*كان صوت الفكر والحكمة وشرّف تونس في المحافل العربية والدولية *كمال عمران وجه بارز من وجوه النخبة التونسية ورجل استثنائي تونس – الصباح في بادرة أولى من نوعها وستتبعها مبادرات ولقاءات أخرى نظمت إذاعة تونس الثقافية لقاء فكريا تكريميا إحياء لروح فقيد الساحة الثقافية والجامعية التونسية الدكتور كمال عمران صباح أمس الجمعة 22 جوان 2018 بقاعة صوفية القلي بمدينة الثقافة شارك فيه عدد كبير من الجامعيين من زملاء وأصدقاء الفقيد ومن الإعلاميين والمثقفين من أدباء وشعراء واكبوا مسيرته. هذا اللقاء الفكري الذي أذاعته إذاعة تونس الثقافية مباشرة أعده وقدمه الزميل سفيان العرفاوي وحضره عدد كبير من منتجي ومقدمي البرامج في تلك الإذاعة باعتبار ان كمال عمران كان زميلا لهم واشتغل معهم وأنتج العديد من البرامج التي حرص سفيان ومن معه على تسجيلها في "سيديهات" تم تقديمها هدية لأفراد عائلة الدكتور كمال عمران الذين عبروا عن رغبتهم في جمع إنتاجه المكتوب والمرئي والمسموع ومخطوطاته وخطبه باعتبار انه كان إماما خطيبا في عدد من الجوامع في تونس. تكريم إذاعة تونس الثقافية لروح كمال عمران حسب ما صرح به سفيان العرفاوي جاء بمناسبة إحياء أربعينية الفقيد وفي إطار تجربة أولى لانفتاح إذاعة تونس الثقافية على الفضاءات الثقافية الخارجية والتعاون معها مثل مدينة الثقافة وذلك لتكريم رموز الإعلام والثقافة والفنون في تونس ورد الاعتبار لمن لم ينالوا حظهم في التكريم والتعريف بمساهماتهم في إثراء خزينة تونس من الأعمال الإبداعية في شتى مجالات الأدب والفنون. كان ليّن العريكة دمث الأخلاق طيبا ودودا في هذا اللقاء كان هنالك ضيوف رئيسيون ممن عرفوا كمال عمران وهم توفيق بن عامر ولزهر النفطي وفؤاد القرقوري وقد تحدثوا عنه كانسان واتفقوا على انه كان لين العريكة دمث الأخلاق طيبا ودودا يحب الجميع بما في ذلك الذين ينتقدونه، يحترم الرأي الآخر ويقبله ويدافع عن رأيه في نفس الوقت وقد شرّف تونس في المحافل العربية والدولية. وقال توفيق بن عامر:" ان هذا الاحتفاء مهم جدا للأموات وللأحياء أيضا ويعبر عن الأصالة والحضارة والمدنية ومن لا يهتمون برموزهم ولا يكرمونهم تصح عليهم كلمة همّج. والهمج لا يمكن أن يكون لهم حاضر ولا مستقبل والحضارات يبنيها رجال وتدوم وتعمر عندما نعلي من شان بُناتها. وكمال عمران لم يجد حظه بعد الثورة وكان من المفروض ان يكرّم في كل الحالات والهزات لا يجب ان تسيء لرجال الوطن وهو منهم." كان كمال عمران مسكونا بهاجس السؤال ومهموما بمصير الإنسان في الفكر العربي الحديث ووجها بارزا من وجوه النخبة التونسية ورجلا استثنائيا توفرت له قدرات لم تتوفر لغيره ولا عجب في ان تخصص له إذاعة تونس الثقافية هذا التكريم وهذه الحصة وأضاف فؤاد القرقوري: "وهذا ليس بالأمر المستغرب من إذاعة تونس الثقافية وهو ابنها وفرد من أسرتها." وبين القرقوري ان كمال عمران كان يتحرك في الجامعة في دائرة الفكر العربي الإسلامي ودائرة الفكر الديني ولكنه كان يرتقي إلى الفكر الإنساني في اشمل معانيه وانه كان يبني تفكيره على رؤية تتداخل فيها الروافد المعرفية فيستخرج منها خطابه وفكره وأطروحته عشرتنا دامت 50 سنة ما عرفته خلالها إلا صادقا وفيا وودودا. " تعامل مع الناس بتواضع مهما اختلفت مستوياتهم الدكتور لزهر النفطي ثمن مبادرة إذاعة تونس الثقافية وتحدث عن التواضع الذي كان أسلوب حياة الراحل ومبدأ تعامله مع الناس باختلاف مستوياتهم وقال ان كمال عمران كان يؤمن بمقولة "ما نحن إلا ثقافتنا وانه كان دائما منشغلا بالسؤال." حديث أفراد عائلة كمال عمران وقد حضرت كريمتاه أسماء وإيناس وزوجيهما كان مؤثرا جدا من الناحية الإنسانية وتحدثت إيناس عن مكتبته وكثرة كتبه والوقت الذي كان يخصصه للمطالعة والبحث والكتابة دون أن ينسى واجبه كزوج وكأب وكجد حيث انه كان يجد الوقت ليلاعب أحفاده ويزرع حولهم البهجة والابتسامة وقالت إيناس: "عندما تخصصت في علم الوراثة اهتم بما ابحث فيه وادرسه وخصص جزءا من وقته للبحث في علم الوراثة من الناحية الدينية وادخل تكويني الأكاديمي صلب اهتمامه ليبين لي أهمية ما ادرسه ويشجعني." ثم تدخل عدد كبير من الحاضرين وبين كل منهم ميزة من ميزات الراحل الذي كانت اهتماماته متعددة وإضافاته معتبرة في مجالات اختصاصه وشدد عادل القادري على انه كان لا يتحرج أبدا من إصلاح الخطأ اذا حدث وقال خالد كرونة انه من أهم رموز الجامعة التونسية وان اسمه يرسم بماء الذهب مع أسماء مثل اليعلاوي وعبد القادر المهيري وتوفيق بكار وغيرهم ممن أسسوا الجامعة التونسية. واجمع كل من محمد عبد العظيم وخميس الورتاني وسامي بن عامر والمنصف المزغي ومحمد المي وفوزية بالحاج ورمزي العياري ومنى تقية ورئيس جمعية قدماء جامعة منوبة وممثل الإذاعة الأستاذ نبيل المؤدب على ان كمال عمران الذي اختص في الحضارة والأدب كان يفيض من الجامعة الى المجتمع معتمدا على البساطة في الطرح والتفسير وكسر الحواجز وانه نجح كمنتج للبرامج وكمحاضر في كل المنابر الجامعية وفي التظاهرات والملتقيات الأدبية سواء في تونس أو خارجها لأنه كان قادرا على تبسيط العلم في أدق تفاصيله. كرم نفسه وحده بعلمه ونبله واتفق الحضور على أن كمال عمران كرّم نفسه في حياته من خلال علمه وصدقه واجتهاده فيه ومن خلال نبله في التعامل مع الآخر مهما كانت المستويات التعليمية والثقافية وعلى انه كان صاحب مشروع ثقافي اهتم فيه خاصة بالتحولات في البلدان العربية وتناول فيه معركة العولمة من وجهة نظر تونسية خاصة وانه أسس جمعية تعتني بالفكر التنويري التونسي. كمال عمران التزم بالخط الإصلاحي التنويري وكان منوالا يحتذى ناضل من اجل مفاهيم ومن اجل الحضارة ومن اجل الأدب. وفي نهاية البرنامج وقد دام 120 دقيقة قدمت إذاعة تونس الثقافية لأسرة الراحل كمال عمران مجموعة "سيديهات" سجلت فيها برامج الإذاعية ولوحة زيتية رسمها له الرسام محسن عواضي. واللوحة حسب ما صرح به الرسام ل"الصباح" تندرج ضمن مشروع متكامل خص به رواد الإصلاح والأدب والفنون والمشاهير في تونس منذ بداية مشروع العلم التونسي الى ما بعد الثورة. ومن بين ما رسمه العواضي ونشره في البهو الأمامي لقاعة صوفي القلي بمدينة الثقافة بورتريهات للطاهر بن عاشور ولمحمد الطالبي وللطاهر الحداد ولحسن حسني عبد الوهاب ولتوفيق بكار ولعبد العزيز العروي ولصالح الخميسي ولعلي الدوعاجي ولنجيب الخطاب وصالح جغام... والحقيقة ان هذا المهندس المعماري الهاوي للرسم والذي يبدع منذ أكثر من 35 سنة في كل المدارس والأنماط والأشكال ويعتبر أن فنه رسالة مقدسة وهاجس حياتي يشتغل ويجتهد منتظرا دعما ولفتة من وزارة الشؤون الثقافية ليواصل ويكمل مشروعه وقد تأكدت أهميته وحاجة تونس إليه. وفي الختام طالب سفيان العرفاوي عبر إذاعة تونس الثقافية الجهات المعنية والمؤسسات التعليمية والثقافية بمزيد العناية بالراحل وبتكريم كمال عمران بطابع بريدي باسمه وصورته وبجمع أعماله الكاملة وإطلاق اسمه على بعض المؤسسات التربوية أو الثقافية.