كان من الواضح انه لولا نباهة المذيعة التي حاورته لكان النائب الأوروبي نيك غريفن ذهب الى ابعد من تلك التصريحات العنصرية التي ادلى بها الى قناة" البي بي سي"عندما دعا الى اغراق السفن المحملة بالمهاجرين الافارقة المتجهة الى أوروبا قبل ان يستدرك وقد انتبه الى اشارة محاورته التي تعمدت مقاطعته وهي تستمع الى ردوده الغريبة لتجنب نفسها وتجنبه الحصول على مجال اوسع لمواصلة استعراض ما في جعبته من حلول سحرية لمواجهة افواج المهاجرين غير الشرعيين المتدفقين على أوروبا الامرالذي جعله يعمد الى مراجعة افكاره والمضي قدما في التاكيد على انه لا يدعو باي حال من الاحوال الى اغراق اولئك المهاجرين ولكن الى اغراق السفن التي تقلهم ثم ارسال زوراق النجاة لانقاذهم لاحقا.. موقف لا يخلو من انسانية فاضحة لدى النائب البريطاني الذي يكشف عن نوايا لم تعد بالخفية لدى فئة لا يستهان بها في الساحة الأوروبية التي تبقى مع ذلك منارة لحرية الفكر والتعبير رغم وجود مثل هذه الرموز للتطرف والانغلاق التي اصر على تحقير الاخرين ورفضهم وعمد الى التصدي لكل الاختلافات الحضارية والثقافية والتاريخية بين الشعوب والامم.. واذا كان الراي العام قد تعود ان تاتيه مثل هذه المواقف التي لم تعد تشكل مفاجأة بالنسبة له من جانب عناصر تنتمي للاحزاب الدينية والسياسية اليمينية المتطرفة في اسرائيل من اتباع ليبرمان وناتنياهو فانه بالتاكيد يصاب بالصدمة عندما تاتيه من العواصم الأوروبية.. ولعل في تزامن تصريحات النائب الأوروبي مع النهاية المؤلمة للباحثة المصرية التي لقيت حتفها طعنا داخل احدى قاعات المحاكم في المانيا في جريمة عنصرية ارتكبها متطرف الماني تحت انظار القضاة ورجال الامن مما يؤكد انه كما ان للتطرف انصاره بين المسلمين فان له ايضا انصاره ودعاته وابواقه ومجرميه في مختلف الديانات والعرقيات الاخرى في أوروبا بل وفي كل انحاء العالم وان هذا الخطر الذ ي لا لون ولا هوية ولاجذور له يهدد مختلف المجتمعات دون استثناء وانه كما يمكن ان ينتسب الى بعض اصحاب العمائم الذين يعتمدون عقليات اهل الكهف فانه يمكن ايضا ان يرتبط باكثر الفئات اصرارا على الظهور بمظهراكثر الشعوب رقيا وتقدما او هكذا ما يبدو على الاقل.. ولا شك انه عندما تاتي تصريحات نيك غريفن زعيم الحزب القومي البريطاني بعد شهرفقط على فوزه في انتخابات البرلمان الأوروبي الذي سجل تقدما ساحقا لليمين المتطرف في أوروبا فان الامرلا يمكن ان يكون مجرد خطإ او زلة لسان من جانب النائب الأوروبي الذي ظهر على قدر من التناغم مع تلك الاصوات المتطرفة التي ما انفكت تتصاعد في القارة العجوز وقد رفعت شعار العلاج بالصدمة لمنع انتشار الاسلام في أوروبا طريقها الى اصوات الناخبين الأوروبيين الذين باتوا اكثر ميلا الى اليمين المتطرف خاصة عندما يتعلق الامربتعزيز فرص استصدار القوانين الاكثر تشددا في التعامل مع المهاجرين من دول الجنوب او بالمهاجرين الافارقة الذين باتوا الشماعة المفضلة لاغلب الفئات المتطرفة لتحميلهم مشاكل أوروبا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.. لقد اعادت تصريحات النائب البريطاني الى الاذهان ما كان زميله النائب الهولاندي جيرت فيلز صاحب فيلم فتنة المعادي للاسلام اثاره من قبله في البرلمان الأوروبي من مواقف عنصرية خطيرة.. يبقى الاكيد وبعيدا عن الوقوع في محاكمة النوايا فان الارجح ان رحلة المهاجرين الافارقة الهاربين من متاعب الحياة واذلالها وظلمها لن تمنعهم تصريحات النائب الأوروبي من العودة الى تكرار المغامرة مرة بعد مرة لهثا وراء تحقيق الحلم الاوربي في قاع البحار والمحيطات..