هو اتجاه نفسي جامد مشحون انفعاليا، وهو عقيدة، و حكم مُسبَقٌ، مع أو ضد، جماعة ما، أو شيء ما، أو موضوع ما. ولا يقوم على سند منطقيّ... ، أو معرفة كافية، أو حقيقة علمية (بل ربما يستند إلى أساطير وخرافات) وإن كنا نحاول أن نبرّره، ومن الصعب تعديله، وهو يجعل الإنسان يرى ما يحب أن يراه فقط، ولا يرى ما لا يحب أن لا يراه. فهو يَعمي ويَصُمّ ويُشوّه إدراك الواقع، ويُعدّ الفردَ أو الجماعة للشعور، والتفكير والإدراك، والسلوك، بطرق تتّفق مع اتجاه التعصّب. والتعصّب هو موقف معادٍ، ضدّ الجماعات الأخرى خاصة عندما لا يكون هناك تفاعل مباشر بينها وبين الجماعة التي ينتمي إليها الفرد المتعصّب. فالتعصّب حاجز يصدّ كلَّ فرد جديد، ويعزل أصحابه عن الجماعات الأخرى ويبعدهم عنها، ويترك أصحابه بمنأى عن التطور المتلاحق الذي تدفعه جهود البشر في كل مكان. والتعصّب عملية مكتسبة وليست فطرية، إذ لا وجود لغريزة تُسمّى غريزة التعصّب، ولكن هناك استعدادات للتعصّب، وهو كإتجاه نفسي وموقف ذهني، تحدّده المعايير والقيم الإجتماعية التي يتعلّمها الأطفال من والديهم ومعلّميهم، ومن وسائل الإعلام، وسائر عوامل التنشئة الإجتماعية دون نقد أو تفكير، فالتعصّب إذن نتاج إجتماعي لم يولد الفرد مُزوّدا به. فمن خلاله يستبطن الفرد المعايير الاجتماعية السائدة في جماعته التي تعبّر عن التعصّب ضد جماعة أو جماعات معينة، ويصير الفرد حتما مسايرا لجماعته في تعصّبها. ولا يتطلّب نمو التعصّب ضدّ الجماعة المكروهة بالضرورة وجودَ إحتكاك مباشر معها، أو المرور بخبرات أليمة مع أعضائها، إلاّ أنّه، من الملاحظ أنّ وجود مثل هذا الاحتكاك المباشر، يفتح عين الفرد إلى مثالب الجماعة المكروهة. والخبرات الأليمة تعزّز وجود التعصّب المكتسب في الجماعة التي ينتمي إليها الفرد. ويلعب التعميم دورا هامّا في تثبيت دعائم التعصّب ضد الجماعة بأسرها. ويمكن لأيّ كان ملاحظة أن الجماعات عندما تكون على بعد إجتماعي كبير، فإن بعض الصفات أو السمات المضادّة تلتصق بأعضاء هذه الجماعات، وبهذه الطريقة يظهر التعصب جليّا. أضف إلى هذا وجود أسباب وجذور التعصب التي ترجع إلى المراحل المبكرة من حياة الفرد. وللحديث بقية...