «ملاءمة مع خصوصيات الجهة قامت شركة الفسفاط بحذف معيارين من معايير المرسوم 32 والذي يطبق على كافة المؤسسات العمومية وتعويضهما بالسن وسنة التخرج أو سنة الانقطاع عن الدراسة والحالة الاجتماعية». كما كشفت بن عياد أنه تم التبين من مدى أحقية المترشحين في الانتداب والتثبت من أنهم يستحقون التشغيل، من خلال إرسال قائمة المترشحين إلى صندوق الضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان والحيطة الاجتماعية ووزارة المالية وكذلك وزارة التعليم العالي. وأضافت أنه تم حذف بعض الملفات التي لا تتطابق مع الشروط المعتمدة في المرسوم 32. هذا وقد بينت بن عياد أن عملية اختيار المترشحين كانت شفافة ونزيهة ولا لبس فيها، وأضافت أن عملية الفرز أشرفت عليها لجنة مستقلة مع العلم أنه تم تعويض أسماء المترشحين وأرقام هوياتهم بشفرة أو رمز للالتزام بالحيادية، ونفت محدثتنا تدخل أطراف خارجية في عملية الفرز، كما أقرت بحق كل شخص في عملية الطعن إذا ما خلا ملفه من عملية الغش.