سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سياسيون.. حقوقيون وخبراء في الاقتصاد وعلم الاجتماع يقيّمون.. ويستشرفون المستقبل ملفات "الصباح" - سنة أولى ثورة... ثورة الحرية والكرامة في ذكراها الأولى
رغم الحالة الصعبة التي تمر بها بلادنا خاصة على المستوى الاقتصادي وتزايد مظاهر الاحتقان الاجتماعي، وبطء الحسم في ملفات المحاسبة وتحقيق أسس العدالة الانتقالية.. إلا أن أغلب آراء السياسيين وعلماء الاجتماع وخبراء الاقتصاد والحقوقيين والمؤرخين والجامعيين لم غلب عليها التفاؤل في هذا الملف الخاص عن حصيلة عام من الثورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا..بمستقبل أفضل لتونس التي تحتفل اليوم بذكرى يوم 14 جانفي..يوم تحررت من القيود وتنفس الشعب الصعداء بعد فرار الرئيس المخلوع إلى خارج البلاد. لكن التفاؤل بمستقبل تونس وتحقيق اهداف ثورة الكرامة والحرية رهينان بتوفر عدة شروط منها الإرادة السياسية في المحاسبة والتغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن أيضا بتوفر شروط موضوعية ليس أقلها تحقيق المعادلة الصعبة بين الاستقرار السياسي والاستقرار الاجتماعي من خلال رسم خارطة طريق واضحة المعالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والمضي قدما في بناء دعائم الدولة الديمقراطية المنشودة.
النائبة الأولى لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: الثورة لن تكتمل إلا بإصلاح الأمن والإعلام وإرساء العدالة الانتقالية قالت السيدة بلقيس مشري علاقي النائبة الأولى لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان إنه لا يمكن الاقرار بأن الثورة لم تحقق شيئا من أهدافها.. نظرا لأنها ساهمت في دفع الحرّيات خاصة حرية التعبير وتكوين الجمعيات وتأسيس الأحزاب سواء كانت الإضافات سلبية أو إيجابية.. وأضافت: "إن الثورة فاجأت الجميع، لكن الفرحة بالثورة لم تتحقق ولم يجد أي انسان الوقت الكافي لينعم بفرحة الثورة نظرا لتتالي الاحداث والتعقيدات التي صاحبت كل مرحلة.. فقد كانت البلاد أشبه ما يكون بالورشة المفتوحة.. أحزاب تتكون.. جمعيات تتشكل.. ومنظمات تناضل.. وتنسيقيات تتألف وهيئات عديدة لتحقيق أهداف الثورة وغيرها.. واستعدادات حثيثة للانتخابات ومرابطة لإنجاحها بتكوين آلاف المراقبين والملاحظين وتهيئة الظروف المناسبة لتنظيمها". وفسرت محدثتنا أنه لا أحد توقع قبل 14 جانفي أن تحصل الثورة، ولا أحد استعدّ لها، لذلك لما حدثت الثورة حصل انفلات كبير على جميع المستويات بما فيها الاعلام.. ثم شيئا فشيئا فوجئ المجتمع المدني بظهور التيارات السلفية.. وهي غريبة عنه وعن أهل البلد ككل.. وإن كان المواطن، قد توقع قبل الانتخابات أن حزب حركة النهضة سينجح في الانتخابات وسيصل إلى سدة الحكم، فإنه بقي مشدوها أمام بروز السلفيين وأمام المواقف التي يبدونها والأعمال التي يقومون بها.. ولعل الملفت للانتباه هو أن حكومة حمادي الجبالي تقول وتكرر في خطابها الرسمي أن الحداثيين يهوّلون الأمور عند التطرق لموضوع السلفيين.. وفي المقابل فإن المجتمع المدني يعتبر أن الحكومة تقلل من شأن ظاهرة السلفية رغم خطورتها على المجتمع، ورغم التجاوزات التي ارتكبها السلفيون في حق الجامعة، وفي حق الاعلام، وحق المجتمع المدني" وقالت: "بالنسبة لنا في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان نعتبر أن كل من يعتدي على حرية التعبير أو يحاول كتمها يعتبر مجرما مثله مثل من يسطو على متاع الغير". دور المجتمع المدني ولاحظت بلقيس المشري العلاقي أن الثورة حققت أهدافا لكنها لم تحقق كل أهدافها.. ومازال أمام الشعب والمجتمع المدني والحكومة عملا مكثفا لا بد من القيام به لتحقيق أهداف الثورة. وفسرت: "فإضافة إلى أن الشعب ثار ضد كبت حرية التعبير والفكر والابداع.. فإنه ثار خاصة ضد البطالة والفقر والخصاصة.. ولاحظنا خلال الحملة الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي أن عديد الأحزاب بما فيها التي فازت في الانتخابات قدمت برامج.. لكن هذه البرامج لم تتضمن للأسف الشديد حلولا مقنعة وعاجلة لمشكلة البطالة التي يعاني منها مليون مواطن.. فالوضعية أصبحت صعبة للغاية، وإذا لم يقع علاجها بمنتهى الشفافية وبتشريك الجميع في ذلك فإن النتيجة ستكون سلبية وستتضاعف الكلفة الاقتصادية للاعتصامات والاضرابات". وعن سؤال يتعلق بدور المجتمع المدني في المساهمة في تحقيق أهداف الثورة أجابت النائبة الأولى لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أنه من المفروض ألا يأخذ المجتمع المدني موقفا سياسيا، لكن في الوضع الراهن فإن وضع البلاد يتطلب أن يتدخل المجتمع المدني بقوة من أجل إصلاح الاعلام وإصلاح الأمن وإرساء العدالة الانتقالية وغيرها من المسائل الواجب إصلاحها من أجل تعبيد الطريق لتحقيق الديمقراطية المنشودة والاصلاح المطلوب.. وبالتالي لا يمكن للرابطة أن لا تكون منخرطة في هذا الجهد". وأضافت: "يجب على المجتمع المدني أن يوحّد صفوفه لتكون فاعليته أكبر والنتائج التي يتوصل إليها أفضل.. كما يتعين عليه نشر ثقافة حقوق الانسان نظرا لأنه تبين بالتجربة بعد الثورة أن حقوق الانسان والايمان بها والمساواة الفعلية بين البشر لم تترسخ بعد في الأذهان ولم تتجسم في الأفعال والممارسات.. وتحتاج هذه المهمة إلى جهد كبير من قبل الجمعيات وهذه المهمة هي الأهم على الإطلاق". سعيدة بوهلال
صلاح الدين الجورشي: ما ينقص الديمقراطية المنشودة هو إصلاح القضاء والأمن ودعم حرية الصحافة وضمان الحريات الأساسية في الدستور في تقييمه للسنة الأولى بعد الثورة ,لا يعتبر صلاح الدين الجورشي (النائب الأول للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) أن الثورة قد حادت عن مسارها وإنما يرجح انه ينقصها الكثير من الدقة والموضوعية لان ما تحقق خلال هذه السنة يعتبر بمقياس الزمن هاما مضيفا ان ما تحقق يندرج في إطار إعادة بناء النظام السياسي وبالتالي فهو يندرج في صلب الأهداف التي من اجلها قامت الثورة. أما ما ينقص لبناء الديمقراطية المنشودة فاقترح الجورشي استكمال حماية الحريات الأساسية وذلك من خلال صياغة دستور ديمقراطي الى جانب القيام بإصلاحات عميقة لمختلف مقومات الدولة وفي مقدمتها استقلالية القضاء والإصلاح الأمني وتدعيم حرية الصحافة والإعلام فضلا عن ضمان استقلالية منظمات المجتمع المدني وحمايتها. من جهة أخرى ذكر الجورشي انه على امتداد سنة كاملة لم يتم التقدم مقدار خطوة على مستوى ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل الحق في التعليم للجميع والحق في الصحة فضلا عن إعادة هيكلة الضمان الاجتماعي واستئصال أسباب الفقر والتفاوت الجهوي. وردا عن سؤال حول انعكاسات البطء في معالجة ملفات الفساد والمحاسبة فضلا عن تعطل مسار العدالة الانتقالية مما قد يهدد مسار الثورة التونسية, وذكر الجورشي أن البطء في معالجة قضايا الفساد يعد ظاهرة خطيرة تحتاج الى مراجعة وسائل العمل واستراتيجيات التغيير كما أن البطء مرجعه أسباب عديدة من بينها حداثة التجربة الديمقراطية والسقوط في لغة الأغلبية والأقلية مما جعل الوفاق عملية معقدة علاوة على استمرار تعدد مراكز التجاذب السياسي والاجتماعي. منال
وفاء بن الحاج عمر ناشطة حقوقية وسياسية :الاختيارات السياسية قد تجعل من تحقيق أهداف الثورة أمرا ثانويا "أجمل ما تحقق في سنة 2011 تخلص التونسيين من بن علي وفساد عائلته، ولكن رغم تقدم تونس في مسار الانتقال الديمقراطي، فإن الإقصاء من الخيارات السياسية مازال متواصلا، ومن أهمها اختيار مسار المجلس التأسيسي. كما أن الرغبة في القطع النهائي مع الماضي جعلت السير في المسار الانتقالي وجعلته أكثر تعقيدا، خاصة وأن نُخبنا السياسية لم تكن جاهزة لهذه اللحظة، بل رفضت هذه النّخب أن تتعلم وتستفيد من تجارب الانتقال الديمقراطي السابقة في العالم، ولم تنجح في التخلص من عقلية النضال لتنخرط في عملية بناء الدولة التونسية الديمقراطية. وخوفي الآن، أنه بهذه الاختيارات السياسية التي ستُطيل أمد الانتقال الديمقراطي والوضعية المؤقتة لمؤسسات الدولة، سيُصبح العمل على تحقيق الأهداف الثلاث الرئيسية لثورة 14 جانفي، أي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، أمرا ثانويا." خالد عبيد -مؤرّخ جامعي :رهين نجاح الثورة ضمان الحرّيات وخاصّة حرّية الإعلام والتعبير والرأي والتظاهر وحقوق الإنسان "هل نحن في زمن الثورة؟ هذا هو السؤال الذي بات يتبادر للعديد من التونسيين في الآونة الأخيرة خاصّة مع التطوّرات المتلاحقة بعد انتخابات المجلس التأسيسي. أعتقد أنّ ما عاشته البلاد التونسية منذ أواخر ديسمبر 2010 مندرج ضمن المسارّ الثوري الذي نرجو أن يكون مؤسّسا لحقبة جديدة هي حقبة القطيعة مع الماضي وممارساته، ولا يمكننا أن نجزم بأنّنا عشنا ولا زلنا حالة ثورية أصيلة إلاّ إذا تمكّنا من تجسيم الشعارات التي انتُفض من أجلها، وهي شعارات بحاجة الآن أكثر من أيّ وقت مضى إلى أن تترجم على أرض الواقع بالنظر إلى وجود حالة احتقان كبيرة مؤداها الخيبة. ولا يبدو العامل السياسي مهمّا في تحديد مدى نجاح الثورة من عدمه، إذا لم يوازيه جهد حثيث من أجل الحدّ من التحدّيات المفروضة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فعامة التونسيين لا يهمّهم الآن المجلس التأسيسي والدستور الذي سينبثق عنه قدر اهتمامهم بأن تتحسّن أوضاعهم المعيشية وتنخفض البطالة إلى مستويات مقبولة وتوزّع الثروة بصفة عادلة ولا تستأثر بها أقلّية ويتحقق التوازن بين الجهات. وفي نظري، تعتبر الحرّيات وخاصّة حرّية التعبير والرأي وحرّية التظاهر وخاصّة حرّية الإعلام واحترام حقوق الإنسان فعلا ولا قولا أمرا أساسيا وضروريا، بل أذهب أكثر من ذلك إلى رهْن نجاح الثورة في تونس من عدمه بتحقيق هذا الجانب وتجسيمه خاصّة في الدستورالمرتقب، وذلك لأنّ شرعية هذه الثورة إن اتفقنا واعتبرناها هكذا متوقفة على هذا الجانب لأنّها مؤتمنة على"تحرير الإنسان" التونسي بعد أن حرّرت الثورة الأولى، ثورة سنة 1952، الأرض التونسية من الاستعمار الفرنسي. إن ثمّة تخوّفا الآن فمن إمكانية النكوص والرجوع القهقرى إلى دكتاتورية جديدة تتكلّم باسم الثورة وتستعدي من يخالفونها الرأي باسم الثورة، فتصوّرهم على أنّهم أعداءها أي أعداء الثورة، سيّان إن كان هذا في هذا الاتّجاه أو ذاك، لذا، أعتقد أنّنا في لحظة تاريخية فارقة إمّا أن يعي بها من هو موجود على الساحة السياسية الآن فيدفع نحو تجسيم ما ذكرناه آنفا وبذلك يحقّ لنا أن نفتخر حقيقة ب" إنجازاتنا الثورية"، وإمّا أن لا يكون واعيا بها فيدفع نحو الالتفاف على ما أُنجز دون أن يتفطّن إلى أنّه هو ذاته قد التفّ على نفسه، لأنّه إن اكتوينا لا قدّر الله، بنارالدكتاتورية من جديد فلن يسلم منها أيّا كان، سيّان عندي إن كان الجلاّد أو الضحيّة، ولنا في التاريخ عبرلمن يرغب في الاعتبار حقّا، أمّا من تأخذه العزّة بالدكترة فمصيره المحتوم كمصير المستبدّين الذين اعتقدوا وهْما أنّهم هم على حقّ وغيرهم على باطل، وتلك قصّة أخرى".