إن الفرد يكون في بداية حياته متمركزا حول ذاته ، وينمو ليصبح متمركزا حول الجماعة، وينمو الشعور بالنحن "wefeeling ".... ويزداد إرتباطه بجماعته، وتتضح المسافة الإجتماعية بين جماعته والجماعات الأخرى. وإذا حدث أثناء هذا النمو العادي أن لعبت عوامل التنشئة الاجتماعية دورا في إكساب الطفل وتعليمه اتجاهات مناهضة ومعادية لإحدى هذه الجماعات زادت المسافة الاجتماعية، ونما الاتجاه السالب وشُحن إنفعاليا وأصبح تعصبا مكتسبا ضد هذه الجماعة، وخاصة إذا علّمته جماعته أن الجماعة الأخرى تختلف عن جماعته في المعايير والقيم، وأن معايير جماعته هي الصحيحة ومعايير الجماعة الأخرى هي الخطأ . لظاهرة التعصب جذور تاريخية أيضا. فعلى سبيل المثال نجد أن الزنوج الذين أتوا من إفريقيا كرقيق منذ ثلاثة قرون مضت، كانت النظرة إليهم نظرة تحقير ودونية من قبل أسيادهم البيض، ومع الزمن أصبح الزنوج يطالبون بحقوقهم كمواطنين ويطالبون بالمساواة مع البيض، وأدرك البيض هذا على أنه تهديد لتفوّقهم ومكانتهم وسيادتهم. أضف إلى هذا وجود صفات جسمية ظاهرة أبرزها اللون الأسود مما يجعل الزنوج مختلفين عن البيض. وقد وُجد أنّ الشخص المتعصّب يفضّل استخدام العقاب الجسمي والانضمام إلى الأفراد المتطرفة الأقرب إلى الفاشية والساديّة، ويميل إلى صلابة الرأي والتكلّس والتسلطية، ويتّصف بجمود الفكر وجمود الإتجاهات وعدم المرونة، ويهتمّ بالمكانة الإجتماعية والقوة، ويتأثّر بسهولة بأصحاب مراكز السلطة، ويميل إلى العدوانية والقلق، إلا أنّه قد يكتمه، ويظهر مؤدّبا هادئا، ويسقط عدوانيته وقلقه على الجماعات التي يتعصّب ضدها . ونرى نحن علماء النفس، أن التعصّب يؤدّي وظيفة نسبية يتخلّص من خلالها الفرد ممّا يختلج في لنفسه من توتر وكراهية وعدوان مكبوت، وذلك عن طريق عمليتي الإزاحة والتعويض دفاعا عن الذات وعمّن يحبّه.