صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة الصباحية بموافقة 143 نائبا واعتراض 21 واحتفاظ 11 على مشروع القانون عدد 57 لسنة 2018 المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم في 29 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير بمبلغ قدره 413 فاصل 4 مليون اورو أي ما يعادل 1280 مليون دينار لتمويل برنامج دعم الميزانية. ومن المفروض ان يخصص القرض للتمويل المباشر لميزانية الدولة لسنة 2018، بهدف دعم برامج الاصلاحات في مجالات تحسين مناخ الاستثمار والاعمال وفرص النفاذ الى التمويل والادماج الاجتماعي، لكن هناك من النواب من قالوا إنهم مضطرون للموافقة عليه مكرهين لا أبطال وذلك لكي تتمكن الحكومة من توفير الأجور وجرايات المتقاعدين ومن توريد الأدوية. ويتضمن برنامج دعم الميزانية لسنة 2018 حسب ما جاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القرض ثلاثة محاور يهدف الأول إلى ازالة الحواجز أمام الاستثمار والتجارة وريادة الاعمال ويتعلق الثاني بقطاع الطاقة أما المحور الثالث فيتعلق بالإدماج الاقتصادي والاجتماعي. وخلال نقاش مشروع القرض تباينت مواقف النواب الى حد كبير وكان محمد بن سالم النائب عن النهضة من المرحبين به وقال ان ميزانية الدولة في جانب منها يقع تمويلها عن طريق الاقتراض، والأهم من الاقتراض كيفية صرف الدولة للقروض التي تحصل عليها، وفسر أن هناك فرقا بين القروض الموجهة للاستهلاك والقروض الموجهة للاستثمار ولمد الطرقات السيارة ولبناء السدود وللطاقات المتجددة. وأضاف أن مجلس نواب الشعب من حقه مراقبة كيفية صرف الحكومة للقروض التي حصلت عليها. وطالب بن سالم الحكومة بالاستفادة من قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وعبر عن اسفه لأن هناك من يغالطون الشعب ويقولون إن هذه الشراكة ستؤدي الى تصفية القطاع العام على حساب القطاع الخاص. وذكر انه من الطبيعي ان تنبه المعارضة لمخاطر التداين لكنه يذكرها أن هناك بلدانا اوروبية نسبة التداين فيها أكبر من نسبة التداين المسجلة في تونس. وقالت عبير عبدلي النائبة عن نداء تونس إن عجز الميزانية متأت من عجز الميزان التجاري وهذا العجز يتطلب من الحكومة مراجعة الواردات لأن هناك مواد مستوردة تونس ليست في حاجة إليها. وأضافت النائبة انه يجب دعم التصدير خاصة نحو البلدان الافريقية. وتساءلت أين هي برامج دعم المشاريع الصغرى وإجراءات التقليص من آجال بعث المشاريع وعن مدى التقدم في انجاز بنك الجهات. اما حسونة الناصفي النائب عن الحرة لحركة مشروع تونس فأشار الى ان القرض المعروض عليهم حجمه كبير جدا ومن الطاف الله أن لجنة المالية والتخطيط والتنمية تمكنت من تمريره قبل العطلة البرلمانية. وذكر ان كتلته سبق لها أن قررت عدم التصويت للقروض الغامضة، لكنها هذه المرة موافقة على القرض وذلك حتى تتمكن الحكومة من صرف الاجور في مواعديها ومن تمكين المتقاعدين من جراياتهم. ارتهان تساءل هيكل بلقاسم النائب عن الجبهة الشعبية اين هي الاصلاحات التي تتحدث عنها الحكومة في وثيقة شرح اسباب مشروع القرض، وقال انه لا يوجد اي مشروع جاءت الحكومة للبرلمان لكي تقترض من اجله، ساهم في خلق التنمية. وبين ان الحكومة تفتخر بثقة المؤسسات المانحة فيها لكن عليها ان تدرك أن المؤسسات المانحة هي ذراع مالي لقوى استعمارية كبرى. وأضاف انه بسبب كثرة الاقتراض أصبحت الدولة التونسية تقترب من الافلاس، وفي صورة المواصلة على نفس المنوال فان المؤسسات المانحة ستفرض على تونس بيع المؤسسات العمومية والستاغ والصوناد والطرقات السيارة والملاعب. وذكر النائب ان الجبهة الشعبية تعتبر كل قرض اضافي يصادق عليه البرلمان هو ارتهان لإرادة الدولة. وقال رضا الدلاعي النائب عن الديمقراطية انه يوافق على القروض المخصصة للتنمية وبعث مواطن الشغل لا على القروض الموجهة لسد عجز الميزانية، وأضاف أن وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون المعروض عليهم بينت أن القرض موجه للإصلاحات، لكن التونسيين لم يشاهدوا الى حد الان اي اصلاحات تذكر، وكان يجب على الحكومة القيام بإصلاح جدي لمنظومة الجبابة وكان عليها مقاومة الفساد في الصفقات العمومية ومقاومة التهريب والحد من الاقتصاد الموازي. وذكر الدلاعي أن المعطلين عن العمل يسألون أين برامج التشغيل لأن الآليات الموجودة حاليا لا تساعد على الحد من البطالة وهي اهدار للمال العام. وفسرت ليلى الحمروني النائبة عن الوطنية ان القرض المعروض عليهم يهدف الى دعم الميزانية، وقالت ان المتقاعدين خائفون على جراياتهم وإن الادوية مفقودة وفي ظل هذه الظروف هناك قرض لدعم الميزانية، وأشارت الى أن عدم تمريره سيكون فيه مساس بالأجور. واكدت الحمروني ان القرض ليس موجها للاستهلاك كما ان شروطه ميسرة جدا وتفاضلية جدا مقارنة بالقروض السابقة التي صادق عليها مجلسهم وذكرت انه بإمكان النواب مراقبة كيفية صرف هذا القرض لكن عليهم عدم التلاعب بمصالح البلاد. وتعقيبا على مداخلات النواب بين زياد العذاري وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي أنه يجب مصارحة الشعب وذكر ان ايقاف التداين يعني ايقاف التنمية وفسر أنه بالأرقام الموجودة في قانون المالية لسنة 2018 فان الموارد الذاتية للدولة لا تسمح الا بتغطية التأجير العمومي وتغطية الدين اصلا وفائدة وتغطية الدعم. وأضاف الوزير أنه ليس هناك أي خيار أمام البلاد الا الالتجاء للتداين. وبين ان هناك عجزا هيكليا في ميزان الدفعات. وتساءل كيف سيقع تغطيته واردات المحروقات والمواد الأساسية والادوية اذا لم يقع الاقتراض وتوفير العملة ونبه الى أن اشكالية غياب الادوية مردها عدم توفر الاعتمادات الكافية من العملة الصعبة لخلاص المزودين. وأعلم الوزير النواب بأن تونس ستنظم منتدى استثمار وسيتم خلاله تقديم 20 مشروعا كبيرا مهيكلا وللغرض تم استهداف أكبر المستثمرين والبنوك الدولية وصناديق الاستثمار والمجموعات الاقتصادية الكبرى، وقال ان قطار الاصلاح انطلق وعبر عن استعداده للتواصل مع كل الكتل البرلمانية من اجل تحسين الوضعية واخراج البلاد من الوضعية الصعبة التي تمر بها. وردا على النواب الذين قالوا ان مجلسهم صادق على قروض بقيمة ثلاثين الف مليار أوضح العذاري أن هذا الرقم غير دقيق لان نسق السحوبات يتم بتدرج ومستوى التداين يرتفع بمستوى السحوبات لا بمستوى اتفاقيات القروض وأكد أنه في كل الاحوال الحكومة لا تستهل القروض ونبه النواب الى انه في صورة عدم توفير العملة الاجنبية فان البلاد ستكون معرضة لمخاطر.