ملاحظات وانتقادات لأسلوب عمل المنظمة وأدوات عملها تونس - الصباح:أصدر عدد من مناضلي وكوادر منظمة الدفاع عن المستهلك، وثيقة من نحو خمسين صفحة حملت عنوان: «حقائق وخواطر ومقترحات على هامش المؤتمر الوطني الخامس» للمنظمة، المقرر عقده أيام 9 و10 و11 نوفمبر المقبل. وتضمنت هذه الوثيقة، الأولى من نوعها التي تصدرها كوادر من داخل المنظمة، منذ تأسيسها قبل نحو 18 عاما، تقييما شاملا لمسار منظمة الدفاع عن المستهلك، عبر مقاربة لكل مؤتمر والنتائج المتمخضة عنه. ملاحظات تقييمية ولاحظ الموقعون على هذه الوثيقة، أن المؤتمرين الأول والثاني، دارا في أجواء «مشجعة وسليمة» ولم يسفرا عن خلافات وتناقضات بين نواب المؤتمر باعتبار أن المرحلة كانت مرحلة تأسيس للمنظمة ولم يكن ثمة حسابات للمواقع والمناصب. لكن الوثيقة، أشارت إلى أن المؤتمر الثالث للمنظمة مثّل «بداية الشرخ في بنيان المنظمة»، بسبب ما وصف ب«الأجواء المشحونة والنوايا المغرضة وعمليات تصفية الحسابات الشخصية التي برزت منذ الجلسة العلمية الأولى»، خاصة فيما يتعلق بانتخاب رئيس المؤتمر، حيث برزت إشكاليات عديدة أدت إلى تعيين رئيس جديد بدل انتخابه وفقا لما أراد المؤتمرون وحرصوا عليه. وتوقفت الوثيقة عند ما أسمته ب«تردي الأوضاع صلب المنظمة» بسبب تلك التطورات، وحصول تراجع في مستوى مردودها وآدائها، ما أدى إلى «تقوقعها داخل محيطها الضيق»، حيث اكتفت منذ ذلك المؤتمر ببعض التحركات في مناسبات معينة. وكانت النتيجة - وفق هذه الوثيقة التي حصلت «الصّباح» على نسخة منها، أن «الجمعية التي تجاهلت رسالتها وتقاعست عن آداء مهمتها، تجاهلها الجميع وأصبحت تشكل ديكورا لا أكثر ولا أقل». واعتبرت المجموعة الموقعة على هذه الوثيقة، أن المؤتمر الثالث لمنظمة الدفاع عن المستهلك، كان بمثابة المنطلق للأزمة التي تعيشها المنظمة في الوقت الراهن. الفرصة المهدورة لكن الوثيقة التي أصدرها عدد من كوادر المنظمة، أشارت إلى الفرصة التي توفرت خلال المؤتمر الرابع، الذي جاء بوزير على رأس المنظمة وهو السيد عبد اللطيف الصدام، وتمكينها من ميزانية معتبرة قياسا بالميزانيات السابقة، إلى جانب التشجيعات التي حصلت عليها من أطراف عديدة، إدارية وجمعياتية ومهنية، بحيث كانت المنظمة مؤهلة «لتحقيق قفزة نوعية في أنشطتها وطريقة عملها وأسلوب تسييرها، وكيفية تعاملها مع المنظمات والهياكل الأخرى»، بما في ذلك الجهات الرسمية ذات العلاقة بعمل المنظمة ومهامها، غير أن هذه الفرصة تم إهدارها من جديد على الرغم من الدعم الكبير الذي تلقته من رئيس الدولة، والصورة التي باتت عليها - في أنظار المتتبعين للمشهد الاقتصادي - بوصفها «الشريك الاستراتيجي» ضمن منظومة حماية المستهلك والدفاع عن حقوقه. ولم يخف التقرير/الوثيقة، المكاسب والانجازات التي تم تسجيلها خلال المدة النيابية الراهنة، حيث عقدت الندوات القطاعية وساهمت في الاستشارات الوطنية، وتصدت لعديد الممارسات المضرّة بالمستهلك التونسي، ووقعت اتفاقيات عديدة ضمن «سياسة تعاقدية» لافتة للنظر وهامة، غير أن ذلك لم يمنع استمرار الاشكالية القائمة على مستوى المنظمة، والتي تتمثل بالأساس في كيفية توظيف المجهود والموارد التوظيف الأمثل، والإجتهاد لتحقيق توازن بين صيغة العمل ذات الطابع العام وصيغة العمل ذات الطابع الانتقائي». وتطرق التقرير إلى الاشكاليات التي شهدها المؤتمر الرابع، سيما في المجال التنظيمي والهيكلي، حيث سجلت خروقات في مجال الترشحات وعملية الاقتراع والاستظهار ببطاقات الانخراط، إلى جانب «توجيه عملية التصويت»، وعرف المؤتمر في كواليسه تصادمات مجانية وتصفيات وسلوكيات للتجريح والتنكيل ما أدى إلى حزازيات فشلت الهيئة المديرة الجديدة المنتخبة في تطويقها وامتصاصها، ونتج عن ذلك «تكتل جماعة من الهيئة المديرة حول رئيس المنظمة، وانطلقت علمية ملاحقة المؤتمرين والكوادر التي دعت إلى احترام النصوص القانونية للمنظمة. انتقادات في نفس السياق، انتقدت الوثيقة العديد من ممارسات المكتب الوطني للمنظمة الذي لم ينجح - حسب نص الوثيقة - في استيعاب الأفكار والأطروحات التي كان عديد الأعضاء يبدونها ضمن هاجس تطوير المنظمة وآليات عملها. وقسمت الوثيقة المكتب الوطني إلى «ثلاث طوائف» حسب الوصف الذي اختارته المجموعة، حيث لاحظت وجود طائفة أولى تتألف من رئيس المنظمة وثلة ممن يتمتعون بثقته، وطائفة ثانية من الأعضاء «الحاضرين = الغائبين»، الذين يصادقون على القرارات من دون حضور اجتماعات المكتب الوطني، وهم يحظون برضا رئيس المنظمة، فيما تتمثل الطائفة الثالثة التي وصفت (من باب الطرح الكاريكاتوري) ب«سنة العراق» داخل المنظمة، في الأعضاء «الحاضرين = المغيبين» الذين لا ينظر إليهم بعين الرضا من قبل قيادة المنظمة، على الرغم من وجود مؤسسين فيما بينهم. مقترحات وتصورات وحرصت المجموعة التي ساهمت في صياغة هذه الوثيقة، على أن يكون نقدها إيجابيا، إذ لم تكتف بملاحظاتها النقدية السالف ذكرها، بل قدمت أفكارا لإنجاح المؤتمر الخامس الذي تقول هذه المجموعة أنها «أقصيت من لجنة إعداد المؤتمر»، وعوملت على أساس أنها «غير مرغوب فيها». ورفضت المجموعة تحويل المنظمة إلى «حزب سياسي معارض»، لكنها رفضت كذلك تصنيف مقترحاتها ومواقفها، وكأنها مواقف مسيّسة، ما دعا رئيس المنظمة إلى القول في عديد المناسبات بأنه «مكلف بمهمة التصدي لعدم تسيس المنظمة واستغلالها كحزب سياسي»، فيما أن الأعضاء المعنيين بهذه العبارة، هم من المنتمين للتجمع منذ مرحلتهم التلمذية والطلابية. وقدمت المجموعة جملة من الأفكار تخص علاقة المنظمة بالهياكل الادارية، وكيفية الاهتمام بمشاغل المستهلكين، ومن بينها مقاومة الإشهار الكاذب، والتقدم بشأن ملف التقاضي، وبناء علاقات خارجية حقيقية وليس «جولات استطلاعية هنا وهناك خارج البلاد». واقترحت المجموعة في هذا السياق، رؤية متكاملة للمؤتمر الخامس المقرر انعقاده منتصف الشهر القادم، بدءا بالشعار الذي قدمت بشأنه ثلاثة صيغ هي: «مؤتمر المصير»، أو «مؤتمر الاختيار» أو مؤتمر الرشاد». وأوضحت المجموعة أن «القضية ليست قضية اختلاف في الرأي أو المواقف، أو قضية تكتلات، بقدر ما هي قضية عزيمة صادقة وإرادة قوية واختيار نزيه، يمكن أن يصيب حينا ويخطئ أحيانا أخرى». وتضمنت المقترحات كذلك، صيغا عملية لتطوير المنظمة هيكليا ومن حيث التنظيم الاداري والتصرف المالي، وضبط نيابات المؤتمر، وتصنيف المستهلكين لمواجهة الاشكاليات المطروحة بكيفية دقيقة وناجعة. ودعت الوثيقة إلى تعديل النظام الأساسي والقانون الداخلي للمنظمة، ومراجعة مهامها، على اعتبار أن هذه القوانين والمهام المعمول بها حاليا، تعود لظرفية مضى عليها أكثر من 18 سنة، فيما الواقع الاقتصادي والمشهد الجمعياتي والمناخ السياسي في البلاد والوضع الاستهلاكي بخاصة، عرف تطورات كبيرة تحتاج إلى تعديل المنظمة في ضوئها. الجدير بالذكر أن المجموعة التي أعدت هذه الوثيقة، تتألف من كوادر ومسؤولين وأعضاء ضمن المكتب الوطني وفي مستوى الهياكل الجهوية، بالإضافة إلى بعض المؤسسين، ومن بين هؤلاء السادة والسيدات: البشير فتح اللّه والمحسن الدعاسي والحبيب السبوعي ونور الدين الوسلاتي وبثينة حرم بوسعيد وشعبان بن عبد القادر ومحمد عبيد وبشير عمار ومحمد الغربي وحلمي السبوعي وغيرهم.. ومن المنتظر أن تثير هذه الوثيقة ردود فعل مختلفة داخل المنظمة وخارجها.