التقى صباح أمس السيد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بالشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب حركة «النهضة» في لقاء دام أكثر من ساعتين. اللقاء الذي تم طبخه على نار هادئة من طرف عدة أطراف سياسية ووطنية، غيّر من طبيعة العلاقات بين «النهضة» واتحاد الشغل، ولئن دار اللقاء بين الرجلين وراء أبواب مغلقة ولم تتسرب عنه أية معلومات فإن مصادرنا تؤكد أن الغنوشي نفى رسميا أن تكون لأنصار «النهضة» مسؤولية في ما جرى من اعتداءات وأكد أن العلاقة بين الاتحاد و«النهضة» أكبر من أن تفسدها مثل هذه الممارسات. ولدى خروجه من مكتب الأمين العام لاتحاد الشغل قال رئيس حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي إن اللقاء تنزّل في إطار رفع الشبهات وتنقية الأجواء في البلاد عامة وبين حركة «النهضة» و«المنظمة الشغيلة العريقة» خاصة، معتبرا أنهما أكبر منظمتين وطنيتين، مشيرا الى أن «النهضة» من الناحية السياسية كبيرة بحكم طبيعتها الحزبية والاتحاد يضم تحت لوائه آلاف الشغالين من الناحية المدنية وهما سيعملان صلب توافق بما يخدم مصلحة البلاد. وعن حادثة إلقاء الفضلات أمام بعض مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل شدد رئيس حركة «النهضة» على استنكاره لذلك موضحا أن هناك أطرافا وراء هذا الفعل تسعى الى توتير العلاقات الودية بين الاتحاد وحركة «النهضة». وفي معرض حديثه تطرق السيد راشد الغنوشي الى أحداث كلية منوبة وما رافقها من اعتداء على العلم، واصفا الحادثة بأنها اعتداء سافر وتدنيس لراية استشهد تحتها آلاف المناضلين منذ قديم الزمان.. وعمّا إذا كان هذا اللقاء سيتمخض عن توصيات، أكد الشيخ راشد الغنوشي أنه لم يتخط طابع الودية والتفاهم والتحاور وتقارب وجهات النظر. العباسي يهدي الغنوشي صورة قديمة وعلى هامش اللقاء قدم الأمين العام لاتحاد الشغل السيد حسين العباسي صورة نادرة تعود الى الثمانينات من القرن الماضي يظهر فيها الشيخ راشد الغنوشي رفقة مناضلين من الاتجاه الاسلامي مع عدد من النقابيين وتمثل اعتصاما احتجاجيا على سياسة القمع في عهد بورقيبة. وعلمنا أن حسين العباسي الأمين العام للاتحاد أكد على استقلالية المنظمة وابتعادها عن المشاحنات السياسية رغم أن الشأن السياسي يهم اتحاد الشغل خصوصا مسألة الدستور وبناء دولة مدنية وديمقراطية. وتحدث الطرفان عن الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد وكيفية تجاوزه خصوصا في قطاعات السياحة والنسيج وطرق جلب الاستثمار الخارجي. وعلمت «التونسية» أن السيد حسين العباسي أكد ضرورة ألا يتم تغيير نمط عيش التونسيين والابتعاد عن العنف وتمت الإشارة الى قضية العلم التونسي وملف المنقبات بكلية منوبة. وحسب متابعين للشأن السياسي والنقابي فإن اللقاء قد يهدئ التوتر الاجتماعي والسياسي في البلاد وقد يترجم ذلك في علاقة الحكومة واتحاد الشغل حيث من المنتظر عقد جلسة مشتركة بين الجانبين الأسبوع القادم. فكيف سيتعامل أنصار «النهضة» والنقابيون مع هذا اللقاء خصوصا وأن بعض الأصوات استاءت من هذا اللقاء كما أن بعض النقابيين تساءلوا أمس داخل بطحاء محمد علي عن رأي أنصار «النهضة» في هذا اللقاء خصوصا وأنهم هاجموا الاتحاد إثر استقباله للباجي قائد السبسي فكيف سيكون الموقف بعد زيارة الغنوشي؟ أما الاستنتاجات التي أكد عليها النقابيون إثر هذا اللقاء فهي أن الاتحاد يرحب بكافة الذين يريدون التضامن مع المنظمة ويؤكدون دورها في بناء الدولة الجديدة وهي رسالة لكل من وجه اللوم والنقد للاتحاد إثر انضمام قوى المعارضة لمسيرة المنظمة. ويبدو أن الرسالة وصلت الى كل من يهمه الأمر. فكيف ستتم ترجمة هذا اللقاء عبر قرارات على أرض الواقع خصوصا حول التوترات الاجتماعية في عدة قطاعات وملف كلية منوبة وغيره من الملفات المطروحة اليوم على طاولة الصراع السياسي؟ بالتوازي مع ذلك التقى الأمين العام لاتحاد الشغل بالسيد الحبيب شوباني الوزير المغربي المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والذي كان مرفوقا بالسيد عبد الرزاق الكيلاني الوزير المكلف بالعلاقات مع المجلس الوطني التأسيسي. وقد أفاد الوزير المغربي «التونسية» بأن هذه الزيارة تتنزل في إطار التقارب وتوطيد علاقات العمل وأواصر الأخوة مع تونس. وردا على سؤال ل «التونسية» عما إذا كانت لزيارة الشيخ راشد الغنوشي علاقة بقدومه، قال السيد عبد الرزاق الكيلاني إنه علم بزيارة رئيس حركة «النهضة» عند وصوله وأن لا علاقة لزيارته بزيارة راشد الغنوشي.