بعد أزمة اسمنت البناء التي تشهدها البلاد منذ عديد الأشهر أصبحت السوق الداخلية مهددة بأزمة في الاسمنت الأبيض الذي يعتبر مادة أساسية في قطاع البناء وعديد الصناعات المرتبطة به اثر توقف الانتاج بصفة كلية بالمصنع الوحيد في البلاد لهذه النوعية من الاسمنت الموجود بمدينة فريانة من ولاية القصرين بداية من أول أمس بسبب غلقه من طرف مجموعة من العملة غير المرسمين للمطالبة بتسوية وضعيتهم. وحول هذه المسألة تحدثت «الصباح» مع أحد أعضاء النقابة الأساسية لهذه المؤسسة الذي أشار الى أن المصنع يعيش وضعية خطيرة أدت الى تعطل أغلب المؤسسات الصناعية المرتبطة به وخاصة مصانع «الجليز» و«الخزف» ومقاولات البناء وتهديد أصحابها بالتوجه الى اقتناء الاسمنت الأبيض من الأسواق الخارجية وخاصة الجزائر ومصر والأمر مرشح الى مزيد التأزم ما لم تتدخل السلطات الجهوية والأمنية لايجاد حلول للاحتجاجات المتكررة التي يشهدها ووضع حد للتصرفات اللامسؤولة التي يقوم بها مجموعة من العملة العرضيين لا يتجاوز عددهم 54 عاملا تم قبولهم بعد الثورة رغم أن المصنع لم يكن في حاجة اليهم وحصل ذلك تحت الضغط والتهديد والاعتصامات المتكررة التي نفذوها لتشغيلهم في المؤسسة . وقد استغل هؤلاء الأجواء المشحونة التي عاشتها منطقة فريانة مؤخرا والاضراب العام الذي نفذه متساكنوها يوم الثلاثاء للمطالبة بالتنمية والتشغيل لاحداث الفوضى في المصنع منادين يترسيمهم والحال أنهم لا يقومون بأي شيء وقد عمدوا صباح الاربعاء الى طرد صاحب المصنع وهو مستثمر اسباني وبقية اطارات وفنيي المؤسسة مهددين اياهم بالاعتداء عليهم ثم قاموا بايقاف العمل في وحدات الانتاج وفرضوا على جميع الشاحنات الموجودة لنقل الاسمنت الأبيض أو القادمة اليه للتزود بالانتاج المغادرة وهددوا باحراقها ثم أغلقوا الباب الرئيسي للمصنع واحتلوا مدخله وتواصل الأمر أمس الخميس وبقيت المؤسسة معطلة تماما وقد اتصل بنا حرفاء المصنع وأكدوا أن أعمالهم توقفت بعد أن استهلكوا الكميات الاحتياطية التي لديهم وقالوا أنهم سيطالبون وزارة التجارة بتوريد الاسمنت الأبيض لأنهم لا يستطيعون الانتظار وغير مستعدين للبقاء تحت رحمة مجموعة محدودة من المحتجين تمنع عنهم التزود بهذه المادة «. وقد تحول صباح أمس صاحب المصنع وعدد من اطاراته ونقابييه الى مركز ولاية القصرين والتقوا والي القصرين وطلبوا منه التدخل الفوري لاجبار المجموعة التي أغلقت المصنع على الخروج منه وايجاد حلول نهائية تضع حدا لاحتجاجاتهم المتكررة وأبدى المستثمر الاسباني الذي اشترى المصنع قبل سنوات لما فرط فيه النظام السابق في اطار برنامج خوصصة المؤسسات العمومية استياءه مما يحصل بالمعمل واضطراب انتاجه منذ الثورة بعد أن كان يمول كامل السوق الداخلية ويصدر كميات كبيرة من الاسمنت الأبيض الى الدول المجاورة وعلمنا أن والي القصرين وعد باتخاذ الاجراءات اللازمة لاعادة الامور الى نصابها. من جهة أخرى نشير الى أن الاوضاع في مصنع الاسمنت الأبيض قد ألقت بظلالها على مؤسسات أخرى منتصبة بالقرب منه في المنطقة الصناعية بفريانة (غرب المدينة ) مختصة في صنع «كاربونات» الكالسيوم من الحجارة البيضاء التي اضطرت هي أيضا الى اغلاق أبوابها بعد أن طالتها الاحتجاجات وتوقفت عن العمل وتزويد الأسواق بالمادة المذكورة التي تستعمل في عديد الصناعات مثل معجون الأسنان والأدوية ومواد التنظيف والدهن والعلف المركب والعطورات وغيرها.