السعودية تحقق أعلى نسبة مشاركة للمرأة في قطاع التقنية متجاوزة الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين    بأعنف هجوم صاروخي منذ بدء الحرب.. حزب الله يقصف شمال حيفا كرد أولي على تفجيرات البيجر    نقابة الصحفيين الفلسطينيين تستنكر إقدام القوات الإسرائيلية على اقتحام مكتب قناة "الجزيرة"    هاريس تتحدى ترامب لمناظرة ثانية والأخير يرفض    نقابة القضاة تعبر عن استيائها مما اعتبرته "حملة ممنهجة "ضدها    أخبار شبيبة العمران ... الشبيبة ترفع شعار التحدي    عوسجة ..وفاة تلميذة إثر دهسها جرار أمام مدرستها    في تونس وصفاقس ومدنين: حجز بضائع مهرّبة بقيمة مليارين    سمير الوافي في ردّ خاص …شكر الله سعيك وثبت أجرك    تحقيق على الطريق ...بسبب الماء والدواء ...الأشجار في خطر وتفاح سبيبة مهدّد    مع الشروق .. لبنان و جامعة العجز العربي    الليلة وفجر الغد: أمطار بهذه الجهات    نابل...تراجع صابة الهندي الأملس بنسبة 30 %    الفنان مرتضى الفتيتي ل«الشروق» «أخاف أن يقلق مني الجمهور» لذلك أبحث عن التغيير    وزارة الصحّة تطلق حملة توعوية ...أكثر من ربع التونسيين مصابون بالسمنة    فرنسا: الإليزيه يعلن التشكيلة الحكومية الجديدة بقيادة ميشال بارنييه    القيروان.. ظهور تشققات وتصدعات جديدة في سور المدينة العتيقة    النادي الصفاقسي يتأهّل إلى دور المجموعات    البنك المركزي: العائدات السياحية تزيد بنسبة 7،2 بالمائة الى غاية 10 سبتمبر 2024    ما هي بطاقة ''الفيزا البنكية''    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    فوائد لقاح ''القريب''    الليلة.. أمطار متفرقة وطقس مغيم    الاتحاد المنستيري يواجه النجم الساحلي والترجي يلاقي الملعب التونسي على قناة الكأس    النادي الصفاقسي في مواجهة حاسمة أمام روكينزو البوروندي: تعرّف على التشكيلة الأساسية    بطولة المانيا: بايرن مونيخ يكتسح بريمن بخماسية نظيفة    تأجيل إضراب أعوان مؤسستيْ شركة السكك الحديدية وشركة أشغال السكك الحديدية    تعديل القانون الانتخابي يشكل مسا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري (حملتا زمال والمغزاوي )    الاتّفاق على الزيادة في أجور العاملين بقطاع النزل السياحية    ثلاثة أفلام تونسية تشارك في الدورة الخامسة والثلاثين من مهرجان الفيلم العربي بفاماك    القصرين: المنسقون الجهويون والمحليون لحملة قيس سعيد بالجهة يواصلون الحملة الدعائية الميدانية لمرشحهم    عبد الرزاق الشابي: إشتهرت ب12 كلمة    بداية من الإثنين القادم: الأمطار تشمل أكثر من معتمدية    عبد الرزاق الشابي يكشف قصة حبّه مع علياء بلعيد    عاجل/ المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر..وهذه التفاصيل..    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    أبطال إفريقيا: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة مولودية العاصمة الجزائري    وزير الخارجية يشارك في قمّة "المستقبل" والدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك    عاجل/ العثور على جثة امرأة متعفنة بمنزلها..    البنك المركزي يعزز دعم الزراعة في تونس بتوسيع نطاق القروض وتعديل شروط السداد    الرابطة الأولى: تحديد ملعب مواجهة مستقبل سليمان والترجي الرياضي    هام/ هذه الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية..    وزارة الفلاحة تنشر جدولا زمينا لانطلاق عمليات الصيد البري في اطار موسم 2024 -2025    جريمة غامضة ومروعة.. العثور على أم وولديها مذبوحين بمنزلهم..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تناقش مشروع قانون يتعلق بتربية الكلاب والحيوانات الخطرة    ظهر في مناطق قريبة من الحدود مع السودان: مرض غامض يضرب هذه البلاد    مؤسسات إعلامية تقاضي غوغل    الامتيازات الممنوحة للتونسيّين المقيمين بالخارج عند اقتناء السيارات الكهربائية    الطقس في تونس : أمطار خفيفة واعتدال في الطقس    كأس الكاف - نهضة بركان المغربي يبلغ دور المجموعات عقب فوزه على دادجي البينيني (5-0)    نكسات حزب الله.. أبرز القياديين المستهدفين خلال أشهر    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(2 /2).. النهاية المأسوية !    عادات وتقاليد: مزارات أولياء الله الصالحين...«الزردة»... مناسبة احتفالية... بطقوس دينية    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    والدك هو الأفضل    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الراية القطرية

ابتداء أشكر الزميلة اشراف بن مراد على ماتبذله من جهود اعلامية قيمة كما أثني على دور صحيفة الراية القطرية و ماتقدمه من اضافات اعلامية جديرة بالاحترام , أما بخصوص المشهد السياسي التونسي فانني أعتبره سائرا في اتجاه تطوري برغم مايعوق هذا المشهد من منافسات حادة أحيانا أو انقسامات تعود في خلفيتها الى عمق التباين الايديولوجي ...
عموما فان المشهد التونسي في ظل اقتراب ساعة الاستحقاق التشريعي والرئاسي يحتاج الى كثير من الانصاف والعدل في اطلاق الأحكام , اذ أن المشهد في ظل مقارنته بتفاصيل الفصل السياسي العربي يعد تقدميا ومتدرجا في توسيع دائرة المشاركة السياسية وتعزيز مناخ الاصلاح وازالة حالة الاحتقان التي اصطحبتها البلاد معها في ظل ماأفرزته أزمة التسعينات من تحديات أمنية وسياسية خطيرة ...
اليوم تقف تونس على مشارف اصلاحات منتظرة في ظل عزم الرئيس زين العابدين بن علي على تشريك أوسع لأحزاب المعارضة أو تعزيز دور الشباب في الحياة العامة , وهو مايعني أن تونس مقدمة على تحولات أو تطورات قد تكون تاريخية في اثراء تجربة الاصلاح أو تحريك ماتعطل من قاطرات في ظل تحديات سياسية أملتها ظروف تاريخية سابقة .
وحينئذ فانني أنظر للمشهد بعين متفائلة في ظل مايبلغني من أخبار حول عزم القيادة السياسية على جعل موعد سنة 2009 موعدا متميزا بكل المقاييس , وهو مايعني بالنسبة للتونسيين تواصل تجربة التغيير بنفس ونسق اصلاحي يواكب روح العصر كما تحديات العولمة على الصعيد ين الاقتصادي والسياسي ...

أعتبر ماذكرت من خطوات مواصلة واستعادة لروح الحوار بين السلطة والمعارضة برغم عدم استعداد بعض أطراف هذه الأخيرة للمساهمة في ارساء مناخ حواري من شأنه تعزيز أجواء الوئام أو ترسيخ قيم المصالحة على أرضية طي صفحة الماضي والنظر للمستقبل من زاوية فقه الأولويات وتقدير ماتواجهه البلاد والمنطقة من تحديات سياسية وتنموية وأمنية لايمكن عزلها عن تفاصيل المناخ الدولي .
المعارضة التونسية في الخارج تحوم حول تقديس الزعامات وتخلف روح المبادرة والعطاء لدى الجمهور الحزبي وهو ماحول جزءا منها الى مشاريع تسول للتعاطف الدولي أو استجداء للسند الحقوقي , ومن ثمة فان شريحة واسعة منها باتت لاتقوم بالفرز بين متطلبات الفعل المعارض وضرورات الحفاظ على الانتماء الوطني بعيدا عن اغرائات الولاء السياسي للبلد المضيف ...
غير أن هذا لايمكن أن يجرد الكثير من اطراف المعارضة من انتمائها للوطن أو حملها لهمومه وهو مايمكن رصده من خلال متابعة نشاط بعضها في اطار احترام قواعد الشراكة السياسية ومتطلبات الفعل الوطني المسؤول .
نعم هناك اتصالات شبه رسمية بين السلطات ومعارضيها خارج التراب الوطني وهو مايعكس الارادة السياسية السامية لمعالجة مخلفات بعض الأزمات السابقة أو احتضان المئات من الكفائات التونسية المتواجدة بالخارج , وأحسب أن هذه الاتصالات تمثل انعكاسا لحكمة سياسية مثمنة ومسؤولية عالية من قبل القائمين على أجهزة الدولة ...
أما بخصوص النوايا فأظن أن مجالها غير الوجهة السياسية , اذ لاشك بأن مثل هذه الاتصالات تعكس حسا رسميا ووطنيا مسؤولا وهي في تقديري خطوات ايجابية على طريق تثبيت مسار الاصلاح ومراجعة بعض مااختل من توجهات أوسياسات سابقة .
عودة اللاجئين السياسيين يمكن أن تتم في اطار تسوية ديبلوماسية وقانونية وسياسية ناجعة بعيدا عن توظيف هذا الملف في أطر اعلامية أو دولية قد تضع الأجندة الوطنية خارج دوائر الحسبان , ومن هذا المنطلق فان ماتحتمله المرحلة هو عودة هادئة ومسؤولة تعزز من مناخ المصالحة والاصلاح الذان يسعى اليهما الرئيس بن علي بصفته مسؤولا وطنيا أولا .
أستبعد ذلك في الظرف الراهن وأعتبر أن السلطة قد حسمت موضوع الاعتراف بحزب ديني بنص الدستور , غير أن هذا لايعني اعادة النظر في ملف النهضة من منطلقات انسانية تشجع على اندماج هذا التيار في منظومتنا الاجتماعية والتنموية بعد الاستفادة عميقا من دروس وجب استخلاصها من تجربة مريرة عايشتها البلاد زمن التسعينات .
جائت عودتنا ضمن مساعي رسمية حثيثة لاحتضان كفائات تونسية ووطنية مقيمة بالخارج منذ فترة ليست بالقصيرة , وبالمقابل تجاوبنا مع هذه المساعي من منطلق أننا نشاطر هؤلاء الاخوان في المؤسسات الرسمية سعيهم الدؤوب للنهوض بهذا الوطن والحد من التسربات التي وقعت في اطار تاريخي تجاوزته تونس بحرص من قيادتها السياسية .
الكلمة الجامعة بيننا وبين سلطات بلدنا في هذه العودة هو خدمة الصالح العام وتقديم المصلحة الوطنية العليا عما سواها من مصالح , ومن ثمة فقد تهيأت لنا أسباب العودة في ظل مناخ وطني تغلب عليه ارادة الاصلاح في ظل أجواء سياسية صاحبها الاحتفال بالذكرى الواحدة والعشرون لتحول السابع من نوفمبر .
لقد كان الوطن جميلا بعد طول غياب ولقد كتبت عن هذه العودة في صحيفة الوسط التونسية حتى بكى البعض من فرط تفاعله مع لحظات تاريخية سجلتها بالقلم والدموع ...
الوطن كان عظيما وأهله لم يفسخوا من ذاكرتهم حبهم لمواطنيهم الذين افتقدوهم لسنوات طوال ولدت فيها أجيال جديدة ونمت فيها تونس على أكثر من صعيد وحن فيها القلب والعقل الى المشاركة في مسيرة البناء والتطوير بعيدا عن ملازمة مواقع الاغتراب الجغرافي أو التشكيك والاتهام من منطلقات سياسية مجحفة في أحيان ليست بالقليلة .
أما بخصوص تجربة المنفى بحسب تعبير المعارضين أو الاغتراب بحسب ماتميل اليه السلطة فاننا نقدر بأن التجربة قد استوفت أغراضها السياسية وبأن مشوار العودة الهادئة الى الوطن قد بدأ منذ أشهر أو سنوات , وأظن أن مرارة الاغتراب لابد أن تتحول الى طاقة انجاز وتشييد وتحضر فاعل , ومن ثمة لابد من نقل كل ماحصلناه من خبرات وتجارب ناضجة الى الوطن والمواطن .
انها تجربة ثرية حصلنا فيها بفضل الله مانراه مساعدا على ترسيخ مسار أمن واستقرار ونماء تونس .
أود لفت نظركم الى أنه يمكن تصفح موقع صحيفة الوسط التونسية من داخل تراب الجمهورية التونسية وأن الجهات المسؤولة رفعت التباسا حصل حول طبيعة الموقع ومن ثمة فان الوسط لاتعاني حاليا من ثنائية المقص والرقيب , وأعتقد أن الرئيس بن علي قد عبر في أكثر من مناسبة عن اعتزازه بالدور الذي يلعبه الاعلام الحر في اثراء المشهد السياسي أو الثقافي في تونس , وهو مادعاه الى التدخل الشخصي من أجل تثبيت وجود بوابة الفايس بوك على الشبكة العنكبوتية كما حض الصحف ووسائل الاعلام التونسية على التخلص من واقع الرقابة الذاتية , بل انني أعلم حقيقة العلم بما يقدمه من دعم معنوي ومادي لشبكات اذاعية وتلفزيونية خاصة لم تر النور الا بتشجيع شخصي منه .
أما بخصوص خطاب المعارضة بالمهجر فانني أعتبر بعضه مجافيا للواقع ومبالغا في جلد الاخر ولاسيما الجهات الرسمية , بل انه أحيانا ينتقل لاشعوريا أو ربما عن قصد وسابقية اضمار الى ابراز تونس بمظهر البلد المتخلف والقاصر عن تحقيق شروط النهوض والنماء ولاسيما على الصعيد السياسي ...
خطاب بعض المعارضات المهجرية يبدو في أحيان كثيرة مغالطا أو مكتنزا للحقيقة أو محتكرا لها , وهو مايعطيك الانطباع بأنك أمام راوندا أو كونغو في أدغال القارة الافريقية , والحال أن الجمهورية التونسية تمتلك من عناصر النماء والتقدم والنهوض مايجعلها مؤهلة لقيادة قطار التنمية على الصعيد العربي والاسلامي بل القاري أيضا ...
وحينئذ فان هناك صورة قاتمة ومشوهة تعطيها المعارضة في الخارج عن بلد يزخر بمواطن الرقي والعطاء ...
ان الخطاب المعارض بالخارج مغيب حقيقة عما تعرفه تونس من تطور على أكثر من صعيد , ولاينبغي في هذا الموضع الخلط بين واجب المعارضة في النقد البناء وبين محاذير الوقوع في براثن شبكة سياسية وحقوقية تجعل من المصلحة الوطنية العليا اخر أجنداتها ...
مازلت والى حد هذه الساعة محافظا على أقدار عالية من الاستقلالية ففي مواطن تاريخية معينة مارست دور المعارض وفي مواطن أخرى قمت بنقد أداء المعارضة التونسية من منطلق الحرص على تطوير خطابها وممارستها , أما اليوم وفي ظل تقييم ميداني لواقع البلاد فانني قمت بمراجعة فكرية وسياسية ملت من خلالها ميلا عظيما الى انهاء حالة الصراع والاشتباك بين مكونات الساحة الاسلامية والوطنية وسلطة قدمت كثيرا من أجل الحفاظ على عنصري الأمن والاستقرار وتطوير البلد على الصعيد التنموي في ظل امكانات مادية وباطنية محدودة ...
مشوارنا السياسي يحاول أن يلتمس لأصحاب السلطان عذرا فيما يتحملونه من أعباء شاقة في الحقل العام , وهو مايعني أننا نتفهم مايواجهونه من تحديات ومسؤوليات ثقيلة في ظل واقع دولي واقليمي وداخلي معقد , وبالتالي فانه ليس من السهل على هؤلاء قيادة السفينة والحفاظ على ركابها دون دفع ثمن اكراهات السلطة وتعقيداتها ...
اذا كان البعض يتهمني بالولاء للسلطة فليفعل ذلك , الا أنني لن أسمح لأي كان بأن يحتكر صفة الوطنية أو يستعمل سلاح التخوين في مواجهة المخالفين في الرأي ...
ينبغي الترفع اليوم عن منطق الاتهام والاتهام المضاد والتوجه على الصعيد الوطني الواسع الى خدمة قضايا الناس وهمومهم اليومية , وأظن أن كثيرين في السلطة يفعلون هذا من منطلقات الولاء لتونس وشعبها وانتمائها لحياض هويتها العربية الاسلامية والمتوسطية وهؤلاء في تقديري أقرب الى قلوب الناس من أي جهة تزايد عليهم في حمل القيم الوطنية أو رفع لواء المشاريع الاصلاحية ....
10-أفصحتم في مقالاتكم إنّكم" "انسلختم" عن حركة النهضة التونسية منذ سنة 2005 حين أدركتم بأن واقعها قد اختطف لفائدة مايسمى بالقيادة "التاريخية" في عواصم باريس ولندن".ما معنى ذلك؟ كيف ترون خطاب حركة النهضة اليوم؟
الجملة تكتفي بذاتها في التعبير عن حجم المرارة الذي أصابني تجاه الواقع الذي أصبح عليه واقع حركة النهضة , اذ أنها لم تعد معبرة عن تطلعات بريئة وصادقة حملتها معي أيام ريادتي لأبواب الجامعة التونسية , فالحركة لم تعد مشروعا ثقافيا وفكريا يهدف الى اشاعة مشروع اصلاحي وطني حمله الكثيرون أيام شبابهم بل انها باتت مشروعا سياسويا يحتكره قادة معروفون خارج التراب الوطني وقد ساهموا عن قصد أو عن حسن نية وسوء تقدير في تعكير المشهد العام وادخال الاسلام في دائرة صراع مر كاد أن يضعف مكانة الهوية الوطنية ويرتد بافاق الاصلاح ثلاثين سنة الى الوراء ...
خطاب حركة النهضة يحتاج الى مراجعة جذرية شاملة وتبسيط المشهد بتحميل السلطة مسؤولية تراجع مربع الحريات يعد تجنيا على حقائق تاريخية ينبغي امتلاك الشجاعة في اماطة اللثام عنها .
11-هناك من يرى أنّ حركة النهضة في تونس جاءت كردّ فعل على علمانية بورقيبة, وأنها أصبحت حاليا تعيش انقساما .فهل السلطة التونسية مسؤولة عن هذا الشرخ أم أنّ النهضة أصبحت عاجزة عن التوفيق بين عناصرها و إعداد خطاب متكامل وواضح وفقا لمستجدات المرحلة؟
نعم النهضة أو حركة الاتجاه الاسلامي سابقا جائت تاريخيا كردة فعل مدروسة على مغالاة بورقيبة في مقاربته لبعض الموضوعات الاسلامية - مع اقراري بتفوق الزعيم الراحل في مقارباته السياسية ومتانة قرائته للوضع الدولي - , ثم عاشت بعد ذلك - أي النهضة- استصحابا لمشروع قديم كان من الواجب مراجعته في ضوء حرص الرئيس بن علي على تصحيح علاقة الدولة بالدين والهوية منذ مطلع التغيير وهو مالم يحصل من قبل النهضة في تلك الحقبة ...
أما بخصوص انقسام الحركة الى أفكار ومدارس فكرية وسياسية فأعتقد بأن الأمر حقيقة فعلية برغم مكابرة بعض قيادات النهضة في الاعتراف بهذا الواقع , وهو ماترتب عنه تسرب بشري في جسمها الحزبي بشكل غير مسبوق ومن ثمة عزوف أغلب كوادرها عن معاودة النشاط لاسيما بعد الكارثة السياسية التي وقعت فيها الحركة مطلع التسعينات من القرن الماضي ...
مسؤولية هذا التسرب البشري أو الانقسام السياسي الحاصل داخلها يتحملها رئيس حركة النهضة المقيم بلندن وجملة من الكوادر القيادية المحيطين به والمتموقع أغلبهم بين باريس ولندن مع نزر قليل داخل تراب الجمهورية , اذ أن هؤلاء مازالوا يتعاطون مع الوضع العام من موقع الاصرار على البراءة والطهرية في مقابل تأثيم السلطة وتحميلها مسؤولية كل ماوقع ...
هناك واقع سياسي جديد في تونس ولابد من الاعتراف بأن المنتصر يملي قواعد اللعبة وبأن تكرار نفس الخطاب واعادة تسويقه سياسيا قد يقود الى اعادة افراز الكارثة ...
باختصار مراجعات النهضة مازالت محدودة جدا بل انها بقيت حبرا على ورق وهو مايجعل السلطة تحترز عليها كحزب محظور أكثر مايؤاخذ عليه هو الازدواجية بين الخطاب والممارسة ...
12-إلى أي درجة تبرز تونس بحاجة إلى حزب إسلامي ديني على غرار حزب العدالة و التنمية التركي؟ ونمو التيار الديني في تونس،هل يمكن أن يفتح المجال لعودة حركة النهضة وفق أطر قانونية و تشريعية محددة تتلائم مع الدستور التونسي؟
السؤال يطرح على سلطة الاشراف والجواب عليه يخضع لظروف كل قطر , وأعتقد أن السلطة وشرائح من النخبة مازالت مصدومة بسيناريو التسعينات وتأزم الأوضاع في مرحلة سابقة لدى الأشقاء الجزائريين وهو مايجعل البت في مثل هذا الموضوع يخضع لأكثر من تدقيق سياسي وأمني على الصعيد التونسي ...
أما بخصوص نمو التيار الديني في تونس فانني أحبذ رعاية هذا التيار من قبل مؤسسات رسمية ومستقلة معتدلة بدل اقحام هذا التيار في لعبة الشد والجذب بين المعارضة والسلطة وهو مايضعف مكانة الاسلام ويعيد أجواء الخوف الى أمواج من المتدينين الذين يشكلون جزئا رئيسا من نسيجنا الاجتماعي ...
13-المتتبع للأوضاع في منطقة شمال إفريقيا عموما يلاحظ تنامي التيارات السلفية التي أصبحت تهدد استقرار المنطقة من خلال الأعمال الإرهابية التي تم القيام بها في المغرب و الجزائر وتونس(من خلال أحداث سليمان 2006).كيف تفسرون ذلك ؟و ألا يدعو هذا الوضع إلى إعادة النظر إلى الحركات الإسلامية من أجل تيار إسلامي معتدل ؟
الظاهرة السلفية تعد افرازا لثورة الفضائيات وجزءا من واقع منطقة الشرق الأوسط ولايمكن القطع بأنها بالضرورة مشروع مؤهل لحمل لواء العنف , فالسلفيون الأوائل والتيار الأصيل فيهم عرف بحمله لقناعات الولاء لأولي الأمر وعدم جواز الخروج عنهم , الا أن المشكل يكمن في تسييس الظاهرة الاسلامية وادخالها في لعبة المعارضة من قبل البعض في ظل أجواء دولية مشحونة بواقع الاحتلال وهو ماأقحم مجموعات صغيرة ومحدودة عدديا في لعبة العنف الداخلي الخطير والمنبوذ بكل المعايير الأخلاقية والسياسية وحتى الدينية ...
الحل يكمن في تقديرنا في اشاعة مناخ الوسطية والاعتدال وتحمل الدولة والمجتمع المدني لأعباء ترشيد الخطاب الاسلامي والسلوك الانساني ولعل افراز نسيج من المؤسسات الثقافية الاسلامية الحاملة للواء الاعتدال يعد خير سبيل لتحصين المجتمع من مخاطر الغلو والتطرف .
14-جلّ الخطابات السياسية العربية تدعو إلى فصل الديني عن السياسي.هل يستقيم ذلك في مجتمع له إرثه الثقافي و السياسي و الديني الذي طالما امتزج فيه الدين بالسياسة؟
العلمانية لها جمهورها ونخبتها في المنطقة العربية وتمتين علاقة الدولة بالاسلام قراءة تحظي هي الأخرى باتساع متصاعد في المنطقة الاسلامية , وفي اعتقادي بأن الحل يكمن في التوازن بين الطرحين بما يبعد الدين عن التوظيف السياسي الرخيص في الحياة العامة وبما يعزز من مكانة الاسلام في ترشيد سلوكنا والتزامنا الحضاري وانتمائنا الديني .
الاعتدال مطلوب في اعادة النظر لعلاقة الدولة بالاسلام وأظن أن الموضوع لايمكن الاجابة عليه بايجاز واختزال تقتضيهما رسالة الصحافة .
15-احتضنت تونس مؤخرا المؤتمر الدولي حول الشباب و قضايا العالم الإسلامي(رهانات الحاضر وتحديات المستقبل)،ماهي حسب رأيكم السبل الكفيلة لحماية الشباب من ظاهرة التطرف و الإرهاب؟
حماية الشباب من ظاهرة التطرف والارهاب تمر حتما عبر مسؤوليات وطنية وأخلاقية لابد أن تتحملهما الدولة والمجتمع المدني على حد سواء , وأظن أن اعادة الاعتبار للمشروع الثقافي الوسطي المتوازن رسالة لابد أن نفهمها جميعا في تعاطينا مع الأجيال الصاعدة التي تستهويها ثورة العواطف والأحلام ...
لقد كانت الزيتونة درعا حصينا ضد المدارس المغالية الوافدة واعادة الاعتبار لها في الاطار السمعي البصري يعد خطوة حكيمة من قبل رئيس الجمهورية التونسية السيد زين العابدين بن علي, وأظن أن ماينتظره التونسيون من وسائل الاعلام ومن المنظومة التعليمية والتربوية أكبر بكثير في ظل التحدي الثقافي الذي أفرزه واقع العولمة .
16- وأنت المقيمون في المهجر .كيف ترون وضعية المهاجرين العرب خاصة أمام التضيقات التي يعانون منها ؟ وهل مازال الغرب يشكل مرفأ للبحث عن حياة أفضل؟
واقع المهاجرين العرب يحمل في طياته الكثير من المخاطرات وأبرزها مستقبل الأجيال المولودة بالغرب على الصعيد الديني والللغوي والثقافي والسلوكي , وأظن أن واجب الحكومات العربية والاسلامية بهذا الصدد أكبر بكثير من امكانات وحجم هؤلاء المهاجرين , ومن ثمة فانه من الواجب على المنظومة الرسمية التجند من أجل حماية طاقات انسانية واعدة لاينبغي خسرانها في معترك تحسين شروط الحياة المادية الصعبة ...
هناك واجب ديني وأخلاقي رسمي تجاه تفوق ذهني ودراسي ينبغي احاطته بالرعاية الرسمية والاحتضان الوطني الصادق , فأبناء الجيل الثالث أو الجيل المولود في ديار الغرب يحتاجون الى عناية خاصة لم يقع التفكير فيها فيما سبق مع حلول الموجات الأولى للهجرة ...
اليوم لابد من التفكير في وزارات ومصالح ومؤسسات أكاديمية وبحثية وتربوية خاصة تقوم على هذه المهمة ...
وأظن أن عشر مواطني منطقة المغرب العربي يعيشون بهذه الديار وأن أبناءهم في حاجة ماسة الى سياسة علمية ووطنية تحتضن طاقاتهم الكبيرة الموزعة بين هذه الأمصار ...
حفظ الدين واللغة لدى هؤلاء تعتبر أولوية الأولويات والحفاظ على ولائهم الثقافي يعد واجبا يستحق كبير العناية .
-17كلمة أخيرة تودون قولها من خلال صحيفة الراية القطرية؟
أشكر لصحيفة الراية القطرية اتاحتها لهذه الفرصة العظيمة وأشكر للزميلة اشراف بن مراد تألقها وحرصها على القيام بواجبها الاعلامي في كنف الموضوعية والمهنية وأتمنى على صحيفة الراية القطرية المساهمة الكبيرة في ابراز صورة تونس المشرقة بعيدا عن الاغراض الذي تتعاطى به بعض وسائل الاعلام الخارجية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.