تتواصل مظاهر الاحتجاجات والتحركات في جهات عديدة من البلاد، وتأخذ صيغا وأشكالا مختلفة تجمع بين قطع الطرقات والإضراب العام والتجمعات الإحتجاجية، كما بلغت هذه الاحتجاجات حد اعتماد إضرابات الجوع. وتتسع رقعة مظاهر الاحتجاع لتغطي معتمديات ومدن بكاملها وتشمل أجزاء من البلاد على غرار ما جرى ويجري في سيدي بوزيد وتالة والقصرين وقابس وتطاوين وجربة وغيرها من الجهات الأخرى التي يبدو أن سكانها قد فقدوا الأمل في الاهتمام بهم وبمشاغلهم فعمدوا إلى أشكال تصعيدية مختلفة للفت نظر الحكومة والمسؤولين بوجه عام. ولعل ما بات يلفت الانتباه هو أن المسؤولين الجهوين من ولاة ومعتمدين وممثلين لبقية المؤسسات باتوا عاجزين عن الفعل في واقع هذه الجهات بعدم القدرة على تغيير الواقع ولو بوعود بسيطة لتهدئة الخواطر وبعث الأمل في نفوس المتساكنين. ولعل صعوبة الوضع تزيد حدة عندما تقف الحكومة الحالية موقف المتفرج، ولا تحرك ساكنا تجاه ما يجري في هذه الجهات، بل نراها عاجزة حتى أمنيا للحد من مظاهر التجاوزات التي تحصل هنا وهناك. وهذا الواقع الصعب يؤكد أن القرار بات صعبا وأن لا أحد بامكانه الفعل في هذا الواقع الذي استعصى على الجميع لكثرة المطالب والعجز على وضع خطة يمكنها أن تنير السبيل إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. جهات البلاد الداخلية وسكانها باتوا يشعرون بأن صوتهم لم يعد مسموعا والوعود التي كانت تأتيهم من كافة القوى كانت مجرد كلام، فلا تنمية قد ظهرت في جهاتهم، ولا تشغيل قد ظهر ليبدد مظاهر الفاقة والخصاصة التي أحاطت بهم، فعادوا إلى التحرك عل ذلك يحرك الحكومة والقوى السياسية والاجتماعية للإهتمام بهم بدل نسيانهم. غير أن الثابت رغم بعض الأصوات التي ارتفعت أن الشأن السياسي واستحقاقات المرحلة القادمة، والتسابق نحو تأمين الموقع في السلطة هو الذي طغى على الاهتمامات متناسيا واقع الجهات الداخلية ومطالب سكانها التي بقيت معلقة منذ اندلاع ثورة 14 جانفي.