بقلم:حامد المعروفي الى الذين دأبوا على النهش بشراسة في جسد فرسان الحق،الى اولئك الذين مافتئوا يحلقون خارج السرب ويتكلمون بغير لغته،اليهم وهم قلة والحمدلله اقول معاتبا ودون عذل: انا لن اسألكم من انتم ولا من نحن بالنسبة اليكم لأنني متيقن بأنكم ستحجمون عن الجواب معتبرين ان طرح هذا السؤال عليكم يشكل استفزازا وتنطعا وخروجا عما جرى به العمل،فأنتم لا تتصورون ابدا ان تكونوا موضع سؤال او محل مساءلة لأنكم تعودتم ايها السادة ان تسألوا وتتلقوا الجواب اما ان تسألوا(بفتح التاء) ثم تسألون(بضم التاء) بدوركم فهذا ما لم ترتق اليه تقاليدكم او تروضوا عليه انفسكم... لكن طالما ان الثورة منت علينا جميعا بحرية الفكر والتعبير والتنظم وعقد الإجتماعات والندوات وحشد المظاهرات والمسيرات فقد صار لزاما عليكم ان تستوعبوا ثقافتها الجديدة بكل تداعياتها وان تتكلموا بلغتها ويعني ذلك ان تقبلوا ان يكون الحوار في اتجاهين متقابلين فلا تتحدثوا لوحدكم وتكرهوا الناس على سماعكم لأن ذلك لا طائل منه ولا رجاء فيه،كما صار من الضروري ان تضعوا في اذهانكم بجد وحزم انكم لستم ملكا لأنفسكم وانكم بمنطق النظام الجمهوري تعدون»راسبيبليكا» أي انكم ملك للشعب ومجندون لخدمته وله عليكم حق الولاء والمراقبة والسؤال بما يخوله توسيع نفوذكم او تقليصه،فلا ينبغي ان تبلغ بكم والحالة ماهي ثقافة التوحد والنرجسية الى تصور انكم «انتم ولا احد» أو المطالبة بإعلاء شأنكم الى حد التورم و الفاتقين الناطقين لوحدكم وبدون رقيب او حسيب.هيهات سادتي مثل هذه الأوضاع لا تلائم الثورة ولا تنسجم مع معاييرها.نعم نحن نريدكم مستقلين ولا سلطان عليكم الا للقانون وحريصون على ان تكونوا في الآن نفسه حماة للشعب وخدمه (بفتح الخاء والدال) بما يحول دون بروز دكتاتورية جديدة حتى ولو كانت منكم انتم اذ لو حدث ذلك لأمكن القول عندئذ عن التونسيين بأنهم انجزوا ثورة عظيمة اطاحت بطاغية جبار ثم وضعوا انفسهم تحت ربق مستبد جديد فصاروا كمستجير من الرمضاء بالنار. ولذا حنانيكم ولا تلتهموا كل المحيطين بكم لأن الشعب يريدهم ملازمين لكم ومراقبين لنشاطكم ضمانا لعدم الإنجراف نحو التسلط والإستبداد، ولعلمكم فهؤلاء الذين تشنون عليهم اليوم حربا شعواء هم الذين خلصوكم من براثن بن علي الذي كان طوع كثيرا منكم لسطوته جاعلا منهم سوطه الذي كان يقمع به الجماهير الثائرة ويخرس به الأصوات الهادرة،اما فرسان الحق فكانوا يجوبون البلاد طولا وعرضا ويهرولون من محكمة الى اخرى مدافعين عن المظلومين والمقهورين ومعرضين انفسهم لغضب «سيد البلاد» الذي بلغ غيظه منهم اوجه فلاحقهم ولفق لهم القضايا وزج بكثير منهم في السجون وقد استمر هذا الوضع بدون هوادة الى حين اندلاع الثورة،حيث خرجوا الى الشوارع في كل مدن البلاد ولم ينقطعوا عن الهتاف بسقوط بن علي الى ان هوى نظامه ولاذ بالفرار، وكانت مساهمتهم في ذلك غير هينة، اما انتم والحمد لله انكم قلة فقد لازمتم قصوركم ولم نركم تغادرونها وتخرجون الى الطريق العام الا بعد ان عبدوه لكم والحقيقة ان استفاقتكم اغبطتهم ولم تغظهم فرحبوا بها وانبروا مرة اخرى يساندونكم وينادون باستقلالكم ورفع الأطواق عنكم. واعتبارا لضراوة نضالاتهم وجسامة تضحياتهم فقد تحققت لهم من ناحيتهم وبين ثنايا الأحداث بعض المكاسب التي لم تر الثورة بدا من تمتيعهم بها ولكن الغريب في الأمر واللافت للنظر هو انهم لم يلقوا منكم أية معاضدة او تأييد بل انهم وعلى عكس ما كان مرتقبا لم يجدوا من حاسد لهم سواكم ومن حانق عليهم غيركم، وهكذا نسيتم في لحظة اندفاع انهم شدوا ازركم في كل محنكم ودافعوا عنكم واخلصوا لكم ولم يتخلوا عنكم ابدا سواء ايام بورقيبة او زمن المخلوع،وهذا الموضوع يطول فيه الحديث ولا اظنهم يبتغون فيه مكابرة او منا او يترجون لقاءه مكافأة...وها انذا انبهكم بحرقة والم لما آل اليه امرنا فانتبهوا يا قوم بالله عليكم واعلموا ان بعض الناس صاروا يعلقون على ما تفعلونه في حق اشقائكم بقول انه «ما ينقب عين الفلوس كان خوه»...اقول هذا ولا اعني منكم الا من سولت لهم انفسهم التجني على فئة من شعبنا لا تستحق الا الإكبار والإجلال والتوقير،فيا حبذا لو نأيتم بأنفسكم عما تفعلونه لأن استعداءكم لإخوتكم ينخر الصف ويشتت الجمع ويؤول بالوبال على العباد والبلاد،فاتقوا الله وثقوا بأنه لاغنى لأحد منكم على الآخر.