تتحمّل البنوك في مختلف أنحاء العالم كما في تونس مسؤولية كبرى في الأوضاع الاقتصادية فهي التي تساهم في التنمية من خلال تشجيع الاستثمار الذي من شأنه أن يوفر الثروة ويخلق مواطن الشغل وهي التي تضمن التوازن بين القطاع النقدي وميدان الإنتاج الحقيقي من خلال قبول ودائع القطاعين الخاص والعام لتحولها إلى قروض وتمويلات متنوعة للاقتصاد الوطني قصد تمويل المشاريع الاستثمارية المجدية عبر ما توفره للاقتصاد الوطني من تسهيلات تمويلية وقروض لتلعب بذلك دورا أساسيا في التقدم الاقتصادي إذ كلما تطور الاقتصاد ازدادت أهمية دور البنوك. ووفقا لأحدث البيانات الصادرة مؤخرا عن البنك المركزي التونسي، بلغ قائم القروض الممنوحة للأفراد والأسر من قبل القطاع البنكي في الربع الأول من هذا العام، 28.601.8 مليون دينار مقابل 28.661.4 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2023، بانخفاض قدره -59.6 مليون دينار. تنقسم القروض المستحقة على الأفراد إلى قروض سكن، وتحسين مسكن، واقتناء سيارات، وقروض جامعية (12.6 مليون دينار) وقروض استهلاكية أخرى. وشهدت، إجمالا، المساعدات الممنوحة لمختلف الأطراف الاقتصادية تسارعا طفيفا في وتيرة نموها (1٪ أو 1193 مليون دينار مقابل 0.3٪ أو 314 مليون دينار في العام السابق) ويرجع ذلك أساسا إلى الانتعاش المحدود في القروض للاقتصاد (+0.6٪ أو +653 مليون دينار مقابل -0.3٪ أو -288 مليون دينار) والزيادة في قيمة محفظة السندات المالية (8.2٪ أو 540 مليون دينار مقابل 9.7٪ أو 602 مليون دينار). في جانب آخر، اتسم تطور القروض للاقتصاد خلال الربع الأول من عام 2024 بارتفاع الحسابات المدينة الجارية (1.173 مليون دينار مقابل 726 مليون دينار) والقروض المصنفة (1.176 مليون دينار مقابل 1.075 مليون دينار). في حين استمر المبلغ المستحق لمحفظة الخصم لدى جمعيات وسطاء الديوانة في الانخفاض، ولكن بوتيرة أقل اهمية من نفس الفترة من عام 2023 (-1,652 مليون دينار مقابل -2,259 مليون دينار). وتعلقت أساسا الزيادة في القروض الممنوحة للمهنيين خلال الربع الأول من عام 2024 بقطاع الصناعة (+309 مليون دينار مقابل -247 مليون دينار) يليه قطاع الخدمات (+145 مليون دينار مقابل -723 مليون دينار) والفلاحة والصيد البحري (+61 مليون دينار مقابل +18 مليون دينار). ومع ذلك، انخفضت القروض التي يستفيد منها الأفراد بشكل طفيف (-6 مليون دينار مقابل +21 مليون دينار). يشار عموما الى لن دور البنوك في تونس لا يقتصر على تمويل الاقتصاد، بل ان هذه المؤسسات تمثل فعليا وفي عدة وضعيات أداة لتعديل الاقتصاد، إذ تتكفّل بالمشاريع الإستراتيجية على غرار السياحة والفلاحة وصولاً إلى المؤسسات الكبرى. كما ان هذا المحرك الماليّ يمضي قدماً منذ مدة في لعب دوره الأساسي من حيث تمويل الاستثمارات والمشاريع التنمويّة ودعم المؤسّسات العامة والخاصّة، وهو ما جعله يتصدّر سلّم اهتمامات السلطة التي طرحت مشاريع عديدة لمزيد من تطوير القطاع البنكي ومعالجة الإشكاليات التي يشكو منها. ويتكوّن الجهاز البنكي التونسي من البنك المركزي التونسي و21 مؤسسة إقراض لها صفة بنك، وبنكي أعمال و7 بنوك غير مقيمة و11 مكتب تمثيل لبنوك أجنبية. وقد استطاعت هذه المؤسّسات البنكية أن تنشأ ما يفوق ألفي فرع بنكي في جميع الولاياتالتونسيّة. كما أنّ الدولة ما تزال فاعلة في القطاع البنكي عبر 3 بنوك عمومية، وتعود أهميّتها إلى كون هذه المؤسسات تمثل 40 بالمائة من حجم تداولات الاقتصاد الوطني، وتشارك الأصول البنكية بنسبة 23 بالمائة من قيمة التمويل الإجمالي للاقتصاد، بما أن التمويل يتم أما عبر التمويلات البنكية أو المالية التي تطرحها البورصة الأخبار