بقلم: أبو غسان عاد عامل الوقت ليمثل مشكلا عويصا أمام الحوار الوطني. فقد مضى أسبوع على تكليف السيد المهدي جمعة لتشكيل الحكومة الجديدة ، ولم يبق سوى أسبوع لتقديم الفريق الحكومي الجديد للمجلس الوطني التأسيسي لنيل ثقته، وفق ما يفرضه القانون المنظم للسلطات المؤقتة الجاري به العمل. ورغم تسرب أنباء تفيد أنّ تشكيلة السيد المهدي جمعة جاهزة تقريبا فإن مسألة نيلها الثقة من المجلس التأسيسي ترتبط، في بعض النواحي، بعوامل خارجة عن نطاق رئيس الحكومة المكلف. المشكلة الرئيسية التي يصطدم بها الحوار الوطني اليوم هي كيفية تجسيد مقولة تلازم المسارات أو تزامنها على اختلاف وجهة نظر كل طرف . وقد كان واضحا منذ البداية أن الائتلاف الحاكم، وخاصة حركة «النهضة» التي تتزعمه، لن يقبل بمنح الثقة للحكومة الجديدة قبل المصادقة على الدستور الجديد. وهو ما يضمن تولي السيد علي العريض ختم الدستور إلى جانب رئيس المجلس ورئيس الجمهورية. والسؤال المطروح هو هل يمكن تسوية هذه المشكلة، بالإضافة إلى عقبات أخرى لا تقل تعقيدا، في ظرف أسبوع واحد؟ منطقيا قد لا يكفي أسبوع واحد لفض ما بقي عالقا من خلافات حول الدستور خاصة إذا ما شهدت بقية النقاط العالقة ما حف بالفصول المتعلقة بالقضاء. وهو ما أدى إلى نوع من الانفلات على مستوى التصريحات الإعلامية، تجلى خاصة في «التهديد» بتعطيل عملية المصادقة على الدستور، وحتى الدفع نحو الاستفتاء، أو عدم منح الثقة لحكومة المهدي جمعة، وما يمثله ذلك من مخاطر، وحتى نسف كل ما تحقق إلى حد الآن. هناك بالفعل خلافات مبدئية حول بعض الفصول المتبقية في الدستور، وهذا ليس بجديد، وأهمها ما يتعلق بالأحكام الانتقالية. وقد أمكن منذ بداية مناقشة الدستور تجاوز العديد من العوائق وتمت المصادقة على عدد من الفصول كانت محل اختلاف بفضل عمل لجنة التوافقات، التي تطالب العديد من الأطراف بوجوب تواصل عملها، خلافا لموقف المقرر العام للدستور. ولكن ليست هذه المشكلة الوحيدة التي قد تجعل الأسبوع المتبقي غير كاف لتتسلم الحكومة الجديدة مهامها. فبعض أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار الوطني تطالب بضرورة الإطلاع على قائمة الفريق الحكومي الجديد قبل مروره أمام المجلس التأسيسي لنيل الثقة، «لتتثبت» إن كانت كل عناصره من المستقلين، بعد أن «اشترطت» ألا يكون ضمن هذا الفريق أي عنصر من الحكومة الحالية. كذلك فإن مقترح تنقيح القانون المنظم للسلطات الذي نصت عليه خارطة الطريق باتجاه منح الثقة للحكومة الجديدة بالأغلبية البسيطة وعدم سحبها منها إلا بأغلبية الثلثين لا يحظى إلى حد الآن بموافقة حزب حركة «النهضة» وحلفائها وبعض المستقلين في المجلس. أمام ضغط الوقت في هذا الشوط المتقدم الذي بلغه الحوار الوطني فإن أي توظيف لما تبقى من مسائل عالقة خارج إطارها من هذا الطرف أو ذاك، أو استخدامها لغايات ظرفية لا يساعد مطلقا على غلق قوس الأزمة التي تمر بها البلاد منذ ستة أشهر، وفسح المجال للحكومة الجديدة لتتسلم مهامها وتشرع في معالجة الملفات الحيوية التي لا تحتمل المزيد من الانتظار.