اذا لم يحدث ما يمكن ان يسقط حسابات بوتين او يدعو لتغيرها فان الرئيس الروسي بدا يعد نفسه للانسحاب من الساحة السياسية وهو انسحاب قد لايكون اكثر من استراحة محارب يكون بوتين قد التزم خلالها امام الغرب وامام اكثر من مائة مليون ناخب روسي بتعاليم الدستور الروسي الذي وان كان يمنع عليه الترشح لولاية ثالثة فانه لا يمكن ان يمنعه من الترشح لانتخابات 2012 ومن هذا المنطلق فاذا ما نجحت خطة يلتسين فقد يكون بامكانه استعادة الوديعة تمهيدا لعودة قوية بعد اربع سنوات وهو في عقده السادس.و حتى الان يبدو ان بوتين كان دقيقا في وضع حساباته تحسبا للمرحلة القادمة واذا ما وفق رئيس وزرائه فيكتور زوبكوف في الفوز بسباق الانتخابات الرئاسية في مارس القادم فلا خوف لدى بوتين من انقلاب زوبكوف عليه لانه وبكل بساطة سيكون زوبكوف تجاوز السبعين وهي السن القصوى التي يفرضها الدستور في الترشح للانتخابات الرئاسية في روسيا.. ذلك هو اذن احد السيناريوهات الاكثر الحاحا المطروحة على الساحة الروسية في المستقبل القريب.و لو ان يلتسين اختار سيرجي ايفانوف نائب رئيس الوزراء المتخلي لكان في ذلك اشارة الى انسحابه من الساحة السياسية في روسيا بعد منح تاييده احدى الشخصيات القوية على طريقة اختياره من طرف سلفه يلتسين... فبعد ثمان سنوات اذن قضاها في رئاسة الكرملين يبدو ان خليفة يلتسين قد حدد مرشحه للانتخابات القادمة الذي سيحظى بدعمه وهو قرار برره بوتين بانه سيدعم الحفاظ على امن واستقرار روسيا السياسي والاقتصادي....و مع ذلك فان الكشف عن مرشح بوتين لن يضع حدا للتساؤلات القائمة في روسيا او خارجها بشان الزعيم الجديد للكرملين وبتوجهاته وخياراته المستقبلية مع الجمهوريات السوفياتية السابقة كما الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ونمور اسيا او غيرها من دول العالم التي تعتمد على مصادر الطاقة الروسية. فباقراره الاستعداد للترشح مجددا للانتخابات الرئاسية لسنة 2012 يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ازاح جانبا من الغموض وقدم نصف اجابة حول اختياره تعيين فيكتور زوبكوف احد الاسماء المغمورة ليكون رئيسا للوزراء خلفا لرئيس الوزراء المستقيل ميخائيل فرادك...و قد جاء هذا الاختيار ليثير الكثير من التساؤلات والتاويلات والتكهنات داخل الساحة الروسية وخارجها قبل نحو ثلاثة اشهر على الانتخابات التشريعية في روسيا وقبل نحو ستة اشهر على موعد الانتخابات الرئاسية في مارس القادم التي يبدو حتى الان ان الرئيس الروسي بوتين لن يكون بين المترشحين فيها بعد تاكيده علنا انه لن يلجا الى تغيير الدستور من اجل الاستفادة بولاية رئاسية ثالثة وانه غير مستعد لهدم ما كان بناه على مدى السنوات الماضية من اصلاحات في مجتمعه و مع ذلك فقد جاء اختيار بوتين ليكشف عن حسابات مستقبلية دقيقة لا تخلو من دهاء سياسي. ربما كان زوبكوف شخصية غير معروفة حتى وقت قريب من تعيينه رئيسا للوزراء ولكن الرجل وهو خبير مالي له مسيرة طويلة في مكافحة الفساد وغسيل الاموال احدى اكبر الافات التي تنخر جسد الاقتصاد الروسي وهو الى جانب كل ذلك معروف بولائه الشديد وقربه من بوتين الذي طالما اعتمد عليه في مهمات معقدة قبل ان يعمد الى اخراجه الى الاضواء. وفي انتظار ما يمكن ان يكشفه سباق الانتخابات الروسية القادمة يبقى الواضح ان روسيا قد تكون مقبلة على مرحلة جديدة من التحالفات السياسية التي قد لا يكون بالامكان التكهن معها بوجه روسيا الجديد او مكانتها وقدراتها على الساحة الدولية. فسنة 2012 ليس بالتاريخ البعيد ولكن الاربع سنوات الفاصلة بامكانها ان تحمل في طياتها من التغييرات السياسية والاستراتيجية والعسكرية ما يصعب على الخبراء التكهن به.