لأول مرة.. إطلاق أوراق نقدية يابانية بتقنية الأبعاد الثلاثية    وسط آفاق واعدة.. تونس عاصمة إفريقيا للفرص الاقتصادية والتشبيك المهني    قفصة: فلاحون ينفذون وقفة احتجاجية مطالبين بإيقاف استنزاف المائدة المائية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 37 ألفا و900 شهيدا..    اسرائيل تفرج عن مدير مجمع الشفاء    بلغت أقصاها بهذه الولاية: اعلى درجات الحرارة المسجلة الى غاية منتصف النهار..#خبر_عاجل    وزارة التربية بصدد دراسة امكانية رقمنة الامتحانات الوطنية    فظيع/ هلاك كهل بسوسة في حادث انزلاق دراجة نارية..    مفزع/ حوادث: 10 قتلى خلال يوم واحد..    الكاف: تراجع ملحوظ في المساحات المخصصة للزراعات الصيفية    فوز تاريخي لليمين المتطرف بأول جولة من انتخابات فرنسا..    رئيس المجلس الوطني للجهات: "المجلس هو تجسيد للديمقراطية الشعبية الموسعة".    إنتخاب نور الدين بن عياد رئيسا لمجلس إدارة المجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري    الشركة التونسية للكهرباء والغاز تفتح قباضاتها خلال الصيف من السابعة الى منتصف النهار    المدير العام للمركز الوطني لنقل الدم: يوجه نداء للتونسيين للإقبال على التبرع بالدم.    المتلوي: وفاة شخص في حادث مرور    كوبا أمريكا 2024: المنتخب البرازيلي يبحث عن نقطة التأهل للدور ربع النهائي أمام منتخب كولومبيا بعد غد    توقّعات جديدة من ليلى عبد اللطيف لشيرين    تفوق 28 مليار دينار.. قروض التونسيين لدى البنوك في تراجع    بشرى سارة بخصوص عودة معبر راس جدير الحدودي الى نشاطه..#خبر_عاجل    دراسة تكشف عن وجود علاقة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالسمنة..    عاجل/ سعيد يعفي هذا المسؤول ويأذن بفتح تحقيق..    تنطلق اليوم: تلاميذ الاقتصاد والتصرّف يحتلّون المرتبة الأولى في اجتياز دورة المراقبة    رئيس ديوان الخدمة المدنية بالكويت: لا توجد لدينا بطالة    مصر تتصدر الدول العربية ب 32 مشروعا للهيدروجين الأخضر    مصطافون بطبرقة يستنكرون الوضع البيئي ونقص الخدمات بالمدينة ويطالبون بالتدخل العاجل لإنقاذ الموسم السياحي    في معرض لشبونة الدولي للحرف اليدوية .. اقبال كبير للزوار على الجناح التونسي    الالعاب البارلمبية باريس 2024 – تونس ستكون ممثلة لاول مرة باربعة اختصاصات بوفد يضم 30 رياضيا (محمد المزوغي)    إنجلترا إلى ربع نهائي كأس أمم أوروبا بفوز مثير على سلوفاكيا "فيديو"    وزارة الداخلية تعلن عن تفكيك شبكة دولية تنشط في توريد المواد المخدّرة الى تونس    كوبا أمريكا 2024: كندا تتعادل مع الشيلي وتتأهل إلى دور الثمانية    اختتام الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: تونس تحصد ستّ جوائز    تونس تشهد انطلاق الأوركسترا السيمفوني العربي بحفل "روح العرب" بقيادة المايسترو جورج قلته    القصرين : لجنة برلمانية تناقش فكرة إحداث مسلك سياحي ثقافي بمنطقة السباسب العليا    ولاية تونس: جلسة عمل حول الموسم السياحي وضمان حسن سيره    تركيا توضح ملابسات الهبوط الاضطراري لطائرة إسرائيلية بمطار أنطاليا    الكرة الطائرة...«الصّفاقسيات» هنّ الفائزات بالكأس    أخبار الملعب القابسي .. راشد مطلوب و«الستيدة» تحلم بالصّعود    أخبار مستقبل قابس .. ملياران لضمان النجاح في «الناسيونال»    الانتخابات الرئاسية في الجزائر: 31 مرشحا بانتظار البت في ملفاتهم    مدراس نجم المتلوي على منصّة التتويج    اختتام المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. تونس تحصد 5 جوائز للإذاعات وواحدة للتلفزيون    أولا وأخيرا...«دور بغافل»    موريتانيا: محمد ولد الغزواني يفوز بفترة جديدة في الانتخابات حسب النتائج الأولية    عاجل : ضربة للتحالف الرئاسي في فرنسا : التجمع الوطني يتصدر    جربة _جرجيس : 28 ألف سائح يقيمون حاليا بالمنطقة السياحية    بشكل مفاجئ : نجوى كرم تعلن زواجها    عاجل : سحب هذا المشروب.. والسبب مادة خطيرة    تتويج النادي الرياضي الصفاقسي ببطولة النخبة    تونس الليلة اختتام المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون    1 % من التونسيين مصابون بمرض الأبطن    مؤشرات مبكرة لمرض الزهايمر ماهي ؟    الجائزة الوطنية للشعر من نصيب الشاعر شاهين السافي    مكوّن شائع في المطبخ يخلّصك من الذباب    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الإمارات: خطبة وصلاة الجمعة 10 دقائق صيفاً    ما هو'' التوقيت صيفي '' وكيف بدأ في العالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر المبثوث في الأمكنة ضمن عناوين الذاكرة و الحلم في لوحات الرسام البراري..
نشر في الصريح يوم 17 - 03 - 2020

يبزغ الشعر بتفاصيل الحالات و الأشياء حيث اللغة مجال تلوين تنهل من التفاصيل و المشاهد و الوجوه و التواريخ بما يجعل من اللوحات قصائد بعناوين الوجد و الذكرى و الأحلام المفعمة بالنشيد هذا النشيد الكامن في الذات ذات الفنان التشكيلي عز الدين البراري و هو يلهو بالأمكنة مخاطبا سحرها الدفين و البهاء المبثوث في أرجاء عوالمها هكذا نتحسس جسد ذاكرتنا لنذهب في دروبها بكثير من اللوعة و الشجن و الحنين...لوعة الفقد تجاه حالاتنا من أزمنة لونتها بساطة الأحوال و التفاصيل و القيم المفعمة بالاجتماعيات و الانسانيات ضمن عنوان كبير هو بمثابة الدفء الذي كيف و صاغ علاقات الناس في حيز متحرك في دواخله و هو المدينة العتيقة و أمكنتها المجاورة و الشجن المرسوم على الملامح و الوجوه حيث يقنع الناس بما لديهم و هم يصنعون البهجة و الأفراح رغم ظروف معلومة و منها الفقر النبيل ..و الحنين هذا الكامن في الأمكنة و الأشياء مشكلا تلك العلاقة الباذخة تجاهها من قبل الكائن المأخوذ بتلويناته و للحنين رايات شتى و هكذا تنطبع الأفكار و الأشواق و شواسع النظر و القول بالنفس و هي ترسل التناهيد الخالصة حيث البون بين البراءة و التلقائية و العفوية و ما نعيشه اليوم من افتعال و نكران و تركيب لنلمس الكثير من الأشياء تتحول الى بلاستيك مثل تلك الزهور الديكور التي بلا رائحة..
و هكذا تستعيد الروح شيئا من عنفوان بهائها و نحن نهم بالدخول الى الفضاء الرائق قصر المدينة بدار بودربالة بنهج الجلد الفضاء الأنيق مثل لؤلؤة ..المعد للمعارض الفنية ليستقبلنا بصمته البهي فكأننا في أرجاء عالم روائي يحكي كل شيء و لكن لا يبوح بالاسرار..يرسل للأكوان جماله و الدهشة العارمة..و تتضاعف هذه الدهشة مع مضامين لوحات المعرض الذي يفصح عن اللون و أسراره و الحكايات التي شهدها الفنان و بقيت في طيات كتاب الذاكرة الحية لديه...تلك الذاكرة المأخوذة بالحلم و البهاء العظيم.ثمة أغنيات شتى و ثمة هيام و بهاء و قماشة تضيء كل الجهات فكيف تذوب الدقائق و الساعات..زمن تخلده ذاكرة من حميميات المشهد و التفاصيل.قد يحدثنا التاريخ عن الأحداث و التفاصيل و قد تحكي الجدات للأحفاد عن أيام الأمكنة و مناسباتها و قد و قد و قد و لكن الفنان هنا يحدثنا عن كل ذلك و لكن بشيئ من الجمال المدهش و الحلم تجاه الماضي و لكن كل ذلك بشاعرية بعيدة عن النوستالجيا المريضة التي لا تنتبه للحاضر و تثمن أشياءه الجميلة التواقة كذلك للمستقبل اننا بصدد جمال مخصوص يأخذنا اليه الفنان الحالم صاحب هذا المعرض الذي افتتح مساء السبت 29 فيفري الجاري بدار بودربالة ب " المدينة العربي "الفنان هو عزالدين البراري الذي سافر بنا و من خلال لوحاته متفاوتة الأحجام الى حيز من جمال و ذاكرة تونس بأحيائها و أمكنتها و مشاهدها الساحرة بايقاعها و هدأة الأحوال و العناصر فيها..أعمال فنية تحكي شيئا من سيرة المكان لنذكر "المركاض قرب معقل الزعيم " و " سيدي عبد السلام " و " نهج المر " و " حفلة الموزيكا " أو الحسينية كما يسميها البعض و كذلك لوحة " بائع القرنفل و الزهور " ببطحاء جامع صاحب الطابع و غيرها أعمال فيها الصدق من قبل الفنان الذي بث في الوجوه و الألوان و التفاصيل الكثير من ذاته الوفية للحظة و ترجمانها المتعدد العبارة التشكيلية سوق السلاح والمكان المعروف بسوق العصر و مدرسة العلوية و معهد ترشيح المعلمين و القشلة حيث ثكنة الأمن بالقرجاني و مقهى الزعزاع المكان الشهير بالتيراس و الأقواس حيث كانت مواعيد الفرق و المجموعات الموسيقية الفلكلورية من عازفين و راقصات لاحياء الحفلات و المناسبات مثل الختان و الزفاف و النجاح آنذاك في السيزيام و ما بعده ..المقهى قبالة نهج بوخريص و قريبا من نهج عبد الوهاب و حي رأس الدرب الذي كان حاضن العائلة و فيه كنت أصحب جدتي الى بيوت و منازل الأقارب حيث " الفاينس " الذي تعوي ألوانه و النقوش التي يصرخ رونقها ..أعرف الأمكنة جيدا حيث كنت الطفل المار يوميا الى المدرسة بنهج بوخريص لأنتبه لايقاع آلة صانع السفساري و مطرقة صانع الخشب الرقيق لصناديق التمر و غير ذلك كثير و منه المقام ..مقام سيدي عمر الفياش الساحة في اللوحة مجال بهجة و سعادة حيث الأطفال و الرجال و النسوة قرب سوق العصر و حلقة ضرب الدف و النفخ " الزكرة " لتبرز الأفعى في كل ذلك بلعبها و رقصها و حركاتها وفق الأيقاع...كل هذا داخل السور الحديدي و قبالة مقام " سيدي ناجي فضاء اللوحة بمثابة المساحة المتسعة للحكي و القول بالسرد ينحت علامات الزمان و المكان في ضرب من تخير الألوان و في تناغم مع اعتمالات الفنان و نشيده المفتوح.الفنان عز الدين البراري الذي يشتغل هنا في هذه السياقات التشكيلية ظل على نهجه يبتكر ضمنه و فيه وبه تجدده مع اللون في لعبة الرسم الباذخة حيث الفن لديه هذا الذهاب عميقا في قول الأنا بصفاء نادر تخيره من ألوانه و تفاصيل حكاية الريشة مع القماشة كل ذلك وفق سرد رائق و حكايات مفعمة بالحميمية و الحنين و الحب اللوحة هي بمثابة حكاية من حكايات الجدة و هنا نلمس هذه البراعة في ملاءمة التشكيل مع ما هو أدبي ثقافي سوسيولوجي..الحكاية في اللوحة كمعطى في الحقل الثقافي الاجتماعي و في راهن متحرك و مغاير ... العمل التشكيلي للرسام عز الدين البراري برز فيه وفاؤه لنهجه الفني .. يرقب لوحاته بحنان هائل هو كل ما يملكه الفنان المحب لفنه و لاشتغالاته التشكيلية ..هذه المرة من ضمن اللوحات كانت هناك لوحات كبيرة الأحجام و هي على غاية من الجمال بحيث تكشف جانبا من تعب الرسام لانجازها و لكنه تعب لذيذ كما يقول جماليات فائقة فيها الكثير من البساطة و العمق منها حفلة العرس بجبل السرج و أفراح العيد ببطحاء باب سويقة و العيد الكبير و الاستعداد له بتربة الباي...و غير ذلك.هو رسام يعمل بجد و كد بعيدا عن ضجيج الآخرين ديدنه الوفاء لفنه و الصدق تجاه التجربة.. هو فنان أصيل يبتكر لنا المتعة الأخرى بشأن ما تزخر به الحياة التونسية قديما و حديثا من عادات و تقاليد و مناسبات ليبرز ذاك الكم من المشاهد و الحالات و الأحداث في ضرب من القول بالثراء و بالامتلاء ..الأسواق و الأنهج و المحلات و الباعة بالعربات ..ان الدخول الى عالم الفنان عزالدين البراري هو ضرب من المثول أمام مرآة الذات التي تمنحنا حيزا من الدفء في هذا البرد الكوني المريع..مشاهد و صور من وصف حالتنا التونسية وفق ذاكرة خصبة تمجد العراقة و الأصالة و تمدح الينابيع... فنان غزير الأعمال يمشي في المدن و الأحياء بفكرة الفنان و طموح الأطفال ...معرض أخر مميز الفنان عزالدين البراري نسافر في اللوحات نتحسس جسد ذاكرتنا لنذهب في دروبها بكثير من اللوعة و الشجن و الحنين...

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.