سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحصول على الغذاء حق أساسي من حقوق الإنسان ومقوّم حيوي لأمن الشعوب وسيادتها كلمة السيدة ليلى بن علي في القمة الثانية بروما للسيدات الأول لدول عدم الانحياز حول الأمن الغذائي وفرص وصول المرأة إلى الموارد
ألقت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية، رئيسة منظمة المرأة العربية، كلمة فى القمة الثانية للسيدات الأول لدول حركة عدم الانحياز الملتئمة أمس الأحد بروما حول الأمن الغذائي وفرص وصول المرأة إلى الموارد. وفي ما يلي نص هذه الكلمة: بسم الله الرحمان الرحيم السيدة الفاضلة سوزان مبارك رئيسة القمة صاحبات السمو والفخامة السيد الأمين العام للأمم المتحدة السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة السيد المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة يطيب لي في مستهل كلمتي أن أتوجه بالتحية الحارة إلى الأخت الفاضلة سوزان مبارك والسيدات الأول لدول حركة عدم الانحياز اللاتي حرصن على المشاركة في هذه القمة المخصصة للأمن الغذائي وفرص وصول المرأة إلى الموارد. إن الحصول على الغذاء حق أساسي من حقوق الإنسان ومقوّم حيوي لأمن الشعوب وسيادتها. وإن كل إنسان مهما كان وضعه في أي مكان يجب أن تتوفر له الظروف الملائمة في الحصول على الغذاء لتأمين حياته والمحافظة على صحته ولممارسة عمله ومباشرة نشاطه. ويعيش عالمنا اليوم أزمة غذاء ملحّة قد تحيد بنا عن تحقيق أول الأهداف الإنمائية للألفية وهو القضاء على الفقر والجوع إذ تشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من مليار جائع في العالم. وهو وضع سيء لا يليق بالكرامة البشرية كما أنه مفارقة حضارية صارخة في عصر حقوق الإنسان والتقدم المعرفي والتكنولوجي. وتعاني معظم الدول النامية تحديات جسيمة في تأمين الغذاء لشعوبها أبرزها قسوة الظروف المناخية وندرة المياه وزحف الصحراء وقلة الأراضي الصالحة للزراعة وتدهور المحيط الطبيعي وتعثر البحث العلمي وخصوصًا انعدام الأمن والاستقرار بسبب التوترات السياسية والنزاعات المسلحة في حين أن لا أمن غذائيًا بدون وفاق سياسي واستقرار اجتماعي. وتبقى علاقة المرأة بقضية الأمن الغذائي علاقة متينة لاسيما في هذا الظرف العالمي الدقيق الذي تواجه فيه الإنسانية تداعيات أزمة مالية واقتصادية حادة وتشهد فيه أشكالا متعددة من التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية والآفات والأمراض. وتشكل النساء اليوم أغلبية قوة العمل في القطاع الفلاحي لا سيما في البلدان النامية حيث تنجز المرأة قرابة 70 بالمائة من الأشغال ولا تستفيد غالبًا من فرص الإرشاد وتسهيلات القروض وتقنيات العمل رغم أنها تنتج معظم المواد الغذائية المستهلكة محليًا وتباشر كل مستلزمات شؤون الأسرة. ولئن أعادت الأزمة العالمية تركيز الانتباه الدولي على أهمية الاستثمار في القطاع الزراعي، فإن عدم المساواة في الحصول على الموارد بين المرأة والرجل يشكل تحديًا أساسيًا يهدد بتقويض قدرة المرأة على القيام بدورها الاقتصادي في الأسرة والمجتمع. فنسبة النساء مالكات الأرض تقل عن 2 بالمائة وانتفاع المرأة بالقروض والتمويلات في المجال الزراعي ما تزال ضعيفة في أغلب مناطق العالم مما يقلص من الإمكانيات المتاحة أمامها لتطوير دورها في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الأسري والرفاه الاجتماعي. ولاشك أن أوضاع النساء بالأرياف تطرح في الوقت الحاضر جملة من التحديات التي تتصل بواقع المرأة الاجتماعي والاقتصادي ودعم مشاركتها في التنمية الشاملة المستدامة. فلا يمكن للمرأة أن تمارس دورها في تحقيق الأمن الغذائى إلا بتحسين أوضاعها المعيشية ولا سيما بالوسط الريفي حيث يتعين تقريب الخدمات الصحية وتوسيع برامج مقاومة الأمية وإشاعة التثقيف المهني والاجتماعي والاقتصادي الذي يمكّن السكان هناك من الاستقرار والإعمار والاستثمار. كما لا بد من أن ينعم الريف بالمرافق الأساسية من المدارس والمراكز الصحية والمسالك والطرقات والمساكن اللائقة والتزود بالكهرباء والماء الصالح للشراب وأن يحظى كذلك بشتى أنواع الإحاطة والمساعدة التي ترتقي بنوعية حياة المتساكنين. وإن المرأة الريفية في حاجة إلى حوافز وتشجيعات تدفعها إلى الرقي بالإنتاج الزراعي إلى المستوى المنشود وذلك بمنحها الحجم الملائم من القروض الصغرى وتمكينها من استخدام نتائج البحوث العلمية في خدمة الأرض وإكسابها الخبرة اللازمة في أساليب الترويج والتسويق وتعزيز مساهمتها في تنمية الاقتصاد العائلي. فلا تقدم للمجتمع إلا بتحسين أوضاع المرأة في المدينة كانت أو في الريف ولا اكتفاء غذائيًا إلا بتكافئ فرص العمل والشراكة أمام الرجل والمرأة على حد السواء. وإن تفاقم ظاهرة تغير المناخ وما قد ينجر عنها من مخاطر على التوازنات البيئية وعلى الإنتاج الزراعي خاصة تستدعي تعميق الوعي لدى النساء العاملات في القطاع الفلاحي بجدية هذه القضايا وتوجيه اهتمامهن إلى مقاومة التلوث والتحكم في الطاقة والاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية. وسنحرص خلال رئاستنا لمنظمة المرأة العربية على مزيد دعم مختلف البرامج التي تسهم في تحسين أوضاع المرأة العربية والرفع من قدراتها الذاتية حتى تضطلع بدورها كاملاً في تعزيز مقومات التنمية الشاملة والمستدامة بأقطارنا اعتمادًا على مبادىء المساواة والعدالة والشراكة المتكافئة بين الجنسين وهي المقاربة التي سنعتمدها في المؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية المقرر عقده بتونس خلال شهر أكتوبر 2010 تحت عنوان «المرأة العربية شريك أساسي في مسار التنمية المستدامة». وإني على يقين بأن هذه القمة ستفضي إلى نتائج وتوصيات جديرة بالعناية والمتابعة من شأنها أن تحفزنا جميعًا إلى المضيّ قدمًا نحو بناء عالم أكثر عدلاً وتوازنًا وأحكم أمانًا واستقرارًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.