في خطوة لا تقل أهمية عن رسالة «منظّر الجهاديين» سيد إمام (الدكتور فضل) إلى الحركات الإسلامية ل «ترشيد» عملياتها، أعلن القياديان الشيخ عبود الزمر والدكتور طارق الزمر تأييدهما لمبادرة وقف العنف، في خطوة يراها مراقبون تؤشر إلى أن إغلاق ملف سجناء «الجهاد» في مصر بات وشيكاً للغاية. وتجري في السجون المصرية حالياً عملية مراجعات فكرية يقوم بها قادة حاليون وسابقون في «جماعة الجهاد»، ومن المتوقع أن تسفر عن إصدار وثيقة نهائية تعلن تخلي الجماعة عن العنف ويعقبها بدء عملية الإفراج عن الآلاف من معتقليها خلال العام الجاري، على غرار ما حدث قبل سنوات قليلة مع قيادات وكوادر «الجماعة الإسلامية». ورأت مصادر مصرية أن موقف عبود الزمر وطارق الزمر جاء ليعطي دفعة كبيرة في اتجاه إتمام عملية المراجعات، منذ إعلان سيد إمام لمراجعاته. ولفتت إلى أنهما من أكبر الأسماء على المستوى الحركي، كما أن عبود بالتحديد لعب دوراً فعّالاً في نجاح مراجعات «الجماعة الإسلامية» التي يعتبر هو محسوباً عليها حالياً، لكن أجهزة الأمن تتعامل معه باعتباره قيادياً في تنظيم «الجهاد». يذكر أن طارق وعبود الزمر متهمان في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 وكانا قدما طلبا إلى محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة لإطلاقهما بعدما قضيا فترة العقوبة، لكن قضيتيهما تنتقل ما بين محكمة القضاء الإداري ومحكمة الجنايات ويرى مراقبون أن مسألة الفصل فيهما مرتبطة بقرار سياسي. وحصل طارق الزمر على حكم بإلزام وزارة الداخلية بالإفراج عنه وإخلاء سبيله بعد قضاء فترة محكوميته، أما عبود فلا تزال قضيته تنتقل بين الجنايات والإدارية وترفض السلطات طلبه للإفراج عنه، متعللة بصدور حكمين بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة، أحدهما من المحكمة العسكرية العليا، والآخر من محكمة جنايات أمن الدولة العليا و «ينبغي أن يقضي الزمر العقوبتين الصادرتين ضده». وجاء في بيان مشترك للقياديين تلقته «الحياة» أمس: «نؤكد دعمنا لمبادرة اخوة الجهاد التي تنضبط بالشرع ويحقق بها مصالح الإسلام ومقاصد الشريعة الغراء». إلا أن البيان الذي جاء في صفحة واحدة وحمل عنوان «مبادرات الجهاد نحو غد أفضل» احتوى أيضاً على مطالب سياسية عدة من بينها السماح بالعمل السياسي وإنهاء احتجاز المعتقلين من كل الفصائل، وانتقد ضمناً قانون الطوارئ ومكافحة الإرهاب. وبدأ البيان بتناول حالة الصراع التي مرت بها مصر في التسعينات، مشيراً إلى أنها أضرت كثيراً بالبلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحقوق الإنسان. وأكد «أهمية تحمل التيار الإسلامي المسؤولية وترتيب الأولويات والنظر في مصالح العباد ومد يد العون للخروج من هذه المحنة وتلافي أسبابها وآثارها، وطرح متوازن يحقق الوجود السلمي لمشروع التيار مع كف الأيدي عن الاقتتال الداخلي والصراع الدامي بين الأطراف». وتابع البيان: «لقد بدأ تفعيل المبادرة الجهادية استكمالاً لمسيرة وقف العمليات القتالية الرامية إلى حقن الدماء والتي تنتهي معها أسباب احتجاز المعتقلين في السجون من كل الفصائل ويعود الوئام إلى المجتمع والبسمة إلى أهالي المعتقلين وذويهم، ولا نكون بحاجة إلى تطبيق قانون الإرهاب أو الطوارئ». ورأى الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور ضياء رشوان أن إعلان طارق وعبود الزمر موقفهما يعد دفعة كبيرة لمبادرة سيد إمام و «ستسهم في تسريع عملية المراجعات». ولاحظ رشوان أن صياغة البيان تمت بطريقة سياسية بحتة، وقال إن بيان الزمر هو «بيان سياسي بالدرجة الأولى على خلاف بيان سيد إمام الذي يعد بياناً فقهياً تتجاوز أحكامه القطر الذي يسكن فيه. أما بيان الزمر فقد اختص بالحالة المصرية خصوصاً»، لافتاً إلى أن عبود الزمر «رجل سياسي من الدرجة الأولى ورشح نفسه في انتخابات الرئاسة في العام 2005، وهو ما ظهر من خلال المطالب التي دعا إليها في مقابل وقف العنف وهي الإفراج عن المعتقلين والسماح بالوجود السلمي وانتقاده الضمني لقانون الطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب الذي لم يصدر بعد». وتوقع رشوان أن تكون السلطات توصلت إلى اتفاق مع عبود وطارق للإفراج عنهما، لكن طريقة الإفراج لم يتم تحديدها بعد وهل ستكون بعد اتمام المراجعات كلها أم قبل إنهائها. من جانبه أكد محامي الإسلاميين منتصر الزيات أهمية صدور مثل هذا البيان، مشيراً إلى أن عبود وطارق الزمر يتمتعان بتقدير في أوساط الإسلاميين خصوصاً أن لهما رؤية في ما يتعلق بوقف العنف والتي ترتبط بنشاط سياسي سلمي تقوم به الجماعات. وقال إن عبود مع مرور الوقت تحول إلى «رمز إلى كل الإسلاميين» فهو تنظيمياً عضو في مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» وحركياً «رمز لكل الجهاديين». وتابع أن موقف الرجلين من المبادرة «أعطى دفعة كبيرة لمجموعات الجهاد التي لم تحسم أمرها بعدد لأنه يخاطب بعض المجموعات داخل الحركات الجهادية التي لها تحفظات وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعبود، ما يرجّح أنها ستنضم إلى المبادرة بعد موقفه». ورأى أن مسألة الإفراج عن عبود تمر بخطوات معينة يمكن وصفها من «أحسن إلى أحسن». وفي ما يأتي نص البيان: «بيان من الشيخ عبود الزمر والدكتور طارق الزمر «مبادرات الجهاد نحو غد أفضل»، انه مما لا شك فيه أن حالة الصراع التي مرت بها مصر في التسعينات قد أضرت كثيراً بالبلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وحقوق الإنسان، وهذا يدعونا جميعاً كتيار إسلامي الى تحمل المسؤولية وترتيب الأولويات والنظر في مصالح العباد ومد يد العون للخروج من هذه المحنة وتلافي أسبابها وآثارها، وطرح متوازن يحقق الوجود السلمي لمشروع التيار مع كف الأيدي عن الاقتتال الداخلي والصراع الدامي بين الأطراف. ولقد بدأ تفعيل المبادرات الجهادية استكمالاً لمسيرة وقف العمليات القتالية الرامية الى حقن الدماء والتي تنتهي معها أسباب احتجاز المعتقلين في السجون من كل الفصائل ويعود الوئام الى المجتمع والبسمة الى أهالي المعتقلين وذويهم، ولا نكون بحاجة الى تطبيق قانون الإرهاب أو الطوارئ. ومن هنا نؤكد دعمنا لمبادرة اخوة الجهاد التي تنضبط بالشرع ويحقق بها مصالح الإسلام ومقاصد الشريعة الغراء».