أحداث شغب رافقت مباراة المنستيري مع مولدية الجزائر    حالة الطقس اليوم الاحد ودرجات الحرارة..    تهريب السيارات : الحرس الوطني ينشر تفاصيل تفكيك شبكة بالكاف    المعهد الوطني للرصد الجوّي يصدر نشرة متابعة خاصّة بالطقس الليلة وغدا    فظيع في زغوان : قتل شاب باربعة طعنات بسكين !!    رئاسية 2024 : المترشح زهير المغزاوي في جولة وسط العاصمة للتواصل المباشر مع المواطنين    الملاكمة: دوبوا يهزم جوشوا بالضربة القاضية ويحتفظ بلقب الوزن الثقيل    مهنيو الصيد البحري يدعون الى التعجيل بتسوية وضعية صنع المراكب في ضوء تعطل لجنة الصنع ما يزيد عن السنتين    فوزي خبوشي : من بين الحرفاء الذين يقتنون سيارات التاكسي مفتش عنهم    البنك المركزي : تراجع صافي احتياطي العملة الأجنبية    أخبار اتحاد بن قردان.. العبيدي «إتحادي» وقلبي يعد بالتدارك    أخبار مستقبل قابس.. «كامارا» آخر الوافدين واختبار ودي ضد قرقنة    سيدي بوزيد : حافلات لنقل تلاميذ 6 مدارس ريفية    شمبانزي يسرق رضيعا ويقتله ويثير غضب السكان    عزيز دوقاز يتوّج ببطولة الصين المفتوحة للتنس    اليوم أمام إتحاد العاصمة : «البقلاوة» تنشد العبور    اليوم الاعتدال الخريفي للنصف الشمالي للكرة الأرضية    عاجل _ أمريكا توجه رسالة لرعاياها في لبنان : غادروا    الرابطة الثانية: نادي حمام الأنف يتعاقد مع 9 لاعبين جدد    حاتم مزيو : نحن ضدّ التدخل الخارجي و لدينا الحق في التعبير وإبداء الرأي    النائب بلال المشري: لم أكن يوما شاهد زور و لن أكون    توزر: حملة انتخابية لأنصار المترشح قيس سعيد في السوق الاسبوعية    إيران.. عشرات القتلى والجرحى بانفجار منجم للفحم في محافظة خاراسان    بنزرت: العثور على جثة امرأة بمنزلها تحمل عديد الطعنات    بنزرت: وفاة شاب وإصابة 2 آخرين في انقلاب شاحنة    قمر صغير يقترب من الأرض خلال هذه الأيام    السعودية تحقق أعلى نسبة مشاركة للمرأة في قطاع التقنية متجاوزة الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين    بأعنف هجوم صاروخي منذ بدء الحرب.. حزب الله يقصف شمال حيفا كرد أولي على تفجيرات البيجر    هاريس تتحدى ترامب لمناظرة ثانية والأخير يرفض    نقابة القضاة تعبر عن استيائها مما اعتبرته "حملة ممنهجة "ضدها    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    عوسجة ..وفاة تلميذة إثر دهسها جرار أمام مدرستها    تحقيق على الطريق ...بسبب الماء والدواء ...الأشجار في خطر وتفاح سبيبة مهدّد    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    راديكالي على رأس الداخلية.. فرنسا تعلن عن حكومتها الجديدة بقيادة ميشال بارنييه    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    البنك المركزي: العائدات السياحية تزيد بنسبة 7،2 بالمائة الى غاية 10 سبتمبر 2024    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجمهورية هي بن علي , وبن علي هو الجمهورية , ليلى هي المملكة ولاحياة بعدها لجمهورية !


:
سيناريو خيبات الوطن يتكرر اليوم بعد أن عاد بنا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي القهقرى ثلاثين سنة تقريبا , فوعوده بالحفاظ على الجمهورية والقضاء على الظلم والرشوة والمحسوبية والفساد... , باتت سرابا يعد الظمآن في الصحراء بقرب الارتواء...
تعيش تونس هذه الأيام على وقع مناشدات معلنة ومتتالية على شاشة التلفزة وعلى موجات الأثير وعلى صفحات صحف مكتوبة وغير مقروءة ! , مناشدات تترجى "فخامته" بمواصلة "مشوار القيادة الحكيمة والتنمية والرخاء والازدهار والوفاق الوطني والاصلاح" !
كلمات وشعارات جوفاء لو وقع تنزيلها على المقاربة التونسية , لاكتشفنا حجم الكذب الأسطوري في الخطاب السياسي الرسمي , اذ أن حصيلة التنمية تعكس حجما من التفاوت الطبقي والاجتماعي الذي ازدهر في ظل تفشي الوصولية والنفاق والتملق زمن بن علي .
أما القضاء على الرشوة والفساد والمحسوبية فهو طرفة من طرائف نظام السابع من نوفمبر , اذ أن هذا النظام غذى هذه الظواهر وجعلها قوام الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , بل انه غزى بها حصون الثقافة والتعليم , ليجعل منها هي الأخرى مرتعا للوشاية والتزلف والتفاهة على حساب الكفاءة والاقتدار وتكريم العقول النابهة والاحتفاء بالشخصيات الفكرية الوازنة ...
الفساد الذي وعد بن علي بالقضاء عليه صبيحة السابع من نوفمبر 1987 , أصبح اليوم مفتاح الثروة الخيالية للمقربين من عائلة الرئيس أو حرمه أو عوائل أصهاره , بل هو سر الأرقام المالية الطائلة التي يديرون حساباتها في مؤسسات معلنة وأخرى خفية الاسم ...
الازدهار لم يكن الا تفاوتا اجتماعيا فجا بين المدن الساحلية ومدن الداخل التونسي باتجاه الجزائر وليبيا , ففي مدن الكاف والقصرين وجندوبة وقفصة وصولا الى بن قردان , خلد النظام المتسلط قصة قرى ومناطق محرومة من السكن والماء والكهرباء والصرف الصحي والعلاج والتمدرس المتقدم في المعاهد والجامعات , بل ان البعض من سكان هذه المناطق يتقاسم سقف العيش مع الدواب ويحرم داخل أكواخ كارثية من المعاني الحقيقية للاستقلال والجمهورية...
مشوار الوفاق الوطني والاصلاح الذي يتحدث عنه مناشدو بن علي , هو في الحقيقة والميدان سجون مترامية الأطراف , في 9 أفريل والمرناقية وبرج الرومي وصفاقس وقفصة... , بل هو تجنيد تعسفي في جزيرة "زمبرة" وصحراء "رجيم معتوق" , مع منافي تتوزع المعارضين بين القارات الخمس...
ولاننسى طبعا حفلات التكريم التي يقدمها بن علي لسجناء الرأي ونزلاء قصور الضيافة وراء الشمس والقضبان , فمناشدوه يدركون جيدا أن حفلات التعذيب هي جزء من مكرمة رئاسية يضيفونها الى نياشين الجمهورية التي لاتزيد في عرفهم عن سيادته , اذ أن الجمهورية عند من يناشده تعذيب شعبه بفترة رئاسية جديدة هي في الحقيقة بن علي , فبن علي هو الجمهورية والجمهورية عند حزبه ومتملقيه من المناشدين وأصحاب المصالح الكبرى هي بن علي ...
تصوروا رئيسا لجمهورية كاذبة يسجن بعض خصومه السياسيين أو معارضيه مدة 20 سنة على التوالي ! , يتمتع أثناءها هو بقصور "الجمهورية" وملاذ الدنيا ومتاع الوطن ويتصرف في خدم وحشم بتعداد سكان مدينة , وفي الوقت ذاته تجد رجلا بحجم كفاءة وشجاعة وشهامة د.صادق شورو يقضي نفس الفترة وراء قضبان صدئة لا تعبرها أشعة الشمس ...
مشهد سادي في مسرحية غير وطنية , يكشف عن حجم خيالي من الحقد والكراهية , يتستر مخرجوها ومنتجوها بكواليس جميلة يضعونها في بهو قرطاج وراء شعار : حرية, عدالة , نظام , التي تجلل شعار الجمهورية التونسية ...
مشهد تراجيدي من نفس المسرحية , فالجمهورية أصبحت بلا قانون ولا دستور ! , وفخامته يفصل للتونسيين والتونسيات مصير بلدهم وفق أهوائه الشخصية , فهو باق رغم أنوفهم على كرسي الرئاسة الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ...
أما الدستور , فمصيره التنقيح والتعديل والعبث الى أن تثب ليلى منقضة على تلابيب جبة الحكم , ليتم قراءة اعلان وفاة الجمهورية وتدشين حقبة جديدة من العسف والنهب باسم الجمهورية التي تعهد سيادته بالحفاظ عليها ...!
انها جمهورية أسطورية , يتحول فيها الوطنيون الى "خونة" والشرفاء الى "مفسدين في الأرض" و"ارهابيين" و"عملاء للموساد" , بل حتى "شواذ جنسيين" كما وصل اليه سقط المتاع وحثالة الحثالة في صحافة بن علي...!
جمهورية مزيفة يقول فيها بن علي للجميع كلمة "لويس الرابع عشر" , "أنا هو الدولة والدولة هي أنا" , فلا مكان في الدولة الى بقية الضمائر ومعاني التصريف , مادام المناشدون من المنافقين ومساحي الأحذية يتصورون أن في ذهاب بن علي من حلبة المسرح السياسي التونسي نهاية للتاريخ !!!
جمهورية خيالية , تخدر مواطنيها وحتى معارضيها بأوهام الاصلاح والديمقراطية في الذكرى العاشرة للتحول "المبارك" , ثم تعدهم وتمنيهم في الذكرى 15 وفي الذكرى العشرين , ثم في الذكرى الرابعة والعشرين حين يكون الرئيس كأحوج مايكون الى التمديد في دورة تاريخية قاتلة لمعاني الجمهورية ..., جمهورية تحقق للتونسيين والتونسيات المثل القائل : "عش بالمنى ياكمون" ! , ولكن هذه المرة لن تسلم الجرة , ف"كمون" أصبح لسان حاله يقول : اني أغرق , اني أغرق... , و"كمون" لن ينجو هذه المرة الا بالتمسك بطوق الجمهورية , أو لنقل بسفينة الجمهورية, التي فيها وصول التونسيات والتونسيين الى بر الشعوب المتمسكة بالكرامة والحرية ...
تبدو تونس اليوم في مرحلة فارقة من تاريخها , فبالأمس القريب كانت سعيدة ساسي هي الحاكم الناهي في تاريخ الوطن , بل انها كادت أن تذهب بماتبقى من مظاهر الدولة , الى حين أزفت ساعة الصفر , فحينها دخل على بورقيبة رجل الى القصر قال أنه لن يخرج منه بسهولة , وهو ماحصل فعلا ..., أما اليوم فقد أخذت ليلى مكان الماجدة وسيلة وسعيدة ساسي, ليتحول الوطن معها الى سجن كبير , ومملكة مشيدة تتغذى وراءها صفقات مالية وتجارية خيالية , ولسان حال الجميع يقول ماأشبه الليلة بالبارحة , حين غابت الدولة وحضر الصنم , وبات الجميع يسبح بحمد وخيال وبخور هبل , غير أن بورقيبة لم يترك في رصيده البنكي الا 1300 دينار على قول بعض المراقبين , أما المعاصرون في مملكة قرطاج فثروتهم تكفي للقضاء على الفقر في تونس بصفة أبدية...
قد تتصور ليلى وأصهارها وحلفاؤها بأنهم أقوى من الحق والقانون والدستور وارادة الشعب وذكاء النخبة , وقد يغرها وصاحبها نداء الألف المزيفة والمليون الكاذبة , وقد تتغذى بأحلامها من أوهام الاعلام المأجور , وحديث العشرة ملايين ونصف , الذين وضعوهم بالخوف والرعب والرشى في الجيب ! , ولكن يقيني بأن الجمهورية واعلانها , وميراث الشهداء , وعطر سجناء الحرية , أقوى من حيلهم وحيل العابثين بمصير الوطن ...
الحيلة في ترك الحيلة , ومصيرنا اتفقنا أم اختلفنا في أن نعود الى التمسك بثوابت دولة القانون والمؤسسات وروح الدستور وقيم العدل والمساواة , والمواطنة في اطار ثوابت الجمهورية ..., أما ماعدا ذلك فمصيره الى مزبلة التاريخ .
وللشعب حتما أن يقول كلمته ...
كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 18 سبتمبر 2010
*المنسق العام لشؤون الجمعية الوطنية لحماية الجمهورية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.