بقلم السيدة نادية بن خليفة لطالما كان القضاء ضامنا للحقوق والحريات وحاميها ومتفانيا في أداء الرسالة المنوطة بعهدته ولم يتخاذل في ذلك رغم الحملة المعلنة ضده في خضم هذه الثورة والرامية إلى تقويض الثقة في نزاهته والتشكيك في ممثليه لغايات لا تخفى على العموم لعل أهمها المس من هيبته كسلطة وإقصائه وتجريده من صلاحياته وإسنادها للجان شكلت للتستر على التجاوزات وقضايا الرشوة والفساد لتكون لجانا للتفصي من الحقائق... ورغم التحامل المعلن على السلطة القضائية من عديد الجهات والاتهامات الموجهة إليه عبر وسائل الإعلام المرئية منها والسمعية والمكتوبة والالكترونية فان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وعلى رأسه السيد أحمد الرحموني لم يحرك ساكنا ولم يصدر عنه أي موقف من شأنه الدفاع عن السلطة القضائية ورد الاعتبار إليها والحال انه محمول بمقتضى القانون الأساسي للجمعية على الدفاع عن استقلالية القضاء و المصالح المادية والمعنوية للقضاة إذانشغل عنها بانخراطه في مجلس حماية الثورة يذكيه في ذلك شغفه السياسي. نحن رئيس جمعية القضاة التونسيين... نحن الهيكل الشرعي للجمعية... نحن الهيكل الوحيد والأوحد للدفاع على مصالح القضاة وتمثيلهم...ليخلص في الأخير بعبارة تختزل جميع طموحاته وبالأمس فقط صرّح على إحدى القنوات الإذاعية أنا كجمعية هكذا يردد السيد أحمد الرحموني على مسامعنا بمناسبة أو بدونها وعلى جميع منابر وسائل الإعلام بعد أيام الثورة وبالتحديد منذ 16 جانفي 2011 ولكي لا يقال أن ما أتطرق إليه ضرب من المغالاة أو أن الموضوع فيه نوع من الشخصنة لن أتطرق لمسألة شرعية المكتب التنفيذي من عدمها بل أننا سنقتصر على إثارة بعض المآخذ التي خالجت وأقضت مضاجع العديد من القضاة بعد الحملة المنظمة على السلطة القضائية والقضاة. المأخذ الأول: إساءة السيد أحمد الرحموني للقضاة بتصريحه علنا على احدى القنوات التلفزية على اثر التطرق لموضوع الرشوة وفي نقله لواقعة نسبها الى رئيس الديوان السابق لوزير العدل لطفي الدواس وبمناسبة عرض السيد الرحموني سنة 2005 مشروع تنقيح القانون الأساسي على رئيس الديوان المذكور والمتضمن خاصة تكريس عدم نقلة القاضي إلا برضاه وإفراده بسلم أجور مستقلة أجابه رئيس الديوان: هل تريدني أن أمنح مثل هذه الضمانات لقضاة 80%منهم من المرتشين أهكذا يعامل القضاة؟! وللتوضيح فاني لا أنتصب مدافعة عن القضاة الذين سولت لهم أنفسهم الارتزاق من ذلك الفعل المحرم والمجرم والذين لا يمكن أن يتجاوز عددهم النزر القليل بل إني أدافع عن القضاة الشرفاء والنزهاء وهم الأغلبية والذين على وشك الإعلان على حالة إفلاسهم لتداينهم من البنوك مع التأكيد وان الفساد والرشوة قد اكتسحا جميع هياكل الدولة ولا يمكن أن يكون القضاء بمنأى عن ذلك الوباء الذي تفشى في جميع شرائح المجتمع ومع ذلك فان القضاء بقي الملاذ الأخير للمواطن للحصول على حقوقه وحماية حرياته دون رشوة أو فساد والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه.. المأخذ الثاني: تجاهل السيد أحمد الرحموني و عدم اهتمامه بطرد بعض القضاة من قاعة الجلسة ومراكز عملهم دون توفير أدنى موجبات المحاكمة العادلة و لئن أجاز القانون الأساسي إعفاء القضاة من مهامهم فانه في المقابل اعتبر الدستور الذي هو أعلى مرتبة من القوانين أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته وإنني لا اعترض البتة على إنهاء مهام كل قاض ثبت فساده أو ارتشاؤه ليكون عبرة لمن يعتبر بل غاية ما في الأمر أن مبدأ دستورية القوانين تمنعنا من اعتماد ذلك القانون البالي و الذي لا يوفر للقاضي أي ضمانة تصون حقوقه خاصة إذا ما قارنا ما حصل لإطارات الجهاز الأمني و الذين حامت حولهم شبهة التآمر على الأمن الداخلي للدولة بإحالتهم على التقاعد المبكر بجميع امتيازاتهم و رغم ما لذلك القطع التعسفي من تداعيات على السلطة القضائية أحجمت جمعية القضاة عن الدفاع عنهم أهكذا يعامل القضاة؟!