تشهد أوروبا منذ أيّام موجة برد غير مسبوقة بما خلّف وضعا صعبا على سكانها . تعيش ذلك بالتزامن مع موجة أخرى ، لكن ساخنة ، مرعبة ، تتمثّل في زحف اليمين الشعبوي المتطرّف نحو السيطرة على الحكم ، ليزيد في مدّ نفوذه لتحقيق طموحاته العنصرية و نشر الكراهية والعداوة للآخر الاجنبي . عقدت قوى أحزاب اليمين الأوروبية نهاية الأسبوع الماضي " قمّة " بمدينة " كوبلنز " الألمانية ، تحت شعار " السيطرة على أوروبا سنة 2017" . اذ بدفع من " بريكسيت " أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، و فوز دونالد ترامب بانتخابات امريكا، يرى قادة هذا اليمين انّ الناخبين الهولنديين والفرنسيين والألمان وغيرهم حيث تشهد بلدانهم انتخابات مهمّة هذه السنة سيغيّرون وجه أوروبا . تتّجه كلّ التوقعات وعمليات سبر الآراء الى إمكانية فوز مرشحي اليمين فعلا و بنسب عالية بما ستكون بلا شكّ له تبعات خطيرة على اوضاع المهاجرين وانعكاسات مضرّة على استقرار عديد البلدان خاصّة المغاربية منها . إذا كان من حقّ " الرجل الأبيض الأوروبي " المعروف بتاريخه الاستعماري ، ان يغير على بلاده و مصالح شعبه ، فإنّ المؤسف حقّا تنكّره للدور الذي قام به هؤلاء المهاجرون خاصة من بلدان شمال أفريقيا سواء أولئك الذين التحقوا بجيوش التخالف الغربي وساهموا في تحرير أوروبا من النازية او من بذلوا وضحّوا في إعادة بنائها بعد دمار الحرب العالمية الثانية . ما يزيد في ذهول المرء ان يرى ضمن نشطاء هذه التنظيمات اليمينية مهاجرون عرب يزايدون في تطرّفهم و اقصائهم لأبناء أوطانهم .. انطلاقا من موقف انتهازي شوفيني حتى لو كان تحت يافطة " التصدي لظاهرة الإسلام المتطرّف التي تلصق عادة بالمهاجرين ". صدق من قال :" لا تفرح لحظة بما عندك أخا يعرب…..فكم من عزيز في طرف عين يفشل ".