بين الوزراء المتحزبين والشخصيات المستقلة الذين دخلوا مؤخرا الحكومة ومؤسسات السلطة التنفيذية والمجلس التأسيسي شخصيات تاريخية من رموز اليسار الاشتراكي والقومي -مثل احمد نجيب الشابي وخليل زاوية ومحمد عبو- واخرى من بين الزعامات السابقة في "الاتجاه الاسلامي في الحركة الطلابية" وفي حركة الاتجاه الاسلامي ثم حركة النهضة مثل حمادي الجبالي ونورالدين البحيري وعبد اللطيف المكي وعبد الكريم الهاروني.. ومن بينهم نشطاء سابقون في الاتحاد العام لطلبة تونس -بشقيه الدستوري واليساري مثل مصطفى بن جعفر وعصام الشابي.. والاتحاد العام التونسي للطلبة بجناحه الاسلامي وبطلبته المستقلين مثل سعاد عبد الرحيم ورفيق عبد السلام وسليم بن حميدان وعماد الدايمي وسمير ديلو.. وبينهم زعامات سابقة في حركات "افاق" و"العامل التونسي" و"الشعلة" و"البعث" مثل عبد الوهاب معطر.. وشخصيات ساهمت في صياغة وثائق المؤتمر التاسيسي للاتحاد العام التونسي للطلبة مثل علي العريض.. وبينهم نساء ناضلن ضد الاقصاء والاستبداد والانتهاكات لحقوق الانسان مثل السيدات مية الجريبي وسامية عبو ومحرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي.. لكن هؤلاء جميعا يصنفون انفسهم اليوم ضمن "قوى الوسط".. أي لم يعد منهم من ينتسب صراحة الى اليسار ولا الى اليمين.. وهذا لا يخلو من الغرابة.. ومساء الاثنين الماضي استضاف احد فنادق الضاحية الشمالية اجتماعا كبيرا لعشرات من ممثلي احزاب الديمقراطي التقدمي والتجديد وآفاق وقوى اليسار و"القطب الحداثي" في محاولة لبناء قوة سياسية "وسطية" جديدة تكون "بديلا عن حزب النهضة" قبل حلول موعد الانتخابات القادمة.. وهذا غريب ايضا.. بحكم تهرب الجميع من الانتساب الى اليسار واليمين.. والمشهد السياسي عموما يبدو غامضا جدا.. لان كل مكونات الاطراف السياسية الممثلة في المجلس التاسيسي وتلك التي شاركت في اجتماع الاثنين وفي غيره من المبادرات تتمسك بالعموميات وتتهرب من "الوضوح".. وتصنف نفسها ضمن "الوسطية".. و"تيار الوسط".. وليس بينها من يعلن ان حزبه او مجموعته من "اليمين" او "اليسار".. أليس هذا غريبا ؟ الا يكون وراء مثل هذا "الغموض المتعمد" عزوف ملايين من الشباب والناخبين عن التصويت؟ واذا كانت كل تلك الاحزاب والشخصيات "وسطية" فلماذا لا تتوحد في حزب واحد او اثنين "ٍربحا للوقت" وإهدارا للطاقات؟ أريحونا.. من فضلكم شيئا من الوضوح..