قد يكون لطعم السلطة مذاق حين تمارسها في إطار المعارضة أو التحالف أو كعنصر من عناصر المجتمع المدني، لكن حتما يكون مذاقها... مختلف وأنت السلطة ذاتها يا سيّدي الرئيس، إذ يهرع الجميع إليك يحيطونك أمنا من أمامك ومن خلفك ومن ذات الشمال وذات اليمين، يغرقونك في دفء السلام والإحساس بنشوة الطمأنينة، ويغدقونك أمنا وأمانا، وينفخون في أناك ويبدؤون في رسم صورة للعظمة تأخذ ملامحها فقط بعد أسابيع، وتكتمل مع نهاية السنة، بجنون هذياني محوره السلطة. فرجاء سيدي الرئيس لا تعبأ بما يرهبونك منه، وما يقصّونه عليك من قصص الإغتيالات، ليس المراد بها العبرة، وإنّما نوعا من التبعية لأمن فضفاض يربك مبادئك الإنسانية، ويفقدك حساسيّتك، ويحجب عنك صوت الشعب.. فقد تعوّدت سيّدي الرئيس طيلة عشرين سنة وأنا أشقّ طريقي من منزلي الكائن بجهة المرسى إلى مقرّ عملي بقرطاج أن أبقى في الإنتظار حتّى يمرّ موكب السيد الرئيس مدجّجا بالنمور السود وحال لساني يذكر ما قيل لعمر إبن الخطّاب حين وجده أحد الصحابة نائما تحت شجرة دون حراسة "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر". وها أنا ذا بالأمس وحين كنتُ في طريق العودة من معهد إبنتي علي الدوعاجي بالمرسى وفي إتجاه منزلي بحي الرياض، تعترضني نمورُك السود (علما وأنّني أنا من كنت أشرف على إنتدابهم ومتابعتهم وتقييمهم) وسيارات المرافقة الميدانيّة والدراجة النارية الشهيرة المنبئة والمهلّلة بمرور سيدي الرئيس، بعد أن تلاقينا في محلّ بيع الجرائد والمجلات منذ شهر وقد صافحتُك وابتسمتَ لي في تواضع ثم ركبتَ سيارتَك "البيجو 206" وتركتني أتذكّر ما قيل لعمر "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر"..